سياسة

الغالي يحلل أبعاد اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء في ظل بناء نظام عالمي جديد و”فشل” القومية العربية (فيديو)

عميد كلية الحقوق السراغنة

اعتبر أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض محمد الغالي، أن الاعتراف الرسمي لإسرائيل يأتي في وقت يعرف فيه العالم بناء نظام جديد يبحث فيه الجميع عن تموقع ضمنه، وفي ظل تعامل المغرب بشكل “براغماتي وواقعي” للحفاظ على استمراريته وحقوق مواطنيه في ظل التحولات العميقة التي يعيشها العالم.

كما أبرز الغالي في تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب كان دائما يمد يده الأولى لجارته الشرقية الجزائر وللدول العربية، ووأشار إلى أن التعاون الذي عقده مع إسرائيل يأتي في وقت “يجب أن نعترف فيه بشكل صريح بفشل المنظومة القومية الأمنية العربية التي لم تعد قادرة على حماية الدول العربية نظرا للتجاذبات والتقاطبات التي يعرفها العالم العربي”.

وتابع عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، أن قضية الوحدة الترابية للمغرب “مادامت من صميم الأمن القومي المغربي فلا يمكن للمغرب أن يتسمر هكذا في إطار منظومة فيها مجموعة من الدول التي لا تحترم هذا البعد المستدام والاستمراري بالنسبة للدولة المغربية وهي قضية وحدتها الترابية”.

واعتبر أيضا أن الاعتراف الرسمي لإسرائيل بمغربية الصحراء وعزمها فتح قنصلية بمدينة الداخلة، “ثمرة للاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل”، و”يعكس القدرة الاستشرافية للديبلوماسية المغربية ويعكس ضعف الآخر في التفاعل مع المستجدات المطروحة”.

وأردف أن إسرائيل بدورها تبحث أيضا عن تموقع ضمن النظام العالمي الجديد الذي سيكون نتيجة للتحولات الجيوسياسية الاستراتيجية التي يعرفها العالم، وهو “سيجعلها تجسد الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء على أرض الواقع”، خصوصا وأن “العالم يراهن ويراهن على مناطق يمكن أن تشكل بؤرا حقيقية لانطلاقة جديدة للاقتصاد العالمي والدراسات تشير إلى المحيط الأطلسي يشكل نقطة مهمة”.

حقوق الشعب الفلسطيني

وعدد الغالي مؤشرات حرص المغرب على حقوق الشعب الفلسطيني وأن تعاونه مع إسرائيل لا يمكن أن يمس بها، وانطلق من الاتفاق الثلاثي الموقع بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، الذي “أكدت من خلاله المملكة المغربية على أنها تحترم حقوق كل الشعوب وخاصة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وأن الاتفاق مع إسرائيل لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يمس بحقوق الشعب الفلسطيني”.

كما وقف أيضا على ترؤس المغرب للجنة القدس وبيت مال القدس الشريف، وأيضا بمبادرة الملك محمد السادس إلى الاتصال برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مباشرة بعد توقيع الاتفاق وطمأنه على أن هذا الاتفاق يبقى دائما في إطار ما يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه.

العالم يعرف اليوم مجموعة من التحولات الجيوسياسية الاستراتيجية وبالتالي العالم في حاجة اليوم إلى تكتلات واتحادات وتعاون قادر على التفاعل ومواجهة التحديات المستقبلية خاصة التغيرات المناخية والتحول الرقمي أو ما يسمى بالثورة الالكترونية

ويجب أن نشير إلى أن الاتفاق الثلاثي أكدت من خلاله المملكة المغربية على أنها تحترم حقوق كل الشعوب وخاصة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وأن الاتفاق مع إسرائيل لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يمس بحقوق الشعب الفلسطيني

 فشل المنظومة القومية

وأشار الغالي إلى أن هذا النوع من الاتفاقات والعلاقات الديبلوماسية فرضته أيضا “فشل المنظومة القومية الأمنية العربية التي لم تعد قادرة على حماية الدول العربية نظرا للتجاذبات والتقاطبات التي يعرفها العالم العربي”.

وتابع “ومادام أن قضية الوحدة الترابية من صميم الأمن القومي المغربي فلا يمكن للمغرب أن يتسمر هكذا في إطار منظومة فيها مجموعة من الدول التي لا تحترم هذا البعد المستدام والاستمراري بالنسبة للدولة المغربية وهي قضية وحدتها الترابية”.

وأضاف المتحدث “لذلك فاعتراف إسرائيل يجب أن نأخذه في إطار التفاعل والتجاوب من المتطلبات المعاصرة اليوم والتحالفات الجديدة التي يعرفها العالم اليوم”.

أما بخصوص الانتقادات الموجهة للمغرب منذ توقيعه على الاتفاق الثلاثي، قال الغالي “نلاحظ أن الذين ينتقدون هذا التعاون بين المملكة المغربية وبين إسرائيل فهم بدورهم يجنحون إلى تحالفات من نوع آخر، مثل التحالفات مع تركيا وروسيا وكلها تدعم إسرائيل وتمدها بالأسلحة وبالخبرات وتتعاون معها اقتصاديا ولكن الأنظار توجهت فقط إلى المغرب، وفي لحظة من اللحظات كان هناك تشويش وكان هناك أفكار تدل على أن المغرب خرج خاسرا من الاتفاق الثلاثي بحكم أن إسرائيل لم تتعرف بمغربية الصحراء”.

وواصل حديثه “الذي يغفله البعض هو أن المغرب ليس له حدود مع إسرائيل، بل إن الارتباط متمثل في وجود ما يزيد عن مليون شخص يعيش في إسرائيل من أصول مغربية ويتولون مسؤوليات كبرى وبدون شك فهؤلاء يشكلون صمام أمان لهذا النوع من العلاقات”.

العداء الجزائري للمغرب

ولم يفوت الغالي الفرصة ليعيد التذكير بأن المغرب كان سباقا لمد اليد إلى الجارة الشرقية الجزائر، حيث سبق للملك محمد السادس منذ حوالي أربع سنوات أن دعا الجزائر للتعاون وذكرها بأن العالم يعرف تحولات، وإن لم تكن لنا القدرة على حسن فهمها واتحاد وتضافر وتعاضد جهودنا سنكون ضعفاء وغير قادرين على مجاراة هذه التحولات، وطلب من الجزائر أن تفتح صفحة جديدة وأن تنسى الاختلافات السابقة، وأكد أن المملكة المغربية لا يمكن بأي وجه من الأوجه أن تشكل مصدر خطر أو تهديد بالنسبة لدولة الجزائر.

وتابع الغالي “ولكن لاحظنا أن الرد الجزائري كان ردا بعقد صفقات سلاح تتجاوز 20 مليار دولار والقيام بمجموعة من الأعمال العدائية ضد المملكة المغربية والدعم اللامحدود لجبهة البوليساريو وتحرض هذه الجبهة على القيام بالعمل المسلح ضد المغرب”، وخلص إلى أن “الطرف الخاسر هو الجزائر”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *