مجتمع

وفاة رضيع تعيد ملف “توفير” الأمصال وأقسام الإنعاش بإقليم طاطا إلى الواجهة

أثارت واقعة وفاة رضيع يبلغ عمره سنة ونصف فقط، أنفاسه الأخيرة، الأسبوع الماضي، بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، إثر تعرضه للدغة عقرب، بمسقط رأسه بفم زكيط الواقع تحت نفوذ إقليم طاطا، ردود فعل غاضبة في الأوساط المدنية والحقوقية وعدد من المهتمين بالشأن الصحي بالمنطقة، معتبرين أن هذا الأمر “إستهتار بحياة المواطنين ومساس خطير بحقهم الدستوري في الحصول على العلاج”.

ودقت العديد من الفعاليات الحقوقية والمدنية ناقوس الخطر بخصوص تنامي“غياب الأمصال”، بعدد من المراكز الصحية بإقليم طاطا، وبالمستشفى الإقليمي على وجه الخصوص، الشيء الذي يفاقم معاناة الذين يتعرضون للدغات ولسعات الزواحف السامة، في الوقت الذي لايمكن فيه توفير الأمصال إلا في مؤسسة صحية توجد بها مصلحة الإنعاش والتخدير.

فريد الخمسي، رئيس  المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بطاطا، قال إن“غياب أمصال العقارب والأفاعي وأقسام الإنعاش بمستشفيات طاطا يعد استخفافا بمواطني هذا الإقليم، الذي يمتد من تمنارت إلى ألوكوم، على طول 450 كلم، وهو ما يؤكد عدم اهتمام وزارة الصحة بمعاناة الساكنة، التي أمطرها المسؤولون لا على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي، بالوعود الكثيرة والزائفة ومعهم حتى المنتخبين الذين أخلفوا الموعد مع الساكنة بخصوص توفير قسم الإنعاش الذي لم ير النور إلى حدود الساعة، وبالتالي المزيد من المعاناة والآلام والأرواح”.

وأوضح الخمسي ضمن تصريح لـ“العمق”، أن “ غياب قسم الإنعاش بإقليم طاطا يعني أوتوماتيكيا أن أية حالة خطيرة ومستعجلة سيتم نقلها مباشرة إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، وهو ما يفرض التنقل الإجباري لحوالي 300 كلم، معاناة الألم ويوازيها معاناة الطريق والبعد، وكم حالة ماتت وتوفت في الطريق قبل أن تصل إلى مستشفى أكادير، وهو ما نعتبره كحقوقيين ومواطنين عبثا واستخفاف بهذه الساكنة المتواجدة بهذا الإقليم المنسي والمهمش الذي تحالفت عليه العقليات المتسلطة البائدة والكائنات الانتخابوية المتعفنة، إضافة إلى الطبيعة القاسية”.

ولفت المتحدث، إلى أن المنطقة تعاني معاناة كثيرة مع قلة الأطباء والأطر الطبية والتمريضية، وقلة الأدوية وضعف التخصصات، ومعاناة مع ضعف التجهيزات وقلتها، وهو ما يبرز نوعا من الاستخفاف وأن المواطن الطاطاوي مواطن من الدرجة الثانية، عكس مواطني الأقاليم ومناطق المغرب النافع، بإعتبار أن التطبيب حقا قانونيا ودستوريا، لأنه حق وليس إمتياز، وهو الشيء الذي يبين أن كل الشعارات البراقة، ماعي الا شعارات معدة للاستهلاك الإعلامي، وبالتالي فالمتضرر الرئيسي هو المواطن الطاوطي بمختلف فئاتهم الإجتماعية والعمرية.

وسجل المصدر ذاته أنه“سبق وأن دعينا إلى عدد من الوقفات الاحتجاجية في السنوات الماضية، ضدا على الاستخفاف بأرواح المواطنين، لما تعرض مجموعة من المواطنين للسعات العقارب والأفاعي، ثم قمنا مرة أخرى كحقوقيين بالاحتجاج على عدم توفير التجهيزات الطبية والأطر الطبية المتخصصة واللازمة في إقليم طاطا، وراسلنا كل الجهات المعنية ونظمنا رفقة الساكنة وقفات احتجاجية أمام المستشفى الإقليمي لطاطا، ووجهنا نداءات إلى الجهات المختصة وعلى رأسها عامل إقليم طاطا، ولكن مزال الوضع الصحي بها مزريا”.

