مجتمع

“الباراصولات” تواصل غزو شواطئ الشمال أمام صمت السلطات.. والملف يصل البرلمان

مع كل فصل الصيف، تعود ظاهرة “احتلال” الملك العمومي بشواطئ مدن الشمال، إلى الواجهة من جديد، خاصة مدن تطوان والمضيق ومرتيل والفنيدق ووادلو، وسط استمرار الانتقادات التي يوجهها المصطافون لهذه الظاهرة في ظل صمت السلطات المحلية، فيما وصل الملف إلى البرلمان.

وعلى غرار المواسم الماضية، يشتكي المصطافون من سكان وزوار المدن المذكورة، من عدم إيجاد مكان فارغ قريب من البحر لنصب مظلاتهم رفقة أسرهم بشواطئ الشريط الساحي الممتدة من الفنيدق إلى وادلاو، خاصة الشواطئ التابعة للمضيق ومرتيل، بسبب ظاهرة “الباراصولات”.

ووفق ما عاينته جريدة “العمق”، فإن أغلب الأماكن الاستراتيجية بتلك الشواطئ “يحتلها” أشخاص ينصبون مظلات شمسية وكراسي وطاولات مخصصة للكراء، طيلة اليوم، حيث يتسبب هذا الوضع في مشاحنات ومشادات كلامية مع المصطافين، وتتطور أحيانا إلى عراك بالأيادي.

كما يشتكي مصطافون من “سيطرة” أصحاب “الكراء” على مظلات مصنوعة من القش وضعتها السلطات المحلية والجماعات الترابية مجانا للمواطنين، حيث يعمدون إلى وضع طاولاتهم وكراسيهم تحت تلك المظلات من أجل كرائها، وبالتالي يصبح استعمالها بالمقابل.

شواطئ الشمال

وعبر عدد من المصطافين الذين تحدثت معهم جريدة “العمق”، عن استغرابهم من استمرار هذه الظاهرة أمام أنظار السلطات المحلية رغم كل النداءات والمناشدات التي تتم في هذا الصدد، مشددين على ضرورة التدخل من أجل تنظيم الشواطئ وإلزام مكتري المظلات باحترام دفتر التحملات.

وفي هذا الصدد، قال أحد المصطافين لجريدة “العمق”، إن استمرار تكرار هذه الظاهرة كل موسم صيف دون تدخل السلطات رغم الشكاوى والنداءات المتكررة، يثير تساؤلات حول الدواعي التي تدفع السلطات إلى الصمت في الموضوع.

واعتبر المتحدث أن الأمر تحول من عملية كراء المضلات إلى حيازة الشاطئ، مشددا على أن الأصل هو عدم نصب المظلات والكراسي إلا بعد طلب الزبون، وفق دفتر التحملات، داعيا الجهات المعنية إلى التدخل لوقف ما أسماه “تشويه صورة المنطقة”.

الملف في البرلمان

وفي هذا الصدد، وجه البرلماني الاستقلالي عن إقليم تطوان، منصف الطوب، سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حول “الفوضى التي تشهدها شواطئ إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق”، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.

وقال البرلماني في سؤاله، إنه تزامنا مع كل عطلة صيفية، تطفو على السطح ظاهرة نصب المظلات الشمسية والطاولات والكراسي المخصصة للكراء بشواطئ تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، من طرف أصحاب تلك المظلات، وذلك باحتلالهم للملك البحري الذي يعتبر ملكا للعموم.

واعتبر الطوب أن المعنيين بالأمر يعمدون إلى نصب مظلاتهم على طول الشريط الساحلي، لدرجة لا يجد معها المصطاف وأفراد عائلته مكانا لنصب مظلته الخاصة أو حتى إيجاد مكان فارغ للإستمتاع بمياه البحر التي تعتبر ملكا للجميع.

وأشار البرلماني إلى أن هذا الوضع يتسبب في مشادات كلامية تصل إلى حد الضرب والجرح على مرأى ومسمع من عموم المصطافين، إلى جانب سوء المعاملة التي يتلقونها من طرف أصحاب هذه المظلات.

شواطئ الشمال

وأبرز أنه تلقى شكايات عديدة من طرف سكان تطوان وعمالة المضيق الفنيدق وزوارهما، دون الحديث عن ما يتم تداوله من أشرطة فيديو ومقاطع توثق للفوضى التي يسببها أصحاب المظلات الشمسية بهذه الشواطئ التي تعتبر من بين الشواطئ الجميلة والمصنفة بالمملكة.

وتابع: “عوض أن يتم نصب المظلات والكراسي والطاولات بطلب من المصطافين، كما هو متفق عليه في دفتر التحملات، إلا أن ما يحصل هو العكس، حيث يتم نصب المظلات على طول الشاطئ وبالصفوف الأمامية وطيلة اليوم حتى ولو ظلت فارغة، الأمر الذي يسيء بشكل كبير لهذه الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزوار مغاربة وأجانب”.

ولتفادي كل ما من شأنه أن يخلق الفوضى ويؤثر بشكل سلبي على صورة شواطئ إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، يضيف البرلماني مخاطبا وزير الداخلية: “فإننا نسائلكم عن الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها في
هذا الشأن، كما نطلب منكم إيفاد لجنة للوقوف على حقيقة الوضع وعلى الإستغلال غير القانوني للملك البحري من طرف أصحاب المظلات الشمسية”.

ضوابط الكراء

وكانت جريدة “العمق” قد اطلعت على دفتر تحملات متعلق بتحديد شروط عملية كراء المظلات الشمسية بشواطئ المضيق، والذي ينص على عدم إقامة ونصب المظلات على الشاطئ من طرف المستفيدين من رخصة الكراء، كما لا يحق لهم حرمان المواطنين من نصب المظلات، مع اتخاذ التدابير الملائمة لتجنب كل ما من شأنه إقلاق راحة المصطافين.

ويُلزِم الكناش أصحاب المظلات باحترام المصطافين وعدم مضايقتهم، وتعليق شارة تحمل هويتهم ورقم المجموعة، والاقتصار على عدد المظلات المرخصة وتوحيد لونها، مع ترك مسافة 3 أمتار بين مظلة وأخرى، وعدم كراء المظلة الواحدة لأكثر من 3 أشخاص، إلى جانب ارتداء لباس موحد وعدم المبيت بالشاطئ والحفاظ على جماليته وتنظيفه باستمرار، وإخلاء المكان عند نهاية مدة الترخيص.

وفي حالة وجود أي مخالفة أو الإضرار بالغير، ينص كناش التحملات في مادته السادسة على أن للإدارة الصلاحية التامة في سحب الرخصة كلما دعت الضرورية لذلك، بحيث لا يحق المطالبة بأي تعويض مادي، ويمنع صاحبها من الاستفادة مرة أخرى.

وإضافة إلى غزو “الباراصولات” للشواطئ، تبرز مظاهر أخرى لاحتلال الملك الشاطئي بالشمال، تتعلق أساسا بتركيب مطاعم ومقاهي خشبية وبلاستيكية فوق رمال الشواطئ “شاليهات”، وإقامة مُلاك عدد من التجمعات السكنية الفخمة لحواجز وأسلاك وحراسة أمنية لإغلاق ممرات عمومية مخصصة للشواطئ.

يُشار إلى أن الشريط الساحلي الممتد ما بين الفنيدق إلى وادلاو، مرورا بالمضيق ومرتيل وتطوان، يضم عددا من الشواطئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط، تعرف إقبالا كبيرا جدا في فصل الصيف من طرف زوار الشمال من داخل المغرب وخارجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *