وجهة نظر

أنا وأحزاب “الأصالة والمعاصرة” و”الاتحاد الاشتراكي”

توضيح لابد منه…

لم يفهم الكثير من أصدقائي وأهلي تموقعي الأخير، وإعلان تصويتي محليا على حزب العدالة والتنمية ووطنيا على فيدرالية اليسار الديمقراطي… كل واحد، انطلاقا من موقعه الحزبي، ناقش وأحيانا تَهَجَّم على هذا الاختيار…. الحقيقة، أن أصحاب الحال وقياديين بحزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كانا يتنبأن بموقفي هذا لأنه موجود حرفيا في كل كتاباتي منذ 2011…

أنا أدافع عن الكتلة الشعبية التاريخية وعن التحالف التاريخي ما بين الإسلاميين واليساريين لمواجهة تحديات العولمة وتقوية الجبهة الشعبية الداخلية والدفع بالمسار الديمقراطي… هذا الموقف دافع عنه قياديون وطنيون بارزون في حزب القوات الشعبية من أمثال محمد عابد الجابري والفقيه البصري وآخرون… وكان أول من نظَّر للفكرة هو المفكر الماركسي الإيطالي “أنطنيو ݣرامشي” في ظرف وزمان مغايرين… والذي يطالع مقالاتي وخاصة مقال “الصمود” الذي كتبته في غشت 2013 سيفهم جليا تحليلي للوضع ومواقفي…

أتأسف كثيرا كون التربة السياسية المغربية لا تتيح المجال لنقاش الأفكار بل بنيتها مبنية على التخوين، إن لم تكن معي فأنت حتما ضدي… نعود لحزب الأصالة والمعاصرة… الجميع يعرف أنني من أصول ريفية ولكني ترعرعت في الرباط منذ كان عمري 12 سنة… مررت من عدة تجارب وأحزاب وتنظيمات… كنت قاعديا ومن بعد تروتسكيا والتحقت بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لأزيد من عشرين سنة وبالكونفدرالية الديمقراطية للشغل وأيضا بالبام وأخيرا بنقابة الاتحاد الوطني للشغل القريبة من حزب العدالة والتنمية…

لا شيء خفي، وإن اختفت أشياء على المواطنين، فالأجهزة تعرف كل صغيرة وكبيرة وأحيانا تعرف الشخص أحسن مما يعرف هو نفسه… أيضا يجب الإقرار أنه لديَّ إلى يومنا هذا علاقات صداقة مع الكثير من قياديي وأطر الأصالة والمعاصرة وأفراد كثر من عائلتي منخرطون في البام من مواقع مختلفة… نفس الشيء بالنسبة للاتحاد الاشتراكي، أعرف جل أعضاء المكتب السياسي والعشرات العشرات من الأطر والمناضلين بكل ربوع الوطن… هذه المعرفة لم تمنعني أبدا من التعبير عن مواقفي ومناقشتها مع كوادر الحزب… نفس الشيء بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة…

أنا أعتبر نفسي صديقهم لأنني قاسمت الكثيرين أشياء عديدة، أما هم إن اعتبروا أن وضعهم “الراقي” الحالي يعفيهم من صداقة لا تسمن ولا تغني من جوع فذلك شأنهم… كل واحد حر في حياته… أما أنا فأتعامل مع أي مواطن علا شأنه أم لا انطلاقا من هذا المبدأ: هل وصل للمنصب بكفاءة أم أصبح معروفا لمَّا أَجْلَسُوه على مقعد المنصب…

جوهر المشكل هو كون العديدين يريدون أن تكون أفكارك ومواقفك مطابقة لاتجاههم في الوقت الذي لاتَطلب أنتَ منهم ذلك، تُطالب سوى بالحوار والنقد والنقد البناء… أنا شخصيا لا عداوة لي مع أحد، كل ما في الأمر أنني أدافع عن قناعة وأفكار… وكمواطن أُشارك في الشأن الوطني عبر التفاعل الإيجابي أو السلبي مع هذا أو ذاك… مثلا أُشارك في التصويت وأعلن عن نوايا، لأن العديد من الأصدقاء والصديقات طلبوا مني رأيي في المعركة الانتخابية الحاسمة للسابع من أكتوبر الماضي…

لم أبالي لنواياهم الحقيقية أو المستترة ولا لغرضهم من معرفة اتجاه تصويتي، بل أفصحت لهم عن موقفي وذلك بوعي حتى لا يبق أي غموض وحتى يستطيع أصدقائي وصديقاتي أن يتعاملوا معي بأريحية أكثر، دون لف ولا دوران… من يريد صداقتي فهو يعرف توجهي ومن ليس على خطي فأنا أرحب به في إطار الاحترام والتقدير المتبادلين… صوتي منحته بقناعة سياسية وليس ذاتية… مع انفتاحي واحترامي للجميع بدون استثناء لأن الوطن يجمعنا، في إطار اختلافاتنا…

فليبق الأمر واضحا، أنا اليوم يساري ديمقراطي إصلاحي، لا انتماء لي تنظيميا وسياسيا، رغم أن الكثيرين لأغراض خبيثة يروجون أنني ما زلت أحمل بعض أفكار تروتسكي وأنا لست كذلك، والبعض الآخر يصنفونني كعنصر راديكالي وأنا لست كذلك أيضا، والآخرين نقابيا عصيا وأنا لست كذلك، كما أعرف أنهم يستعملونه كسلاح لمواجهتي ولتبرير امتناعهم منحي منصب أو مسؤولية… ما هو أكيد وأصدقائي في العمل يعرفون ذلك هو أن تشبثي بالمعقول والابتعاد عن “التخلويض” جعلني في أدنى المراتب الإدارية والمادية وأنا قريب من تقاعدي… لكن كما يقول أهل بلدي الطيبون : الحمد لله على كل حال…

قلت أنا يساري ديمقراطي إصلاحي، أدافع عن الكتلة الشعبية التاريخية الاحتجاجية التي خرجت يوم 20 فبراير وكذلك عن الكتلة الشعبية التاريخية الانتخابية لأنني من دعاة العمل من داخل المؤسسات (الحكومة، البرلمان، المجالس البلدية والجهوية)…. وأتبنى أيضا أطروحة التحالف ما بين الإسلاميين واليساريين وحكومة نواتها الصلبة مشكلة من العدالة والتنمية والكتلة الديمقراطية (الاستقلال، التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي)…

كما أدعو الأحزاب المعارضة خاصة البام، لتغيير الكثير من تصوراته ومواقفه وخاصة أطروحته من الإسلام والمسلمين والإسلاميين… ولحزب الأحرار أن يعيد بريقه الليبرالي… وأن يبتعدا عن منطق التحكم بل نهج سياسة التوافق مع السلطة والمجتمع… هذه مجموعة أفكار لا يتقاسمها العديد من الأصدقاء والصديقات ولكن وضعتها لفتح النقاش والحوار… أنا ضد كل سياسة إقصاء… منافسته وهزمه انتخابيا نعم…

أعتقد أن العديد من الأصدقاء والصديقات على علم الآن بمواقفي، وأجدد لهم استعدادي للجواب عن كل ما يطرحونه من أسئلة وملاحظات… دائما في إطار احترام آداب الحوار…. كما يقول الفرنسيون : سلاح النقد أقوى وأجدى من نقد السلاح… وبالفرنسية: À bon entendeur, salut!