وطالب الخمسي، وزارة الصحة، وعامل إقليم طاطا بـ“التعجيل بفتح قسم الإنعاش، بتوفير التجهيزات الطبية والأطر الطبية المتخصصة والتعامل مع ساكنة طاطا على قدم المساواة وتكافؤ الفرص مثلها مثل باقي المناطق على المستوى الوطني، وضرورة توفير سيارة إسعاف وطائرة، لوقف نزيف الوفيات سواء في صفوف النساء أو الرجال أثناء تنقلهم من طاطا إلى أكادير أو كلميم أو ورزازات، بإعتبار أن هذا هذا المطلب ليس حلما ولا مطلبا خياليا، خصوصا وأنه يتم صرف أموال طائلة في مهرجانات البهرجة والبؤس، ليبقى مطلب توفير قسم الانعاش حبرا على ورق”.

من جانبه، إعتبر مبارك بوجمعة، فاعل مدني بإقليم طاطا أن“ غياب الأمصال وأقسام الإنعاش بمستشفيات طاطا يعود إلى عدم إهتمام الجهات المسؤولة بهذا الموضوع، وذلك بالرغم من إرتفاع عدد الوفيات بسبب الأفاعي والعقارب وتزايدها بشكل مستمر خصوصا في فصل الصيف، وهو ما يستوجب إعطاء بعض الإهتمام حيال هذه المشكلة من طرف الجهات المعنية، نظرا لكون ساكنة الإقليم تعاني كثيرا من بسبب هذا الموضوع، بإعتبار أنه كل من لذغته أفعى او أي شيء سام من هذا القبيل، يفرض عليه الانتظار ساعات وهو في حالة الاحتضار والموت من أجل العلاج”.

وأشار مبارك ضمن تصريح لـ“العمق”، أن “ساكنة إقليم طاطا لم تتلقى أية مراسلات ولا محادثات من طرف أي جهة مسؤولة أبدا ولم يعطى لها أي إهتمام، وذلك رغم أهمية هذا الملف المرتبط بأرواح المواطنين، لذلك نحن فساكنة الإقليم تحاول بكل وسعها جاهدة ومبادرة إلى كل البوبات الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي من أجل إيجاد حل يرد لها الاعتبار بخصوص هذا الموضوع، مع الإحاطة علما بأنهم سلكوا في وقت سابق المحاولات الكتابية التي تكون نتيجتها دائما بائسة”.

وطالب المصدر ذاته الجهات المسؤولة، وعلى رأسها عامل إقليم طاطا، بـ“الإهتمام بصحة ساكنة إقليم طاطا عبر توفير كل الأجهزة الطبية اللازمة لمعالجة كل الأمراض المنتشرة بطاطا، وتوفير الأدوية والعلاج لكل لدغات الزواحف السامة، مع رد الاعتبار للساكنة عن طريق الإجابة عن كل رسائلها مع معالجة كل شكوى بخصوص هذا الموضوع، إضافة إلى توفير مستشفى يكون قريبا من كل القرى والقصبات”.

من جهتها، أثارت النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، كليلة بونعيلات، في وقت سابق، واقع قطاع الصحة بإقليم طاطا، وذلك في سؤال كتابي موجه لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب.

وأبرزت النائبة البرلمانية عن فريق الأحرار ، أن قطاع الصحة بإقليم طاطا يعرف اختلالات متعددة نتيجة تراكمات ماضية، بالإضافة إلى الهشاشة الاجتماعية التي تعيشها شرائح واسعة من ساكنة الإقليم، وهي الهشاشة المقترنة بواقع الإقليم جغرافيا.

وسجلت بونعيلات، أنه بالرغم من أهمية هذا القطاع الاجتماعي والحيوي فإن ساكنة الإقليم لاتنظر بعين الرضى بخصوص الخدمات المقدمة، سواء على مستوى الخصاص في الموارد البشرية أو ضعف التجهيزات وسوء توزيعها.

وساءلت النائبة البرلمانية، وزير الصحة والحماية الإجتماعية خالد أيت الطالب عن “التدابير التي يعتزم اتخاذها لرفع الحيف المجالي عن إقليم طاطا، وتدارك الخصاص الكبير المسجل على مستوى الكم والكيف بشأن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *