حوار في العمق

الحلقة الكاملة من”حوار في العمق” مع رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان آمنة بوعياش

متتبعو جريدة العمق المغربي الإلكترونية، السلام عليكم، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم حوار في العمق.

هل صحيح أن المغرب يعيش ردة حقوقية، وأن تقارير وتدخلات المجلس الوطني لحقوق الإنسان فقدت الكثير من البريق والنجاعة؟ هل يحترم المجلس الوطني لحقوق الإنسان هويته التعددية والاستناد على المرجعيات الوطنية والكونية أم أن هذه المبادئ عرفت بعض الاهتزاز؟ هل تظلم التقارير الدولية المغرب على المستوى الحقوقي أم أن واقع الانتهاكات عصي عن الاخفاء والتلميع؟ أي صورة يرسمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن الحقوق والحريات بمختلف ربوع المملكة؟ وما جديد ملفات حراك الريف، اعتقال الصحفيين والمدونين وغيرها من قضايا وحقوق المعتقلين والسجناء؟ هذه الأسئلة وغيرها نناقشها مع السيدة أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

الأستاذة أمينة بوعياش، تفضلي.

_مرحبا بك لالة أمينة في ضيافة برنامج حوار في العمق.

_مرحبا.

_لتكن البداية من التقارير التي تتكلم عن الوضعية الحقوقية على المستوى الداخلي، يمكن أن نتحدث عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نموذجا وغيرها، يتحدثون عن ما يشبه الردة الحقوقية والتضييق والقبضة الحديدة، وهو الخطاب الذي كنا نقول بأننا قطعنا معه في فترة التسعينيات، هل تتفقين أم تختلفين؟

_أظن أن الأمر لا يتعلق باختلاف أو اتفاق، بل يرتبط بالتقييم والتقييم الموضوعي لما نعيشه، هذا هو الموضوع الأساسي. تكون تقارير الجمعيات مختلفة بطبيعة الحال، حسب الاختلافات والمرجعيات الايديولوجية والمرجعيات السياسية والغرض من التقرير، ونحن لا ندخل في هذا النطاق، فنحن مؤسسة دستورية خاضعة لمبادئ لباريس، ولتوصية قرار الأمم المتحدة، همنا الأساسي، كي يدرك ذلك الرأي العام والمتتبعين، هو أننا مؤسسة لحقوق الإنسان تشتغل ما بين الدولة والمجتمع، والمجتمع والأفراد، هذه هي حلقتنا التي نعمل عليها، والتي نهتم بها ونستمع إليها ونلاحظها ونسجلها؛ ونقدم ما نقوم به عن طريق آرائنا ومقترحاتنا وتقاريرنا السنوية والتقارير الموضوعاتية، وبالاستشارة الدائمة، فمنذ أن توليت الرئاسة، نقوم باستشارة الجهات الاثنا عشر للمملكة في كل القضايا الكبرى، وبالتالي تقييمنا، ليس هو الردة بطبيعة الحال. هناك جمعيات تقول الردة منذ إحداثها إلى اليوم، لكن أنا كفاعلة حقوقية مغربية وطنية مهتمة بما يجري ببلدي، أعمل على أن تكون الأمور تتماشى وتتطور لاكتساب حقوق الإنسان. مثلا، القضايا الهامة بالنسبة للمجتمع المغربي اليوم ليست نفس القضايا الهامة سابقا في الثمانينات وقبل إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، هل نستمع اليوم إلى قضايا التعذيب والاختفاء القصري أو الاعتقال التعسفي؟

_تقولون إذن بأن هناك تطور موضوعي.

_حتى الحالات التي سجلناها في التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، هناك حالات وفايات بمخافر الشرطة، حالة أو حالتان، وكانت هناك متابعة قضائية وأحكام قضائية واضحة بشأنها، إذن دولة القانون هي الأهم بالنسبة لنا، وهي التي تحدد التقييم: هل تم تطبيق قواعد دولة وحكم القانون؟ هنا أذكر أمران: الكثير منا سمع نقاش دولة الحق والقانون، في العربية هناك مفردات وتعابير كثيرة، بالفرنسية هناك مفردتان فقط، وفي الانجليزية التي هي قوة حقوق الإنسان نجد:ruls of Law، ويمكن أن نترجمها بدولة حكم القانون أو بحكم القانون، ما هي؟ هي ثلاثة أمور أساسية، أولا، المساواة، أي الجميع خاضع للقانون، ألا نسجل ذلك؟ اليوم هناك متابعة قانونية وقضائية لسياسيين ومقاولين ولمستعملي الشطط في السلطة، هل هذه ردة أم تطور؟ بالنسبة لنا هذا تطور، هذا البند الخاص بدولة القانون يطبق. ثانيا، مشاركة المواطنين في الشأن العام، ألا يشارك المواطنون في الشأن العام؟ يشاركون في الانتخابات، يؤسسون جمعيات غير حكومية، لديهم الآليات التشاركية.

_يطرح هنا سؤال الشفافية وكيفية المشاركة، واستعمال المال…

_استعمال المال ليس من مسؤولية الدولة أو المؤسسات، إلى جانب ذلك اليوم، هناك مؤسسات واضحة، عندما تقرأ الدستور وتجد كيف يتم التعامل مع المؤسسات، هي مؤسسات واضحة، هناك التي تشتغل في حقوق الإنسان، هناك التي تشتغل في الحكامة، هناك التي تشتغل في الأمن الوطني وغيرها… هي مؤسسات واضحة للرأي العام، وهو يسائلها أو يتابعها. نحن في مرحلة مهمة جدا، فأين هذه الردة؟ أين كنا وإلى أين وصلنا اليوم؟ ثالثا وهي مسألة مهمة، كيف ونحن في مسارات دولة حكم القانون نطور تحصين الحقوق والحريات؟ وهو الإشكال الذي يطرح اليوم بشكل كبير في المغرب. الحقوق والحريات اليوم هي حريات جديدة وقضايا جديدة، وحقوق جديدة، إذن، كيف يتفاعل معها المجتمع كي نضمنها ونحصنها؟ لأننا دخلنا في هذا المسار، هل سنتخذ قرارات تشريعية لأنها موجودة على كل حال مجتمعيا؟ أو سنترك الأمور تصل لمستوى آخر؟

_مثلا موضوع اعتقال الصحفيين، والقضايا المتعلقة بالرأي والحرية، هذه هي القضايا التي ركز عليها زملاءك إلى حدود الأمس القريب في هذا المجال.

_هناك مستويان، أولا هناك اليوم اعتقالات مرتبطة باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، هناك ثلاثة حالات، وأعتبر بأن التقييد في هذا الباب بدون جدوى، وهناك حالات أخرى نربطها بصفة الصحفي، لكن العلاقة بالأساس ليست صحفية، فأساس المتابعة ليس على أساس الصحافة، هل المغاربة الذين يمتلكون شبكة علاقات، ويسلبون حق الآخرين، يجب أن يعفو من المتابعة القانونية؟ خاصة في حالات العنف الجنسي والاغتصاب، وهي أشياء لا يمكن أن يتغاضى عليها المجتمع المغربي، أنا أعتبر أن ما وقع لطفلة تيفلت وتعبئة المجتمع الذي كان صامتا، فالتعبئة التي تمت في حالة هذه الطفلة لم تتم في حالات أخرى. ذاك الموضوع لم يكن يتطلب التعبئة (في إشارة إلى ملف الصحافيين المتابعين في ملفات غير مرتبطة بالصحافة)، لكن هذا الموضوع يستحق التعبئة، وكانت تعبئة قوية جدا، بحيث يسائلون القضاء من حيث الإنصاف والعدالة للفتاة والطفل، وليس الوصاية عليها.. هذه هي الرسالة القوية التي توضح لنا بأن حقوق الإنسان تتطور.

_لنقل أنه لا توجد ردة حسب تقييمك، وأن هناك تطور، ونحتاج لتقييم موضوعي وفق تعبيرك، لكن ماذا عن التقارير الدولية؟ تقرير الخارجية الأمريكية مثلا، هل هي بدورها غير موضوعية؟

_أظن بأن الصحافة المغربية قدمت أشياء عن تقرير الخارجية الأمريكية ولم تقدم تقرير الخارجية الأمريكية حول المغرب، قدمت بعض النقط، بينما التقرير في كليته ليس تقريرا سلبيا، هناك اشكاليات نطرحها نحن. عندما يقال تقرير أسود… يعني!! ليس موجودا! هناك أشياء نطرحها وندبرها، لكنه ليس بتقرير أسود، هو تقرير أخذ من عدد من المصادر وقام بتحليله. التقرير الأمريكي ليس تقريرا أسودا، وليس تقريرا يؤكد الردة، أبدا! يجب أن تطّلع على التقرير الأمريكي بأكمله، في نسخته الانجليزية، وسترى بأن ما يقدمه خاضع لتسلسل معين وأنه يطرح اشكالات نتحدث عنها نحن أيضا في تقاريرنا، مثل التدخلات والاعتقالات في بعض الأحيان. وكما قلت لك هناك فرق بين الاعتقالات التي تمت في حق ثلاثة أشخاص بسبب شبكات التواصل الاجتماعي مع الاعتقالات الأخرى، هذه كلها اشكاليات تطرح ونطرحها نحن أيضا بكل شفافية.

_طيب، هناك تقرير الخارجية الأمريكية، وتقرير مراسلون بلا حدود في جانب حريات الرأي والتعبير والصحافة، أيضا “freedom house” ومنظمة العفو، وغيرها، هل ترون بأن معايير هذه التقارير المنجزة حول المغرب موضوعية؟ هل ترون فيها نوعا من التحامل أو أنها غير دقيقة؟

