وجهة نظر

القزابري والفايد: اشتباك بأسلحة محظورة أخلاقيا

الكاتب والحقوقي محمد الشمسي

يواصل مؤشر السجال الذي يفترض أنه معرفي وعلمي الهبوط حتى يوشك أن يثقب الحضيض، فبعد ملاحم السباب والسباب المتبادل من الفريقين المتناحرين، دخل المقرئ القزابري على خط المعركة ليسكب بنزينا على لهيب مواجهة تقترب من الحرب المقدسة التي تمزق الأمة تمزيقا، ليس بحوارها لكن بانحرافها.

الإمام الحامل لكتاب الله بصوته الرخم استدعى فن المقامات بغريب لغتها، ووحدة قافيتها، من قبيل (تفنج و خفج وخبج)، ليفتل حزاما ناسفا لغويا وأخلاقيا فجره في وجه الفايد تفجيرا، مُنقصا مستهزئا من علم التغذية بأعشابه ونباته، ومستعملا مصطلحات مسيلة للدموع أسفا، وهي مصطلحات في مجملها لا تجتمع معانيها مع معاني القرآن الكريم في جوف رجل واحد، ولم يجادل المقرئ المشهور مناظرَه الفايد بالتي هي أحسن كما يلح على ذلك القرآن، فكان سؤال جدوى أثر القرآن في نفس الإمام وهو القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم كما جاء في سورة الإسراء، وكما يتلو القزابري ذلك كل يوم.

ولم يتأخر صاروخ الفايد كثيرا، فأصابع الدكتور الفايد كما لسانه على الزناد، حيث رشقه بصيغة المؤنث متوهما أن نعت مناظرِه بالأنثى فيه مسبة ومنقصة، وقد نحى الفايد في قصفه إلى التنقيص من اسم مجادله مسميا إياه بالمعدنوسي لمزا وغمزا لاسم القزابري، فعيره بمستواه الدراسي الذي لم يحصل فيه القزابري حتى شهادة البكالوريا، وعيره بما يحصله من إكراميات وامتيازات، ثم أنزل الفايد سقف النقاش إلى ما دون الدرك الأسفل، وأبان عن براعة ومهارة في “الكلاش”، تؤكد في المحصلة فوز الفايد على القزابري، وهزيمة الحوار العلمي واندحاره، وفشل علمائنا بمختلف درجاتهم ومناصبهم، وتنوع مشارب علومهم، في إيجاد صيغة إنسانية علمية لفن المجادلة، وتصريف الخلاف في وجهات النظر بانسياب واحترام لفرائض وسنن المناظرة العلمية.

أحيانا الله حتى رأينا بأمهات أعيننا كيف يجهر “العلماء” بقول السوء لبعضهم بعضا، ينشبون المخالب والأنياب في الشخص وفي اسمه، وفي لباسه وفي مهنته، ويعيرونه بمظهره وعشيرته، كما كان يفعل شعراء الجاهلية، وهم بذلك يعطون القدوة السيئة لعامة الناس في الحدو حدوهم لتقريع غيرهم وسلقهم بأوصاف ونعوت مشينة، وهي عادة تخنق الحوار وتنعش التعصب والتطرف، وبكل أسف فجميع من دخل هذا السجال رفث وفسق وخان أمانة العلم التي يزعم أنه حاملها مؤتمن عليها.

الحقيقة أنه بالعودة إلى كتب الأثر، فإنه حتى السلف لم يدبر خلافه الفكري مع بعضه، فقد كانت فتاوى الخصم جاهزة لتحرق خصمه ومخالفه، وتكتبه في خانة الكفر والزندقة وفساد العقيدة، لذلك لم يكتب لنا أن نعيش أصول وقواعد المناظرة العلمية في منهجها وعلى سيرتها وحقيقتها، وسنضطر إلى الهجرة قسرا وقهرا صوب مفكري وفلاسفة الغرب لنتعلم من علمائهم كيف دبروا خلافاتهم العلمية والفكرية، ونترك “علماءنا” في عنفهم اللفظي ضد بعضهم البعض، يستلهم منهم رواد “الراب” ما يصلح ليكون كلاشا في أغانيهم الغريبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الرحيم بن محمد
    منذ 9 أشهر

    تماما ...أوصلت هذا الرأي للعديد من الذين ردوا على الدكتور الفايد ،فالرد العلمي دون انتقاص و لا سب و لا شتم و لا حذف للدرجة العلمية للمناظر ،يكون الرد النافع حيث أنه سيوضح للناس الخطأ بهدوء تام و قد يجعل من تظن أنه خاطئ يقتنع بردك فيرجع عما قاله .

  • عمار وجدي
    منذ 9 أشهر

    وماذا تفعل انت في مقالك هذا ؟!! الم تحذو خذوهم في التهكم والانحياز لمن تخلق بالسب والشتم ؟! بل واصدرت حكمك بهزيمة قارئ القرآن ونصرت بذيئ اللسان الذي اشتهر بفضل اهل القرآن "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " لو كنت صادقا لنصرت الحق مع اي جهة كان ؛ لكن للأسف .استغفر الله ...

  • عمار
    منذ 9 أشهر

    وماذا تفعل انت في مقالك هذا ؟!! الم تحذو خذوهم في التهكم والانحياز لمن تخلق بالسب والشتم ؟! بل واصدرت حكمك بهزيمة قارئ القرآن ونصرت بذيئ اللسان الذي اشتهر بفضل اهل القرآن "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " لو كنت صادقا لنصرت الحق مع اي جهة كان ؛ لكن للأسف .استغفر الله ...

  • مهتم
    منذ 9 أشهر

    كلام صحيح سي محمد. الادهى والامر ان هذا الامر اصبح ظاهرة. يصعب جدا ان تراجع طرفا او اخر في طريقة حديثه وعنف الفاظه فيقبل ويلتزم باخلاقيات الحوار... هذا الملف ملغوم من بدايته. انا لا اتخذ الدكتور الفايد كمرجع علمي ومعرفي اذ لدي منصات اكثر رصانة... لكن جل من ردوا عليه انتقصوا من قدره رغم مؤهلانه العلمية... علينا ان نحترم راي الاخر في كل الاحوال فاذا تجاوز المرا حدوده هناك جهات يحق له الرد او الصمت ... في هذه الحالة طغت العاطفة وغاب العقل والتعقل مع الاسف.

  • مغربية
    منذ 9 أشهر

    لايمكن لأي عاقل أن يصطف إلى أحد الجانبين، أحدهما له شهادات عليا لكنه غير متخصص، والثاني ضعيف المستوى في المجال الديني، فهو مجرد قارئ للقرأن وليس عالما من الناحية الدينية.

  • ةابباتتتتتاا
    منذ 9 أشهر

    ألله ينعل لي مايحشم تعليق للمقال