وجهة نظر

قراءة في مقال إلياس العماري حول المصالحة

بغض النظر عن الكاتب الحقيقي لمقال إلياس العماري، شخصيا ورغم أنني لا أستبعد منطق المكر والمناورة ، وددت لو أن النقاش ذهب إلى عمق الأفكار المطروحة وليس إلى الشكل، فالكثير من الزعماء يكتب لهم وينطق باسمهم.

كما قلت سابقا، الأحزاب الإدارية أنشئت لتحكم ، ولم تنشأ لتعارض.

عارضت الخمس السنوات السابقة لاعتقادها أن مرور موجة الربيع العربي، وشجاعة القيام بالإصلاحات الضرورية الكبرى ستجر حزب العدالة والتنمية إلى خارج الحكم، لكن خاب مسعاها لأنها لم تراع فطنة الشعب المغربي الذي تغير في عمقه، لم يكن يهتم بالسياسة لاعتقاده بفسادها الكبير، فأصبح الآن يفعلها لاعتقاده بإمكانية التغيير والإصلاح، وجدد ثقته في حزب العدالة والتنمية وفي زعيمه رائدا للإصلاح.

إذن ما هي استنتاجات قراءة “مقدمات في حاجتنا إلى مصالحة “

أولا، لا يمكن فصل هذا عما يقع في حزب الأحرار، وخروج مزوار مضطرا من رئاسة الحزب، أئذا كان الخيار بيده، أكان سيترك منصب وزارة شبه مضمون|؟

طلب المصالحة، يعني فشل سياسة المكر والاحتيال والكذب والبهتان، المغاربة فطنوا وفهموا، “عاقوا ” كما نقول بالدارجة|.

الاستنتاج الأول هو الرمي بأحزاب الكتلة – وبعد ظهور إمكانية تحالفها مع العدالة والتنمية-إلى مزبلة التاريخ عبر التأكيد أن الشرعية التاريخية كانت في خبر كان، لفسح المجال لمشاريع جديدة.

ثانيا، التأكيد على أن منطق اليمين واليسار، هو منطق بائد والدليل هو حزب الجرار نفسه الذي يجمع بين سجناء ومناضلي حركتي 23 مارس وإلى الأمام الماركسيتين، وبين الفيوداليين والأعيان وخدام الدولة.

ثالثا، طرح موضوع “المصالحة الشجاعة بين مقومات أصالة حضارتنا”، وهذا يظهر أن هذا الحزب ولحد كتابة سالة المصالحة هاته ، كان يحارب الأصالة التي كان يحمل منها إلا الاسم لذر الرماد في العيون، وهو يريد الآن مصالحتها، أهي توبة بعدما ظهر أن رفع شعار “ضد أسلمة المجتمع” لم يجن شيئا.

إلياس العماري وقادة البام، وجب أن يفهموا أن حزب العدالة والتنمية لا يطالب بأسلمة الدولة، ولا أسلمة المجتمع، ولا أسلمة البرامج، لماذا؟

المملكة المغربية دولة إسلامية، -وليست فقط مسلمة ما يريد السي إلياس- وهذا مكتوب في ديباجة دستور 2011 وهذا يكفي.

المغاربة شعب أصيل، متشبث بأصوله وأصالته وتدينه راسخ ولا يمكن أن يطعن فيه، ولم يكن قط على خصام مع كل هذا ليتصالح معه، ولما يخطئ المغربي أو يعرف أنه يقوم بفعل ينكره العرف أو المجتمع يقول لك وبكل شجاعة ‘الله يتوب علينا وعليك، أو الله يعفو أو غير ذلك من الكلمات”.

رابعا، يظهر أن هناك ما يوحي بضرورة تجميع كلمة المغاربة على كلمة سواء، نظرا للمعركة التي يخوضها المغرب من أجل صحرائه وهنا يجب تغليب منطق مصلحة الدولة على مصلحة حزب لطالما أوهم الناس أنه هو والدولة سواء ، وأنه يتحكم في بعض رجالاتها ، لكن انتفاضة السياسيين ظهرت مع بروز نتائج الانتخابات، وانتفاضة أعوانها آتية لا محالة.

خلاصة القول، إذا كان إلياس العماري يطرح المصالحة الشجاعة، وبما أنه ذكر هيأة الإنصاف والمصالحة فلنحذحذوها وليعترف.

ليعترف بإرادة التحكم والقفز على الإرادة الشعبية، ليعترف بالاستعانة بأعوان الدولة في التأثير على الناخبين، ليعترف بما ناله البعض من تهديد وتخويف وترهيب وضرب للمصالح وهلم جرا.

 ثلاث شروط إذن لمصالحة حقيقية، الاعتراف والندم حتى يتبين الأمر، الإقلاع الفوري حتى يتغير السلوك، عدم العزم إلى الرجوع  حتى لا تكون مجرد مناورة.