مجتمع

بيع رأس عجل بآلاف الدراهم.. جدل موسم “الرمى” بهوارة يعود للواجهة

لعل أبرز ما يميز قبائل هوارة التابعة ترابيا لإقليم تارودانت، هي مواسم “الرمى” التي تعتبر مناسبة ثقافية واجتماعية تحمل بين طياتها العديد من الدلالات المجسدة لتمسك السكان المحليون بالتراث الثقافي والتاريخي لهذه المنطقة، رغم كل ما يرافق طقوسها من الجدل والانتقادات.

وعلى غرار السنوات الماضية، عادت طقوس مواسم “الرمى” التي تستحضر عبرها أهالي هوارة، موروثها الشعبي الأصيل، من خلال الفعاليات والعروض الفلكلورية، (عادت) لتبرز نوعا من التفاوت في آراء الناس حولها، حيث انقسم رأي المهتمين بالشؤون المحلية لإقليم تارودانت، بين من يرونها مواسم تمثل تراثًا إنسانيًا يعكس التلاحم والتآزر بين القبائل المختلفة، وبين من يعتبرونه مجرد خرافة تجاوزها الزمن.

ويعتبر المزاد أو ما يعرف شعبيا بـ”الدلالة”، من بين الطقوس البارزة في هذا الصنف من المواسم المميزة لقبائل هوارة، إذ يتم إطلاق ” الدلالة” التي يسيرها مقدم “الرمى” في إحدى أيام الموسم بعد تناول الضيوف وجبة العشاء، بشكل جماعي وعلني، حيث يتم عرض أجزاء من الذبيحة، سواء كانت لحمًا أو غيره، وكذا الهدايا التي يتلقاها “الرمى” للبيع، مما يخلق نوعا من المنافسة والحماس الشديدين بين الحاضرين.

وتشتد المنافسة على الأشياء المعروضة للبيع من قبل قائد الرمى، وتزداد حماستها مع تصاعد الأصوات التي تضفي جوًا من الحماس والتشويق، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى يرفع سعر أجزاء من الذبيحة، أو قطعة بيسكويت مثلا، إلى آلاف الدراهم.

النمودج من دوار الفيضة ضواحي مدينة أولاد تايمة، حيث تم بيع رأس عجل مذبوح قبل أيام بمبلغ 1800 درهم، بينما تم بيعه العام الماضي في موسم دوار العصلة جماعة أهل الرمل إقليم تارودانت بـ11000 درهم، خلال ذات الموسم، قام “الرمى” ببيع قطعة بسكويت بأكثر من 700 وصينية شاي بمبلغ فاق 1000 درهم.

وتثير هذه الطقوس جدلا واسعا في صفوف المهتمين بالشؤون الثقافية للمنطقة، بين المؤيدين لهذه العادات الذين يؤمنون بتأثيرها الإيجابي على جمعيات وفقراء المنطقة الذين يستفيدون من هذه الأموال التي يتم جمعها من خلال “الدلالة”، وبين المعارضين الذين يعتقدون أنها تتعارض مع قيم أهل سوس ومعتقداتهم الدينية .

بين هذا وذاك، أوضح محمد صابر، وهو فاعل جمعوي بحاضرة هوارة اولاد تايمة، بأن هذا الحدث السنوي، يعزز روح التآزر والتلاحم بين قبائل المنطقة، ويذوب الانقسامات القبلية والاجتماعية ويعزيز روابط الأخوة والترابط بين الجميع”.

وأكد صابر في حديثه مع جريدة “العمق”، أن الأموال المُجناة من المزايدة ( الدلالة)، توظف لدعم الأعمال الخيرية والمشاريع الاجتماعية التي تستهدف ساكنة قرى هوارة، كما يتم تخصيص هذه الأموال لتوفير الرعاية الصحية، والإعانات المالية للفقراء.

وأضاف بالقول: “البعض يعتقد أن أغنياء المنطقة يتباهون بأموالهم، وهذا غير صحيح، كل ما في الآمر أن الميسورين، يتصدقون بأموالهم في جو من الفرجة التي يسود فيها الطابع الفكاهي وهذا لا يتنافى مع ديننا الحنيف ولا مع ثقافتنا الضاربة في التاريخ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • بن عتمان المكناسي
    منذ 10 أشهر

    هي فرصة أيضا لتحيين الوجاهة والزعامة بين اعيان القبيلة..