_لا أود التعليق على تقارير الآخرين، ولكنني أقول إن المعطيات التي قدمتها مراسلون بلا حدود، وكما صرحت سابقا، هي ليست معطيات عن هذه السنة، بل هو تقرير يشبه السنوات الماضية، بمعنى أنها لم تراعي الاشكالات الجديدة وكيف تطورت وتم تدبيرها، ثم ما هي النقاشات الحالية، هو تقرير غير محين، تجد نفسك أمام أمور كهذه !نحن في المجلس الوطني نمتلك علاقات تفاعل ونقاش وتبادل معلومات، نتحدث معهم بنفس المنطق الذي أحدثك به، هذا الأمر موجود وهذا غير موجود، ليست كل الحالات إما أبيض أو أسود، وليست كل الحالات صحيحة أو خاطئة، لأن في حقوق الإنسان نسجل الحالة ونقوم بالتقاطعات الضرورية ثم نبحث عن كيف نكيفها. تكييف حقوق الإنسان أساسي، لما نقوم بهذا التكييف؟ هذه قوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يمكنك التكييف من معرفة أين تحديدا يجب أن تتدخل؟ من أي زاوية ومن أي نقطة؟ تود القيام بالترافع أو حماية الضحايا، هذا التكييف يمنحك القوة في ترافعك مع السلطات وليس أن تنطلق من التعميم.

_البعض يسجل تصاعد الخطاب الحقوقي لدى العديد من المؤسسات كانت إلى وقت قريب هي المعنية بهذه الانتقادات، من قبيل النيابة العامة، المديرية العامة للأمن الوطني، فالبعض يتساءل: هل سحب بساط الدفاع عن حقوق الإنسان من تحت المجلس؟ أم أن هذا ثمرة تعاونكم معهم؟

_ليس هناك سحب للبساط، فمهامنا ليست مهام المديرية العامة للأمن الوطني، وليست مهام النيابة العامة. نحن سعداء جدا وفرحون ونتفاعل بخصوص أن يمتلكوا خطاب حقوق الإنسان، فالنيابة العامة لديها مهمة حماية المواطنين، الأمن الوطني كذلك، بالتالي نحن نشتغل وندافعكي يكون هناك نظام وطني لحقوق الإنسان، فالأمن الوطني والنيابة العامة ونحن جزء من هذا النظام.يوجد نظام وطني لحقوق الإنسان عبر العالم، هذا النظام يضم هؤلاء الفرقاء، ويشتغلون جميعا لحماية حقوق الإنسان وتطويرها، ولا يتعلق الأمر بسحب البساط، فنحن لا نتنافس، بل نتعاون كي يتمتع المواطن أينما كان بحقوقه، سواء لجأ للمحكمة، أو تم اعتقاله من طرف الشرطة أو الشرطة القضائية، يجب أن يجد منطق حقوق الإنسان. على المواطن المغربي والفاعلين أن يفهموا أن هذا هو الغرض من الاشتغال، وليس المنافسة أو الصراع، بل العكس. ما معنى الاتفاقية التي قمنا بها مع المديرية العامة للأمن الوطني؟ هي أننا قمنا في الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بعدد من الزيارات، وسجلنا بأن هناك اشكالات، يجب أن نحلها، كيف ذلك؟ نحلها أولا من خلال تعزيز القدرات، ولدينا برنامج خاص بتعزيز القدرات، هناك أيضا برنامج تجول الضباط والتفاعل معهم، هؤلاء أشخاص لديهم مهام ومسؤوليات، وقواعد خاصة بهم، فنحن نحدد كيف لهذه القواعد أن تعتمد على مبادئ حقوق الإنسان. يجب على الرأي العام أن يفهم بأنه لا يوجد صراع.

_لقد كانت هذه المؤسسات تاريخيا هي المسؤولة عن هذه الانتهاكات.

_هذا تحديدا ما تحدثت عنه في دولة حكم القانون، بمعنى أننا اليوم أصبحنا أمام مؤسسات، ولم يعد الأمر متعلقا ب “كل واحد يدير ما بغى”، وهو ما نسميه الآن بالمحاسبة العرضانية، وهو مفهوم قوي لدى أمريكا وأمريكا الجنوبية، أي transversale responsability، الآن المؤسسات تتشابك بشكل عرضاني كي تمكن من احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان.

_هذه الآلية المرتبطة بمكافحة التعذيب، ما الأمور التي سجلتموها ونقلتموها للأمن الوطني؟ أي، ما هي الاشكالات؟ هل هناك نفس أنماط التعذيب القديمة؟

_ لا نقول مكافحة التعذيب بل الوقاية من التعذيب، فالمهام مختلفة بشكل كبير جدا. لقد قمنا بزيارات عديدة لمخافر الشرطة والدرك الملكي والمطارات والمحاكم ومراكز الأمراض العقلية والمؤسسات السجنية… رصدنا إشكاليات في التدبير وإشكالية الموارد البشرية والفضاءات التي لا تنطبق عليها معايير أنسنة الحراسة النظرية. اليوم، هناك برنامج لإعادة هيكلة مخافر الشرطة لتعتمد هذا النمط في التدبير، أي أن تتوفر على الترجمة والتطبيب والولوجيات والتهوية… أي توفير ظروف إنسانية للاعتقال. أظن أننا تقدمنا بشكل كبير فيما يخص محاضر الاعتقالات، يمكن أن نقول إن 90% من الأمور تسير بشكل جيد.

_تطرح الفضاءات الرقمية والتطورات التكنولوجية نوعا من التحديات، مثل الأخبار الزائفة، التضليل، الكراهية، فما مقاربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتدبير هذه الفضاءات؟ تحدثنا قبل قليل عن المدونين وقلتم إنكم ضد التقييد، فما المقاربة الممكنة؟ يقول البعض إن القوانين التي تؤطر الحياة العامة يجب أن تؤطر أيضا الفضاء الافتراضي.

_من غير الممكن ذلك، لأن الفضاء الرقمي لا يمكن تقييده، لا يوجد أي خوارزمية يمكن أن تقيد. الإشكال يكمن أساسا في جانب تضليل الناس، ويرتبط بثلاث مستويات: الأخبار غير الصحيحة بحسن نية، والأخبار غير الصحيحة الخطرة، وهي التي تقول أمورا غير موجودة بالأساس وتضخمها.هناك في هذا الجانب حلان أو ثلاثة حلول، أولا يجب أن نقيد قانونيا الإشكالات التي يمكن أن يترتب عنها الهلع الاجتماعي والصراعات، والمتعلقة أساسا بخطاب الكراهية وخطاب التمييز والدعوة إلى العنف، هذه الأمور لا يجب التساهل معها.

_البعض يلاحظ على عمل المجلس أنه يركز على عمل الحكومة والمجتمع ويستثني الدولة، أي المؤسسات التي تكون مسؤولة عن مراتب المغرب المتأخرة في حرية التعبير والصحافة.

_ما هي الدولة؟

_مؤسسات في الدولة، أي نتحدث عن المؤسسات غير المنتخبة، كالأمن الوطني والدرك والنيابة العامة.

_نسائل النيابة العامة من حيث ما تقوم به في حالة الاعتقال، نلاحظ المحاكمات انطلاقا مما قامت به النيابة، ما هي مرجعيتنا؟ الدستور وحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، وننظر للقانون في علاقته بالتطبيق، النيابة العامة تقول أنا أطبق القانون، لكن عندما نلاحظ نحن نحدد حينها هل تم تطبيق القانون والمسطرة أم لا، لكن ما يهمني هو عدم تلاؤم هذه المقتضيات مع الالتزامات الدولية للمغرب والاتفاقيات التي صادق عليها، إذن ليست مهمتي أن أقول للنيابة العامة أنت لم تقومي بعملك، بل أن أسجل هل تقوم بعملها بشكل متطابق مع الاتفاقيات الدولية أو أن المسطرة لم تحترم. الأمن الوطني مثلا، المراقبة تتم سواء عبر ملاحظة الاعتقال أو الحراسة النظرية، هل هناك استعمال للعنف أو تعذيب أو معاملة قاسية، هذا هو دورنا.

_كانت النيابة العامة، في وقت من الأوقات، تأتي للبرلمان للمساءلة.

_الآن هي مؤسسة مستقلة مثلنا نحن المجلس الوطني حيث لا نذهب للبرلمان، لأن هناك قرار للمحكمة الدستورية بأن لا نشارك في النقاشات السياسية للبرلمان. نقدم تقاريرنا، يناقشها السادة نواب البرلمان.

_هذا الموضوع أثار نقاشا كبيرا على المستوى الأكاديمي والبحثي، كيف لمؤسسات تمول من مال الدولة وتحضر في قانون المالية، تحظى بموظفين وميزانية، وفي نفس الوقت لا تأتي للبرلمان ولا تقدم تقارير؟

_لا، تقدم تقرير لكن لا تُساءَل من طرف السياسيين، سأعطيك مثالا، وهذا ينطبق على العالم بأسره تقريبا، يوجد في البرلمان إيديولوجيات متعددة، هل سنتصارع مع الايديولوجيات؟ هل هذه الايديولوجيات ستفهم دور المجلس المتمثل في الملاءمة مع الاتفاقيات الدولية في كل أعماله؟

_البعض يقول إن للمجلس بذاته ايديولوجية، وهذا الجانب سنعود إليه فيما بعد، لكن الأمر يتفهم، لأنه يجب أن يكون في مستوى…

_من كانوا في الحكومة السابقة يقولون بهذا القول، وذاك شأنهم.

_يرى البعض أن التقارير السنوية والآراء فقدت جاذبيتها، فهل هذا صحيح فعلا؟ ويصنفها البعض ضمن خانة “les faits divers”.

_أظن أن المجلس الوطني لم يقدم تقريره منذ سنة 2010، لما وصلت إلى المسؤولية..

_نقصد الآراء أيضا.

_انتظر، لم يصدر عن المجلس أي تقرير منذ 2010 وإلى حدود سنة 2019، التقرير السنوي هو الوثيقة الأساسية للمجلس، لأنها تقدم للرأي العام والفاعلين والمقررين في السياسات العمومية الصورة الحقيقية للوضعية. هناك تقرير سنوي دوري، وتلقينا بفضله تهنئة كبيرة وتقدير قوي من طرف المنتظم الدولي، بدأ من المفوضية السامية وصولا إلى الأمم المتحدة بنيويورك. ثانيا آراؤنا ليست آراء قانونية أو ثقافية، بل أراء عقلانية. تطرقنا لموضوع الصحة، وحددنا الإشكالات، تطرقنا لموضوع التعليم، الماء، مناهضة العنف، الأطفال، المهاجرين… انتقلنا من منطق العام إلى الدقيق، منطقنا اليوم هو فعلية الحقوق، ما معنى ذلك؟ أي تجاوزنا أن نناقش الاشكالات انطلاقا من الجانب القانوني التشريعي، وامتدت مقاربتنا إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. بالتالي، آراؤنا ليست شعارات، بل تقدم أمورا دقيقة جدا.. في الصحة مثلا نقول بأنه من اللازم إعادة النظر في العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص، كي نوفر ولوجية المواطن للصحة، يجب أن نفهمها ونسطر عليها ونعيد فيها التفكير. تطرقنالمسألة الموارد البشرية، ومسألة تدبير الموارد المالية الموجودة بشكل فعال لضمان ولوجية المواطن للصحة. وصلنا إلى البحث في اشكاليات دقيقة، لقد تقدمنا، لم يبق هناك شعارات. ما الجديد الذي ستقدمه كي تستطيع الحكومة أو هذه المؤسسة أو تلك أن تشتغل. وأظن أننا عندما نتابع عددا من القرارات الحكومية تظهر لنا آثار المجلس.

_هل تشركين المعنيين في إعداد التقارير أم تستفردين بهذه العملية؟

_قراءتي الأخيرة ضرورية، لدينا مجموعة اجراءات، ننطلق من إشكال معين، نبدأ النقاشات الأولية، والتي تضم استشارات مع أطراف عن الميدان، الجمعيات والنقابات والمقاولات مثلا والمسؤولين، ثم بعد ذلك نصيغ المشروع ونخضعه للمناقشة في الجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ لا يوجد أي تقرير صدر دون مناقشته من طرف الجمعية العامة للمجلس.

_البعض يلاحظ تغييرا في المضامين، وكأنها تقدم الفهرسة في بعض المحطات أكثر من المضامين.

_أولا نقوم بوضع الفهرسة، ونناقشها مع الجمعية العامة للمجلس، ثم نعود للمصادقة على المضمون. هناك ايضا مكتب المجلس الذي يكون حاضرا، وأنا أصوغ، ننشئ مجموعة تضم أعضاء الجمعية العامة ونناقش ما يجب تعديله، ونصوغ. ولكن من الضروري القيام بقراءة لملاحظة مدى انسجام التقرير مع ما تم مناقشته في الجمعية العامة، وما تم أخذه من توصيات من الواقع.

_على مستوى العلاقة مع البرلمان، هل تراجع التعاون أو توقف؟

_لا، أولا، هناك إحالات أكثر من طرف الحكومة، مثلا أحيل علينا قانون الصحافة والنشر، والمسطرة الجنائية، والمسطرة المدنية، والعقوبات البديلة، وهيئة محاربة الرشوة، وقانون الحماية الاجتماعية، وقانون المتاحف… هناك عدد من القوانين اليوم التي تطلب فيها الحكومة رأينا قبل أن توجهها للبرلمان، فمثلا قانون العقوبات البديلة الذي نوقش خلال المجلس الحكومي السابق، أخذ بالعديد من توصياتنا وضمنها في مشروع القانون.

_تحدثتم عن قانون الصحافة والنشر، هل طلب رأيكم في موضوع اللجنة المؤقتة والنقاش المثار حول عدم دستوريتها؟ هل لديكم أي تعليق حول هذا الموضوع؟

_أظن بأنه كان من اللازم أن تجرى انتخابات، لم تجرى لأسباب لم أتتبعها بالتدقيق، لكن المبادئ أهتم بها. ثانيا، لا بد من آلية تعمل على متابعة مجال الصحافة بما فيه البطائق، لا يمكن إيقافها، إشكالية الأخلاقيات والتحكيم، لا يمكن إيقافها. تلزم آلية معينة لتتبع التسيير العادي في انتظار أن نحل ‘شكالات الانتخابات، أظن أن الموضوع في هذا الحدود وليس أكثر من ذلك.

_ذكرتم العقوبات البديلة، هناك نقاش حول السلطة التقديرية للقاضي، لاحظنا في حالات سابقة أنه كان من الممكن متابعة أشخاص في حالة سراح لتوفرهم على ضمانات، وهم معروفون، ولكن لم يتم ذلك.

_للقضاة قانون يعتمدون عليه في تقديرهم. مثلا هناك حكم من سنة إلى خمس سنوات، كل قاض وكيف سيقدر، نحن ننظر للأمر من جانب الإنصاف، كنا قويين في موضوع العقوبات البديلة، لأن هناك قضايا لا تتطلب السجن والاعتقال وتتطلب حلول أخرى اجتماعية وحلول مرتبطة بالشأن العام، وقدمناها في الرأي.

_رفعتم ثلاثة شعارات: الوقاية، الحماية، والنهوض، إذا أردنا أن نتحدث عن حصيلتها في عناوين بعد أربع سنوات من ترأسكم للمجلس.

_الوقاية من أهم الأشياء، ونجحنا كثيرا في الوقاية في مراكز الحرمان من الحرية، هناك تفاعل قوي من طرف المؤسسات المعنية بهذه المراكز، والاستجابة مع توصياتنا تبلغ ما بين 85 و90%، وهو نجاح مهم جدا. لقد عدت منذ يومين من اجتماع اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، وتشاركت معهم التجربة المغربية، بما فيها الاتفاقية التي قام بها المجلس، والتي اعتبروها متفردة بين مؤسسة وطنية وإدارة الأمن الوطني. نجحنا في جعل توصياتنا معتمدة، ونجحنا كذلك في إعمال اتفاقيات مع المسؤولين، خاصة إدارة الأمن الوطني. هناك أيضا اتفاقية مهمة جدا مع إدارة السجون، هناك تفاعل قوي من قبل الدرك الملكي مع التوصيات والتقارير… ثانيا، استبقنا عدة إشكالات فيما يخص العنف ضد النساء، بخصوص متابعة دعم الضحايا، والتي قدمناها في المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية، خاصة النساء الضحايا. ثالثا فيما يخص الحماية، وسعنا من الحماية، فلا نقتصر على الشكايات فقط، بل نقوم بالاستماع، وآخر استماع كان قبل يومين لمجموعة من المواطنين المغاربة غير المسلمين الذين يودون ممارسة شعائرهم الدينية، وكانت هناك جلسة استماع مهمة جدا، فحمايتنا تطورت. رابعا، نشكل لجن استطلاع في حالات مهمة، مثل اللجنة التي عنيت بما صار في مليلية. وأيضا إشكالات المواطنين المغاربة الذين لهم أراء سياسية غير مغربية الصحراء، كانت هناك متابعة لهم من حيث حماية رأيهم ومن حيث احترامهم للقواعد القانونية. فيما يخص النهوض، فآراءنا وتقاريرنا السنوية تسهم بشكل كبير جدا بالنهوض، إذ نربط بين الوقاية والحماية.

_ فيما يخص موضوع الطفولة، هناك حالات فاقعة، تحدثتم قبل قليل عن واقعة طفلة تيفلت، هناك واقعة طفلة طاطا، ألا ترون أن هناك فرق بين ما تسعون إليه وبين الواقع؟

_أولا هذه حالات طفت فوق السطح، هناك حالات لا تطفو، ثانيا، هناك إشكال تفاعل المجتمع مع هذه القضايا؛ فبقدر ما كان نموذج طفلة تيفلت وطاطا نموذجا لا يمكن القبول به، بقدر ما هناك إشكالات أخرى يتساهل معها المجتمع مثل تزويج القاصرات، والتي يتم فيها الاغتصاب والاعتداء وغيرها.

_لما المشرع لم يتجه للمنع في نظركم؟ لما تركنا الاستثناء وأصبح هو القاعدة؟

_إذا كانت لديك علاقات مع البرلمانيين رجاء أخبرهم بهذا، فنحن أيضا نخبرهم بهذا، المشكلة في البرلمان، فعندما نقول الحد من تزويج القاصرات، يقولون نعم هذا جيد، لكن عندما نصل لكي يرفع البرلماني يده ويصوت، يمتنع عن ذلك ولا يصوت.

_فيما يخص الوقاية، كان هناك ملف تحرش أثار نوعا من تقاذف المسؤولية بينكم وبين المندوبية، بدون تفاصيل، على ماذا استقر الموضوع الآن؟ كان هناك عدد من الضحايا، أين وصل ملفهم؟ هل ستتخذون أي قرار أم ستنتظرون البحث؟

_أولا، أظن أن في هذه القضايا لا يمكن أن يكون الإعلام هو الوسيلة، لأنني، وهذه ممارسة أقوم بها، أي شخص قدم إليَّمن إدارة أخرى أطلب ملفه، هل يحتوي على تأديب أو تحرش. والملف الذي توصلت به يقول بأن السلوك حسن بل ومتميز ولا توجد أي إشارة من هذه القضايا التي أثارها المندوب الوزاري. ولما طلبت حينها التقرير لم أتوصل به.

_هل تم اخفاء معلومات عنك، هل هناك تدليس؟

_أنا لا أقول بأن الأمر فيه تدليس أو خداع، أنا إنسانة تتعامل مع الوقائع، فكما أعتمد على الوقائع في قضايا حقوق الإنسان أعتمد الوقائع في الحكم على الناس. ليس لدي وقائع، كل ما لدي هو: هل هناك تقرير إداري؟ يقال إن هذا الموضوع بدأ سنة 2014، ليس لدي تقرير، هل هناك اشكالات نقابية داخل الموضوع؟ ليس لدي علم، لو كان الأمر في إدارتي لضبطت الأمور وأخرجتها للعلن، لن أتجاوزها. طلبت التقرير في تلك الفترة، ومر كل هذا الوقت ولم أتوصل به، وأعدت طلبه، ليس هناك تجاوب. هل سأعتمد البيان الصحفي للتعامل معه؟ غير ممكن، فهذه مؤسسة، لأن ما سيتم سيترتب عنه قرار، وعلى القرار أن يكون منصفا. وإذا كان الملف أمام القضاء فأنا انتظر ما سيقوله القضاء.

_أشرتم إلى الحكومة السابقة في ارتباط بموضوع الأيديولوجيا، وبالفعل، تتبعنا أكثر من بيان لهذا الطرف، أو هيئات قريبة منه، تعتبر أن الأستاذة آمنة بوعياش تمارس نوعا من الاقصاء، ولها ايديولوجية يسارية أو أخرى، ويعتبرون أنهم يقصون مثل ما وقع في مدونة الأسرة.

_أولا آمنة ليست لها لا ايديولوجية لا يسارية ولا يمينية ولا اسلامية ولا أي عقيدة أخرى، أنا إنسانة مؤمنة وإيماني شخصي ولا يسيرني، قناعتي أن لدي اختصاصات ومرجعية، وأنا انسانة وطنية، وقلنا إن حكم القانون ينبني على ثلاثة مبادئ. هناك الجمعية العامة حيث يشارك الجميع، ففي الانتخابات، الدعم الذي كان للجمعيات المنتمية لفصيل سياسي معين، نفسه كان للفصيل الآخر، هذا الفصيل الذي تدافع عنه يأخذ تمويلات…

_من يدافع عنه؟

_على أي..

_لا، لا ندافع عن أحد!

_المجلس يدعم جميع الجمعيات.

_كانت هناك بلاغات رسمية تقول بأن هناك إقصاء، ونحن قمنا بنقل ذلك.

_هم يمارسون السياسة، أنا لا أمارس السياسة، ويحاولون وضع أنفسهم موضع الضحايا وهم ليسوا كذاك. ما هي لجنة مدونة الأسرة؟ سنناقش هذا في الجمعية العامة، وإن كان بحوزتهم شيء ما فليحضروه للجمعية العامة، هذه اللجنة “ادهوك” تضم فاعلين جمعويين لديهم مسار فيما يخص مدونة الأسرة، تضم أساتذة باحثين في مواضيع مختصة (الشريعة والقانون العام)، تضم أيضا ممثلة المجلس العلمي الأعلى، إذن أين يكمن اقصاء هذه الأيديولوجية؟ هل المجلس العلمي الأعلى لا يمثل المغاربة؟ أم لديهم توضيح ونحن لا؟ ثم إن هذا الموضوع لا يطرح بمنطق هل نحن مسلمون أو لسنا كذلك.

_لكن الفصل الخاص بكم في الدستور يتحدث عن التعددية.

_هذه ليست لجنة المجلس، هذه “ادهوك”، هي لجنة ستساعد الجمعية العامة، هم لا يدركون عن ماذا يتحدثون، هذه اللجنة ليست منبثقة من المجلس، هي ستساعدنا، ستقدم الاشكالات المطروحة. أظن بأن هؤلاء الناس لديهم وقت لهذا الكلام.

_الصحافة تنقل آراء الناس الذين يدعون المظلومية أو الاقصاء،التيار الآخر…

_من هو التيار الآخر… هل هناك من يختلف حول هذه الوقائع؟

_يقدمون وقائع ويختلفون في الحلول..

_أنا أقول بأن هذا التيار يستعمل القانون الوضعي عندما يكون أغلب أطفاله إناث، يسجلون أملاكهم باسم بناتهم كي لا تقسم مع عائلة أخرى، إذن أنت تعرف القانون الوضعي وتستعمله، ومن لا يعرفه لا تعطيه حق استعماله…

_بعيدا عن هذه التفاصيل التي إذا ما خضنا فيها لن ننتهي، هل موضوع الانفاق يستلزم أيضا المساواة، وليس أن يكون من مسؤولية الأب فقط؟

_لا، أنا قلت لك القاعدة، القاعدة هي المساواة، لكن شرط أن تحتسب كل شيء، لا تعطيني لا متعة ولا مهر. إذن قواعد المساواة هي المهمة، إذا كانت المرأة تشتغل، لكن إذا لم تكن تشتغل كيف سنحتسب النفقة؟ على المقتضيات أن تكون واضحة، ماذا عن المرأة التي لا تشتغل ولكنها بتدبيرها تكون ثروة الأسرة، ما الذي سنفعله حيالها؟ يجب على المجتمع أن يقدم حلول لإشكالياته، وليس أن ينطلق من منطق هذا يساري وهذا كذا.. هذا كلام يمكنك قوله، لكن في ماذا سينفعني؟ لا شيء. هذه الأحكام لا تهمني.

_هناك خمس أو ست توصيات في القانون الجنائي تثار وتثير الجدل.

_تعجب المغاربة..

_مع الأسف، ونجد أنفسنا نناقشها، ونعلم أن هناك أزيد من 26 توصية في الموضوع، لذلك نود الاستماع لكم في أبرز هذه التوصيات، ولك أن تختاري، ثم ما تعليقك على هذا التأخر حيث صرنا أمام التسع سنوات من مناقشته وتعديله… ألا يؤثر هذا على واقع حقوق الإنسان؟

_أكيد ينعكس بشكل كبير على تطور الحقوق والحريات. هناك 26 توصية في القانون الجنائي، ولما كنت أقرأ آخر صيغة للمشروع، ظننت أن المغاربة سينتبهون أكثر إلى ما قدمناه من توصيات فيما يخص الفصل 206، والذي وضع سنة 1966 بخصوص المس بالأمن الداخلي والمقتضى القانوني بخصوصه، ظننت أن المغاربة سينتبهون للمقتضى الجديد الذي أضفناه في الفصل 206 المتعلق بالمس بالمؤسسات في حالة العنف… دقيق جدا. كنت أقول بأن المغاربة سيهتمون أكثر بمقتضيات المتابعة القضائية، والمسؤولية الجنائية للمرؤوس وللرئيس في حالة التعذيب، وأقصد التعذيب وليس المعاملة القاسية، المتعلق بالاختفاء القصري والاغتصاب،والاغتصاب الجنسي والاعتداء الجنسي وما يترتب عليه.. لكن ماذا وجدت؟ وجدت أن المغاربة لا يهتمون بهذا لأنها تقدمت في الواقع، وتشغلهم إشكالات أخرى، فكما قلت هناك اشكالات جديدة، لذلك لا يمكن أن نتحدث عن الردة، لأن هناك إشكالات جديدة لم يسبق أن اشتغلنا عليها. هذه الاشكالات هي العلاقات الرضائية الجنسية خارج إطار الزواج، وهي التي أثارت نقاشا كبيرا…

_هناك جزء من المجتمع يرى بأن القانون متخلف مقارنة مع ما يعيشه

_ أقول بأن على المشرع أن ينتبه إلى أن المغاربة في مرحلة تتطلب الانتباه لبعض حقوقهم، كيف يجب صياغتها؟ إذا أرادوا الصياغة سنقدمها لهم، لكن هل تظن بأنه من المقبول أن يسجن شخصان على علاقة ببعضهما البعض؟ هل سنربيهم؟ هل سنصل لنتيجة ما مجتمعيا؟ مثلا، مؤخرا أوقفني رجلان، تحدثا معي ثم سألاني: “كل ما تقومين به جيد لكن موضوع العلاقات الرضائية…، سيصبح هناك فساد في المجتمع”، قلت له هل تظن بأننا عندما نتحدث عن العلاقات الرضائية نقول بأنها ستتم في الشارع، ألا تتم في البيوت؟ قال لي نعم، هل سأتركها لتمارس في المجتمع، لن أفعل ذلك، لأن هناك أمر يسمى النظام العام وله قواعده ومقتضياته. إذن اعثروا على أجوبة لهذه الإشكالات، وليس أجوبة أن الفساد سينتشر…

_تقولين بأن السجن ليس هو الحل، تعليقك على أن هذه العلاقات، حتى عندما تمارس في مجال خاص وفي مكان مغلق، يتم اقتحام البيوت وتعلق الكاميرات وتنشر الحياة الخاصة…

_لذلك نقول يجب ألا تجرم، لأنها لو لم تكن مجرمة لن يكون هناك اقتحام… السلطات القانونية تطبق القانون بناءعلى شكايات أو غيرها، هناك حالات لعلاقات جنسية في الفضاء العام، وإن كانت بعيدة عن الناس، لكنها في الفضاء العام، وكانت فيها اعتقالات، وكانت هناك فضائح سياسية وآخرها ما وقع في مكناس، إذن هناك إشكالات. في منطقنا لا يمكن أن نقتاد ممارسي العلاقات الرضائية للسجن، لكن لا يمكن أن نحول الفضاء العام لفضاء للعلاقات الرضائية.

_الأستاذة آمنة، وصلنا لآخر فقرة في البرنانج تتعلق بأسماء وتعليقات بشكل مقتضب، الاسم الأول:

*خديجة رياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فاعلة حقوقية

_زميلة اشتغلنا معا لمدة معينة، أتمنى لها التوفيق.

*ادريس اليزمي، الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

_رئيس سابق للمجلس، قدم مواضيع ذات أهمية واشتغل على أن يستمر المجلس في عمله، أتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة.

*عبد اللطيف وهبي، وزير العدل

_مسؤول لديه قناعات، أحيانا يكون من الصعب قولها وأنت مسؤول سياسي.

*نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد

_صديقة، اشتغلنا لفترة معا، أظن بأنها تقدم اقتراحات وأفكار مرتبطة بفكر اليسار، لكن علينا أن نجتهد لترتبط أكثر بالفعل السياسي القوي.

_فقرة تجاوزتها أستاذة آمنة، وهي المتعلقة بملف حراك الريف وعدد من القضايا مثل ملف بوعشرينوالريسوني والراضي، هذه الملفات هل هي أحكام وانتهى الموضوع، هل يوجد هناك جديد عند المجلس في هذه الملفات؟

_دائما هناك جديد.

_نود سماعه

_إن شاء الله.

_هل هو وساطة؟

_لا نقوم نحن بالوساطة، هناك متابعة للسادة المتواجدين في الحبس بزيارات، هناك فرق بين ما نسمعه أحيانا وبين ما يوجد. أحيانا تدخل على الخط بعض المسائل السياسية فنبتعد. لكن أظن بأن الأوضاع الآن ليست مقلقة، وأقول “يا ربي يطلق سراحهم”.

الأستاذة بوعياش كنت ضيفة برنامج حوار في العمق، شكرا جزيلا لك.

أما أنتم قراء ومتتبعو جريدة العمق المغربي أقول لكم: هل كان حوارا في العمق أم مجرد حوار في العمق؟ أنتظر تفاعلاتكم، أودعوكم إلى حلقة جديدة وضيف جديد في برنامجكم حوار في العمق، ترقبوه مساء كل جمعة على الساعة السادسة، إلى اللقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *