المغرب العميق، مجتمع

وسط مطالب بالتدخل.. شبح العطش يحوم على قرى زاكورة

ما إن تبزغ الشمس حتى يبدأ عدد من المواطنين القاطنين بقرى جماعة فزوطة الواقعة بنفوذ إقليم زاكورة، رحلة بحث شاقة عن قطرة ماء تروي ظمأهم، بعد أن تحولت صنابيرهم إلى ديكور يؤثت منازلهم، التي غابت عنها مياه الشرب منذ زمن، الأمر الذي جعلهم يغادرون بيوتهم قسرا لساعات طلبا للماء، تزامنا مع موجة الحرارة التي اجتاحت المنطقة.

عبد العالي بامو، فاعل جمعوي بقصر أيت حمو بني علي بجماعة فزواطة، قال إن “ساكنة الجماعة السابق ذكرها تعاني منذ سنين من مشاكل انقطاع الماء الصالح للشرب، حيث كانت المياه متوفرة بشكل دائم ويومي في بداية المشروع، بعد أن كانت إحدى الجمعيات هي الجهة المكلفة بشؤون الماء وبعد سنين تدهورت وضعية الماء وطالت الجمعية مجموعة من الاختلالات التسييرية، ما جعل انقطاع الماء مصاحبا لذلك بإستمرار”.

وأشار بامو في تصريح لجريدة “العمق” إلى أن“ مجموعة من الاحتجاجات وتضارب الآراء كانت ضد الجمعية، ليتم بعد ذلك تحويل شؤون تسيير الماء لمجلس جماعة فزواطة الذي وعد في بداية تسليمه للمشروع بتوفير الماء الكافي وربط الجميع بالماء، إلا أن الوعود ظلت حبرا على ورق واستمرت المعاناة”، مضيفا أن “تزويد المنازل والساعات معدودة مرة كل عشرة أيام إلى ما يقارب الأسبوعين وبعض المنازل لا تتوصل بحصتها من الماء، خصوصا منطقة الزاوية البرانية، تيكيت أيت حمو وزوية سيدي موسى ومناطق أخرى”.

ولفت الفاعل الجمعوي إلى أن “هذا الوضع دفع ببعض الأسر إلى إعتماد طرق بدائية لجلب الماء على ظهر الدواب وقطع بضع كيلومترات، وهو الأمر الذي لم يترك لنا بدا كجمعيات وكمجتمع مدني من توجيه شكاية في الموضوع إلى كل من مجلس الجماعة وقيادة تمكروت وإلى السيد عامل عمالة زاكورة كذلك”.

وختم بامو تصريحه بالقول إن “مطالبهم هي مطالب سلمية تتجلى في ضرورة توفير الماء الصالح للشرب وبشكل يومي ولجميع الساكنة، بإعتبار أن الماء أساس الحياة ولا حياة بدون ماء، وهو ما ينذر بكون أزمة العطش ستسبب في هجرة عشرات العائلات من المنطقة السابق ذكرها”.

من جانبه، اعتبر بدر الدين الأشهب، فاعل مدني بجماعة فزواطة، أن “أقل ما يمكن قوله حول الانقطاع المتكرر للماء بجماعة فزواطة أو بالأحرى انعدام الماء لدى بعض الساكنة أنه مهزلة وتقصير من عمالة زاكورة بصفة عامة وبعض المسؤولين في جماعة فزواطة بصفة خاصة وأيضا يمكن أن نقول أنه نوع من الاضطهاد والحكرة في الحصول على  ماء صالح للشرب بالكرامة الإنسانية، الشيء الذي يدفع الساكنة للهجرة”

وأشار الأشهب ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن “الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال ويثير الاستغراب هو كون جماعة فزواطة أول منطقة تنتج البطيخ الأحمر وبكمية وفيرة، إذ لا يعقل أن تعمل آبار الفلاحين بدون انقطاع 24/24 طلية أيام الأسبوع في حين تعرف الآبار المخصصة للماء الصالح للشرب انقطاعا وقلة في كمية الماء على الرغم من أن هذه المادة الحيوية تعتبر ركيزة من ركائز الحياة”.

وأبرز المتحدث عينه أن “ساكنة فزواطة تضطر إلى استعمال الوسائل التلقيدية كالحمير والعربات المجرورة من أجل التنقل إلى أقرب بئر للماء الصالح للشرب وقد تستغرق الرحلة من 3 إلى 5  ساعات كل يوم، والأمر أسوء إن لم يجد الماء فيها، أما بخصوص الصهاريج فبين الزبونية والمحسوبية يضيع حق الفقراء البسطاء، لكون بعض النقط السوداء لا تغطى و لا يتم تسجيل المنازل كلها وأيضا قلة هذه الصهاريج وكثرة عدد المنازل التي لا تتوفر على الماء”.

وسجل المصدر ذاته، أن “الساكنة تعاني الامرين في الحصول على حصة من الماء سواء من الصنابير أو من الطوابير وانتظار صهاريج الإنعاش الوطني، فيما تعرف بعض المنازل انقطاع الماء في الصنابير  من نهاية شهر أبريل الفارط إلى غاية نهاية شهر شتنبر، وهو ما دفع بالساكنة إلى توجيه طلبات وشكايات للجماعة، وآخرى للقيادة، ولكن قلة ما نراهم يوجهونها للعمالة، وأغلبها يكون بطريقة شفوية ومباشرة إلى أذان المسؤولين. توضع الحلول لإرضاء الناس لمدة بسيطة وتعود الأمور إلى سابق عهدها كما كانت من قبل”.

ولفت إلى أنه “كاذب من يقول بأن الجماعة لا تبادر لإيجاد الحلول لكن تبقى ضعيفة وعشوائية، رغم أن أبسط الحلول تتجلى في السهر على توفير وتوزيع عادل، واحترام الفترات والأيام المخصصة لكل منطقة، لاسيما أنها أعطت أكلها في فترات سابقة، والضرب بيد من حديد على المتلاعبين، ولما لا تخصيص مضخات لزيادة ضغط الماء في القنوات ليصل إلى أبعد المناطق دفعة واحدة عوض الإعتماد على ضغط الصهاريج العالية (الشاطو) فقط”.

وطالب الأشهب عامل إقليم زاكورة، بـ“تحمل مسؤوليته في توفير الماء الصالح للشرب لساكنة العالم القروي كما يحرص على ذلك في مركز زاكورة، وذلك عبر إيجاد حل لهذا التراجع المقلق في مصادر مياه الشرب بهذه الجماعة المعروفة أصلا بقساوة طقسها، الذي يهدد ساكنتها بالعطش، مما يستوجب التدخل من طرف الجهات المعنية بقطاع الماء لضمان ديمومة تمكين عموم ساكنة الجماعة من الحق في الماء الصالح للشرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *