سياسة

“جون أفريك” تكشف خلفيات زيارة وزير الخارجية الأوكراني للرباط

قالت صحيفة جون أفريك الفرنسية إن تصريحات وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الذي حل أول أمس الاثنين بالمغرب كمحطة أولى ضمن جولة إفريقية يعتزم القيام بها، (قالت) إن تصريحاته بخصوص قضية الصحراء المغربية لقيت ترحيبا مغربيا بالنظر للتغطية الإعلامية القوية التي تتمتع بها كييف منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الوزير لم يأت إلى المغرب خالي الوفاض، إذ وصف دميترو كوليبا خطة المغرب للحكم الذاتي للصحراء بأنها “أساس جاد وذي مصداقية”. وقال أيضا “بالنسبة لنا في أوكرانيا ، السلامة الإقليمية هي مفهوم مقدس تماما” ، مضيفا أن “أوكرانيا والمغرب على حد سواء يعرفان قيمة السيادة والسلامة الإقليمية”.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن المديرة العلمية لمركز أبحاث AESMA، آديلين محمدي، قولها إن زيارة رئيس الديبلوماسية الأوكرانية تأتي “لإظهار النشاط الدبلوماسي لأوكرانيا خارج الحلف الأطلسي ، والتي لم تعد تركز فقط على حلفائها الحاليين”، وهو ما أشار إليه  دميترو كوليبا عند وصوله إلى الرباط بالقول إنه يريد “إشراك أكبر عدد ممكن من الدول الأفريقية في تنفيذ صيغة السلام”.

ولفتت الصحيفة إلى أن التصويتات المتتالية في الأمم المتحدة والتي أدانت الهجوم الروسي في أوكرانيا، أظهرت لجانبي الصراع نهاية الاصطفاف التلقائي للدول الإفريقية مع الغرب، إذ اختارت عدة دول أفريقية عدم التصويت على قرارات تورط موسكو. كما امتنعت بعض الدول عن التصويت أو صوتت ضدها أو اختارت ببساطة عدم المشاركة في التصويت.

هذا هو حال المغرب الذي لم يشارك في التصويت خلال قرار الأمم المتحدة الأول الذي يدين غزو روسيا لأوكرانيا في مارس 2022. وكانت الدبلوماسية المغربية راضية عن بيان صحفي مقتضب أكدت فيه “متابعته بقلق”. والقلق من تطور الوضع بين أوكرانيا والاتحاد الروسي “. إلا أن المملكة ستصوت في وقت لاحق لصالح قرار أكتوبر 2022 والأحدث في فبراير 2023 لصالح كييف.

وأشار “جون أفريك” إلى أنه في نهاية مارس 2022، شرع الرئيس الأوكراني ، فولوديمير زيلينسكي، في إقالة السفير الأوكراني في المغرب، فاسيليفا يورييفنا، الذي اتهمه بعدم الدفاع بشكل كافٍ عن المصالح الأوكرانية مع المملكة. وفي أكتوبر 2022 ، عين الرئيس الأوكراني سيرهي ساينكو كبديل له.

من جهتها، يضيف تقرير للصحيفة الفرنسية، حرصت الرباط منذ بداية الأزمة على الحفاظ على الحياد في الصراع. كما أشار ناصر بوريطة أمس الثلاثاء إلى أن “المغرب لا يشارك بأي شكل من الأشكال في الصراع في أوكرانيا”.

وتعلق آديلين محمدي على ذلك بالقول: “المغرب يؤكد موقفه المتوازن إلى حد ما دون إبداء أي دعم واضح، حتى لا يعطي انطباعًا للأمريكيين بأنه يميل أكثر إلى جانب روسي، ودون أن يتسبب ذلك في أي مشكل في علاقاته مع موسكو”.

وأضافت أن الدبلوماسية المغربية “براغماتية” وتسترشد أيضا بالقضايا الاقتصادية، إذ إن “المغرب، الذي يسعى إلى تجنب الاعتماد على القمح الفرنسي، هو مستورد رئيسي للقمح من دول البحر الأسود. وهذا يشمل أوكرانيا، وكذلك روسيا، التي تمتد معها طموحات التعاون إلى قطاعات أخرى، مثل الطاقة النووية. يضاف إلى ذلك العلاقات التجارية بين روسيا والمغرب والتي ازدادت على مدى السنوات العشرين الماضية مع زيادة في واردات الديزل الروسي حالياً وفق ما أوردته الصحافة الأمريكية”.

وزاد المصدر ذاته أنه من الواضح أن توقيت زيارة وزير الخارجية الأوكراني ليس بالأمر الهين، لأنها تأتي بعد ثلاثة أيام من وصول فولوديمير زيلينسكي المفاجئ إلى جدة في 19 ماي لحضور قمة جامعة الدول العربية، بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. حدث تميز أيضًا بعودة الرئيس السوري بشار الأسد المطرود من التنظيم عام 2011.

وأعرب الرئيس الأوكراني عن أسفه لأن العديد من الدول، بما في ذلك الدول الحاضرة، “تغض الطرف عن عمليات الضم غير القانونية” ، في إشارة إلى جزء من بلاده الذي استولت عليه روسيا.

لذلك، يضيف المصدر، تسعى أوكرانيا إلى جذب الدول العربية التي يميل بعضها إلى جانب موسكو بشكل علني، وتود أن تفعل الشيء نفسه مع إفريقيا. في حالة المغرب على وجه التحديد ، من الصعب معرفة ما يأمل كييف الحصول عليه بشكل ملموس، وما قد تكون عواقب الإيماءة التي تم إجراؤها في اتجاه الرباط.

وقالت الصحيفة الفرنسية: “ما هو مؤكد هو أن أي دولة تؤدي إلى تقارب مع المغرب تميل، بشكل تلقائي تقريبًا، إلى الابتعاد عن الجزائر. ومع ذلك، في حالة أوكرانيا ، فإن هذا الخطر ليس خطرًا حقيقيًا: الجزائر، التي لم تتفاعل مع الزيارة ولا على تصريحات الوزير الأوكراني لجارتها، لا تزال حليفًا تاريخيًا لروسيا، وصوتت بشكل ملحوظ ضد استبعاد موسكو من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

وقالت الصحيفة في ختام تقريرها إن الأنباء التي وردت بخصوص لقاء سفير الرباط في موسكو نائب وزير الخارجية الروسي ، سيرجي فيرشينين لا علاقة له باستقبال وزير الخارجية الأوكراني في الرباط، حيث كان الاجتماع الذي انعقد، أمس الثلاثاء، تم بمبادرة من السفير وأن المواشيع التي تمت مناقشتها هي تلك التي يناقشها الطرفان بانتظام، من قبيل العلاقات الثنائية بشكل عام، والتصويت المستقبلي في الأمم المتحدة، وقضية الصحراء المغربية.

وكان وزير الشؤون الخارجية والمغاربة المقيمين بالخارج، والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة، قد أكد خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الأوكراني “دميترو كوليبا”، الإثنين بالرباط، أن “العلاقة مع أوكرانيا مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون في مجموعة من الميادين، واليوم قررنا أن نعمق هذه العلاقة ونطورها بشكل أكبر”.

وأضاف بوريطة “سنرى الإطار القانوني والمؤسساتي لتنميتها في كل الميادين، كالجانب الانساني والتكويني، وجوانب أخرى كالاقتصاد والتعاون ضد الجريمة المنظمة وفي المجال الأمني، وغيرها…”.

وأوضح المتحدث، أن الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأوكراني للمغرب، تأتي في إطار جولة إقليمية سيقوم بها إلى عدد من الدول الإفريقية، كما أنها هي الأولى للمملكة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ 30 سنة، وهي أول زيارة لوزير خارجية أوكرانيا للمغرب.

وأكد بوريطة أن موقف المغرب من الحرب الأوكرانية الروسية قائم على مبادئ تؤمن بها المملكة وتنسجم مع القيم التي تؤمن بها في العلاقات الدولية، مضيفا أن هذه المبادئ تتجلى في احترام سيادة ووحدة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعدم استعمال القوة لحل النزاعات واللجوء إلى الحلول السلمية، خاصة بين الجيران، علاوة على احترام المرجعيات الموجودة في قرارات وميثاق الأمم المتحدة الجمعية العامة حول الحرب الأوكرانية.

وشدد وزير الخارجية المغربي على أن “المغرب كما قلت أكثر من مرة ليس طرفا في الحرب لا بشكل ولا بأخر ولكنه معني بها على اعتبارها تمس الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين وبالنظر لتبعات هذه الحرب وانعكاساتها الاقتصادية على مجموعة من الدول ومنها المغرب”.

وأوضح بوريطة أن “المغرب لديه علاقات جيدة مع روسيا وأيضا مع أوكرانيا ويدفع في إطار حل سلمي لهذه المشكل”، مشيرا إلى أن المغرب يرحب بمبادرات إيجاد حل سلمي، حيث قال “أخذنا علما بمبادرة الرئيس الأوكراني لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية الروسية، والمغرب، أخذ علما بعناصر هذه المبادرة”.

وأبرز بوريطة أن المغرب يحذر من كثرة المبادرات التي ستصعب الحل السلمي، حيث إن هناك اليوم ما بين 5 و6 مبادرات، لكنها يمكن أن تخلق صعوبات أكثر من أنها تسهل إيجاد الحل.

في سياق آخر، أكد وزير الشؤون الخارجية والمغاربة المقيمين بالخارج، أنه اتفق مع نظيره الأوكراني على تعزيز التنسيق بين البلدين، وإحياء آليات الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي، وتقوية العلاقات المغربية الأوكرانية في كل المجالات.

وأشار بوريطة إلى أنه تحدث مع نظيره الأوكراني “ديميترو كوليبا” حول وضعية الطلبة المغاربة الذي كانوا يدرسون في أوكرانيا، حيث تعهدت الحكومة الأوكرانية بإيجاد حل لهم، مشيرا إلى أنهما تحدثا في التفكير في إعادة التمثيلية الدبلوماسية إلى كييف في أقرب الأوقاف لضمان استمرار عملها الدبلوماسي والقنصلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *