سياسة، مجتمع

حكومة أخنوش تضع 4 أولويات لمشروع مالية 2024 وتطالب بـ”الجدية” في ترشيد النفقات

وضع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أربع أولويات في مشروع إعداد قانون المالية لسنة 2024، الذي ستشرع الحكومة في إعداده خلال الشهر الجاري.

ودعا أخنوش، في المنشور الموجه إلى أعضاء الحكومة والمندوبان الساميان والمندوب العام، إلى إعداد مقترحات برسم مشروع قانون المالية لسنة 2024، مع الالتزام بضبط النفقات.

وفي هذا الصدد، شدد رئيس الحكومة على حصر المقترحات في الاحتياجات الضرورية لضمان تنزيل الأوراش الإصلاحية الملتزم بها، مع الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتاحة خاصة من خلال التكوين والتوزيع المتوازن على المستويين المركزي والجهوي.

وفيما يخص نفقات التسيير، أكد أخنوش ضرورة الحرص على التدبير الأمثل لهذه النفقات من خلال ترشيد استعمال المياه وتقليص نفقات استهلاك الكهرباء، عبر الحرص على استعمال الطاقات المتجددة، إلى جانب عقلنة النفقات المتعلقة بالاتصالات؛ . عدم مراكمة المتأخرات وإعطاء الأولوية لتصفيتها، خاصة تلك المتعلقة بالماء والكهرباء المستحقة فعليا لفائدة المكتب الوطني للماء والكهرباء.

كما أوصى أخنوش بالتقليص لأقصى حد من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة، ونفقات الاستقبال والفندقة، وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات وكذا نفقات الدراسات.

وفيما يرتبط بنفقات الاستثمار، دعا رئيس الحكومة لإعطاء الأولوية لبرمجة المشاريع موضوع تعليمات ملكية أو التي تندرج في إطار اتفاقيات موقعة أمام الملك، أو تلك المبرمة مع المؤسسات الدولية أو الدول المانحة، هذا مع الحرص على تسريع وتيرة المشاريع طور الإنجاز؛ . الحرص على التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار، قبل برمجة أي مشروع جديد وذلك مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، مع التقليص إلى أقصى حد من نفقات اقتناء السيارات وبناء وتهيئة المقرات الإدارية.

وحسب المصدر ذاته فسيتم تحقيق معدل نمو يناهز 3.7% سنة 2024 مقابل 3.4% سنة 2023، مع مواصلة تقليص عجز الميزانية إلى 4% سنة 2024 مقابل 4.5% المتوقعة نهاية السنة الحالية.

وأشار أخنوش إلى أن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024، يأتي في سياق دولي يطبعه توالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي ألقت بتداعياتها على النمو الاقتصادي، وعلى القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم، نتيجة ارتفاع الضغوط التضخمية التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لاسيما سنة 2022 التي بلغ معدل التضخم خلالها ما يعادل 8.7% على الصعيد العالمي، و 8.4% في منطقة اليورو، و 8% في الولايات المتحدة الأمريكية.

توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية

دعا عزيز أخنوش إلى “توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية” وذلك عبر العمل على توطيد التدابير الرامية لدعم المواد الأولية الفلاحية والأعلاف، موازاة مع تطوير سلاسل الإنتاج والتوزيع في إطار استراتيجية الجيل الأخضر التي ستواصل الحكومة تنزيلها خلال سنة 2024 ولا سيما من خلال الحرص على تفعيل الالتزامات التي تضمنها 19 عقد برنامج التي تم التوقيع عليها بداية السنة الحالية، باعتمادات تفوق 110 مليار درهم منها 42 مليار درهم كمساهمة من الدولة.

وبخصوص قضية الماء، شدد أخنوش على أن الحكومة ستعمل على تسريع تنزيل مكونات البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي الذي يبلغ الغلاف المالي المخصص له 143 مليار درهم خلال الفترة 2020-2027، كما ستحرص على مضاعفة الجهود لرفع التحديات الحالية، يضيف المنشور.

وذكر رئيس الحكومة أن التدابير التي اتخذتها بلادنا من أجل التحكم في مستوى التضخم وإعادته إلى مستويات ما قبل الأزمة، قد بدأت تؤتي ثمارها من خلال ما تم تسجيله من انخفاض في معدل التضخم خلال الأشهر الأخيرة لكن ورغم ذلك، فإنه ينبغي مواصلة تدابير اليقظة والتتبع، مع تكثيف الجهود لتحقيق التوازن الضروري بين السياسة الميزانياتية والسياسة النقدية، وذلك من أجل خفض معدل التضخم إلى مستوى يعادل 3.4% سنة 2024 و 2% ابتداء من سنة 2025.

كما ستحرص الحكومة، يضيف أخنوش، على مضاعفة الجهود لرفع التحديات الحالية والمستقبلية لهذه الإشكالية، وذلك وفق مقاربة متعددة الأبعاد تعتمد أساسا على ترشيد استعمال المياه، والتدبير الأمثل للطلب بالموازاة مع ما يتم إنجازه في مجال تعبئة الموارد المائية.

وشدد رئيس الحكومة على أن القطاعات والهيئات المعنية مدعوة إلى مضاعفة اليقظة والتحلي بالفعالية في تنفيذ المشاريع المبرمجة وفقا للجدول الزمني المحدد لها، وعلى الخصوص عبر تسريع مشروع الربط بين الأحواض المائية لسبو وأبي رقراق ومواصلة إنجاز السدود للرفع من قدرة التخزين من المياه العذبة، فضلا عن تسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر، والرفع من حجم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة مع تعزيز التزود بالماء الصالح للشرب في العالم القروي.

وأكد أيضا أن الحكومة عازمة على تكثيف جهودها الرامية إلى تعزيز مناعة بلادنا في مواجهة التغيرات المناخية والحد من تأثيراتها عبر مقاربة مندمجة ومتكاملة تقوم على تعزيز الإطار المؤسساتي الذي سيمكن من تكثيف التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية لتكريس البعد المناخي في مختلف السياسات العمومية، إلى جانب تعزيز التدابير التحفيزية ذات الطابع البيئي واتخاذ التدابير الرامية لتشجيع الأدوات المالية الخضراء بالتشاور مع بنك المغرب والمؤسسات المالية المختصة.

مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية

أكد المنشور، الذي اطلعت عليه جريدة “العمق” أن الحكومة ستواصل تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، وذلك من خلال إطلاق برنامج التعويضات العائلية قبل متم سنة 2023، وذلك وفق رؤية جديدة، تقوم على تحسين استهداف الفئات الاجتماعية المستحقة للدعم.

وستتم تعبئة الموارد الضرورية لتمويل هذا البرنامج، طبقا لمقتضيات القانون رقم 21.09 المتعلق بالحماية الاجتماعية من خلال إصلاح مجموعة من البرامج الاجتماعية القائمة، والتي كانت تعاني من اختلالات على مستوى الاستهداف، وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية المتضمنة في خطاب العرش المجيد لسنة 2018.

وفي هذا الإطار، أكد أخنوش أن  الحكومة ستعمل على الرفع من وتيرة تنزيل منظومة الاستهداف عبر تسخير جميع الإمكانيات المالية واللوجستية لتعزيز عملية التقييد في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية والوحيدة لمنح الدعم وضمان نجاعته.

وذكر المصدر ذاته بأن الحكومة تمكنت، وفق المصدر ذاته، بفضل المجهودات التي بذلتها في ظرف وجيز من وضع الترسانة القانونية والتنظيمية اللازمة لتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وذلك من خلال المصادقة على مجمل النصوص ذات الصلة بأنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاصة بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك وبفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور.

كما نجحت الحكومة في تعميم التامين الإجباري الاساسي عن المرض وفق والإطار الزمني المحدد له من خلال انتقال المستفيدين سابقا من نظام “راميد” إلى نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وذلك ابتداء من فاتح دجنبر 2022 وهو ما منح الإمكانية لحوالي 4 ملايين أسرة فقيرة للولوج إلى العلاج بالمستشفيات العمومية والخاصة، مع تحمل الدولة لاشتراكاتهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك بغلاف مالي سنوي يقدر ب 9.5 ملايير درهم.

وبخصوص النهوض بالمنظومة الصحية، دعا أخنوش الحكومة للعمل على مواصلة إصلاح هذه المنظومة، خاصة فيما يتعلق بتأهيل العرض الصحي، عبر مواصلة بناء وتجهيز المستشفيات الجامعية الجديدة بالرباط وأكادير والعيون، وإطلاق أشغال بناء وتجهيز مستشفيات جامعية جديدة أخرى بكل من الرشيدية وبني ملال وكلميم. هذا إلى جانب مواصلة إنجاز برنامج إعادة تأهيل ما يقارب 1.400 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية ومواصلة تطوير النظام المعلوماتي المندمج مع العمل على تنزيل قانون الوظيفة الصحية وإحداث المجموعات الصحية الترابية.

وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي وعيا بالدور الذي يلعبه قطاع الصحة في إرساء أسس الدولة الاجتماعية، وفي إنجاح ورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على وجه الخصوص، وبعد استكمال الإطار القانوني لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية.

ولفت المنشور ذاته إلى أن الحكومة ستعمل على مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين كإحدى ركائز الدولة الاجتماعية، عبر العمل على مواصلة تنزيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التعليمية 2026-2022، التي ترتكز على 12 التزاما عمليا تتمحور حول التلميذ والأستاذ والمؤسسة التعليمية.

وتروم هذه الالتزامات تمكين التلميذ من التعلمات الأساسية ومواكبتهم من أجل استكمال تعليمهم الإلزامي، إلى جانب الارتقاء بمهنة التدريس وجعلها أكثر جاذبية، ولا سيما من خلال تمكين الأساتذة من تكوين أساسي ومستمر ذي جودة، وإحداث نظام أساسي جديد موحد ومحفز، وتجديد المقاربات البيداغوجية والأدوات الرقمية لتسهيل عمل الأساتذة وتعزيز أثره على المتعلمين داخل مؤسسات حديثة تساهم في خلق مناخ وبيئة تعليمية محفزة.

وبالموازاة مع ذلك، ستواصل الحكومة تنزيل خارطة الطريق لتعميم التعليم الأولي في أفق سنة 2028 من خلال إحداث حوالي 4000 وحدة تعليمية سنويا، مع تمكين المربيات والمربيين من التكوين الجيد وذلك لفائدة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 6 سنوات في العالم القروي على وجه الخصوص.

كما ستعمل الحكومة على تفعيل مضامين المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الذي يهدف إلى إرساء نموذج جديد للجامعة المغربية يكرس التميز الأكاديمي والعلمي ويدعم الإدماج الاقتصادي والاجتماعي وينبني هذا النموذج على منظومة ناجعة للحكامة المؤسساتية للقطاع، وعلى إصلاح بيداغوجي شامل ومندمج يهدف إلى الارتقاء بنظام “LMD” المتعلق بالإجازة والماستر والدكتوراه.

وأوصى أخنوش بتعزيز مسارات التعلم بمهارات ذاتية وكفاءات أفقية لتعزيز الارتباط بالهوية المغربية وتقوية الرابط الاجتماعي، مع إدماج إشهادات في المهارات اللغوية والرقمية وتطوير إمكانيات التدريس بالتناوب بين الجامعة والمحيط الاقتصادي والاجتماعي هذا بالإضافة إلى تطوير البحث العلمي، عبر العمل على تخريج جيل جديد من طلبة الدكتوراه بمعايير دولية، قادرين على إنجاز أبحاث مبتكرة في المجالات ذات أولوية وطنية حيث سيتم في مرحلة أولى إطلاق برنامج لتكوين 1.000 طالب دكتور – مدرب سنويا، وهو ما سيمكن من توفير مشتل للكفاءات القادرة على تجديد هيئة الأساتذة الباحثين الذين ستتم إحالة أعداد مهمة منهم على التقاعد خلال السنوات القادمة.

وبخصوص مجال التشغيل، أكد أخنوش أن الحكومة ستواصل تنزيل النسخة الثانية من برنامج “أوراش” من أجل بلوغ هدف إحداث 250 ألف منصب شغل، مذكرا بأن هذه النسخة، منذ إطلاقها في شهر مارس 2023، عرفت عددا من المستجدات التي تهدف إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب، خاصة في الشق المتعلق بأوراش دعم الإدماج المستدام، حيث تم فتح باب الاستفادة من هذا الشق لفائدة المقاولات الصغرى التي لا يتعدى رقم معاملاتها السنوي 10 ملايين درهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

أما بالنسبة لبرنامج “فرصة”، الذي يهدف إلى مواكبة وتمويل 10.000 من حاملي المشاريع خلال سنة 2023، فستحرص الحكومة على التتبع والمواكبة البعدية لحاملي المشاريع، مع مراعاة مبادئ العدالة المجالية ومقاربة النوع التي تهدف من خلالها إلى رفع نسبة استفادة النساء من 20% المسجلة برسم النسخة الأولى، إلى 30 بالمائة برسم النسخة الثانية لهذا البرنامج، الذي خصصت له الحكومة غلافا ماليا سنويا يقدر ب 1.25 مليار درهم برسم سنتي 2022 و2023.

كما ستعرف سنة 2024 إنجاز تقييم شامل لهذا البرنامج قصد استصدار دليل مرجعي للممارسات الجيدة في مجال مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، من أجل انطلاقة واعدة في هذا المجال.

وبخصوص دعم السكن من أبرز تجليات الدولة الاجتماعية، ستواصل الحكومة إحداث إعانات مالية مباشرة لدعم السكن لفائدة الراغبين في اقتناء مساكن مخصصة للسكن الرئيسي، مع تحسين ظروف عيش المواطنين من خلال محاربة مظاهر الإقصاء الاجتماعي والمجالي، عبر إيجاد حلول لمشاكل السكن الغير اللائق، ومواصلة برنامج مدن بدون صفيح، والمشاريع الرامية إلى تأهيل المباني الآيلة للسقوط، وكذا عبر تحسين الولوج إلى مرافق وتجهيزات القرب في إطار برامج سياسة المدينة.

ستعتني الحكومة بالجانب المتعلق بالمحافظة على المباني التقليدية والتراث المعماري بصفة عامة وبإعادة تثمين المدن العتيقة بصفة خاصة، لما لذلك من أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية من شأنها تحفيز وتحسين تنافسية وجاذبية هذه المجالات.

ووفق نفس المنظور، ستواصل الحكومة تنزيل برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية الذي يحظى بعناية ملكية نظرا لمساهمته الفعالة في تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية خصوصا فيما يتعلق بمؤشرات الولوجية وتمدرس الفتيات بالعالم القروي وتنمية الأنشطة الاقتصادية غير الفلاحية وفك العزلة عن المواقع السياحية وتحسين ظروف التزود بالماء الصالح للشرب.

إلى ذلك، ستواصل الحكومة تنزيل المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث ستعمل على مواصلة تنزيل مختلف البرامج المسطرة لهذه المرحلة، خاصة فيما يتعلق بمواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، إضافة إلى الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة بالخصوص على مستوى الصحة والتعليم.

كما ستعمل الحكومة على تنزيل استراتيجية “جسر” التي تهدف على الخصوص إلى رفع نسبة مشاركة النساء في تنمية الاقتصاد الوطني، وتقليص نسبة انتشار العنف ضد النساء ، وتحسين وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة والتكفل بالأشخاص المسنين.

كما ستعمل الحكومة على تنزيل الاستراتيجية الثقافية التي ترتكز بالأساس على حماية وتثمين التراث الثقافي المغربي، وتعزيز البنية التحتية الثقافية في جميع أنحاء المملكة، وتطوير الصناعات الثقافية والإبداعية، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي والدبلوماسية الثقافية وستعرف سنة 2024 تنزيل البرامج الرئيسية لهذه الاستراتيجية التي تهدف على الخصوص إلى جعل التراث الثقافي الوطني رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي، وتجديد وتوسيع البنيات التحتية الثقافية على مستوى المملكة، وملاءمة السياسات العمومية لجعل الثقافة خدمة عمومية فعلية لفائدة المواطنين.

وبخصوص مغاربة العالم، ستعمل الحكومة على تكثيف مجهوداتها الرامية إلى تحسين شروط ولوج جاليتنا بالخارج إلى أرض الوطن، وإلى مختلف المرافق العمومية وفي أحسن الظروف، كما ستضاعف الحكومة مجهوداتها الرامية إلى تقوية فعالية ونجاعة المنظومة المؤسساتية المخصصة لمغاربة العالم، وتعبئة كفاءاتها خدمة لتنمية المغرب وإشعاعه مع إيلاء عناية خاصة لاستثمارات ومبادرات أبناء الجالية المغربية بالخارج.

كما ستواصل الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين وفقا لمضامين الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه بتاريخ 30 أبريل 2022 كما ستعمل على تنزيل الاتفاقات الموقعة بهدف تحسين أجور موظفي مجموعة من القطاعات، وهو ما سيكلف الميزانية العامة للدولة نفقات إضافية تقدر بـ 4 ملايير درهم سنة 2023، أي أن مجموع الاعتمادات المخصصة لتنزيل التزامات الحوار الاجتماعي برسم سنة 2023 سيبلغ حوالي 10 ملايير درهم.

مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية

ستواصل الحكومة تحديث وتطوير المنظومة القانونية المدرجة في المخطط التشريعي، إلى جانب مواصلة التنزيل التدريجي لمشروع التحول الرقمي للإدارة القضائية وتحديثها، والأوراش المتعلقة بتأهيل البنية التحتية للمحاكم والرفع من مؤهلات وكفاءات الموارد البشرية وفي هذا الإطار، تولي الحكومة عناية خاصة لتنزيل التعليمات الملكية السامية لتعميم محاكم الأسرة، في كل المناطق، وتمكينها من الإمكانيات الكفيلة بالارتقاء بأدائها وتيسير مهامها.

كما ستعمل الحكومة على تسخير كافة الإمكانيات والجهود لإنجاح ورش اللاتمركز الإداري والتقدم في تنزيل الجهوية المتقدمة، باعتبارهما محورين أساسيين لتعزيز حكامة التدبير العمومي ببلادنا، وللرفع من نجاعة السياسات العمومية والتقائيتها على المستوى الترابي، مع التقليص من التفاوتات المجالية فيما يخص الاستثمارات؛ وذلك من خلال اعتماد سياسة جديدة ترتكز على إعطاء بعد ترابي لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إحداث التمثيليات المشتركة وتحقيق وحدة عمل كل مصالح الدولة على المستوى الجهوي لضمان فعالية أدائها والارتقاء بجودة الخدمات التي تقدمها، إلى جانب مواصلة تحويل الاختصاصات إلى المصالح اللاممركزة ، وتمكينها من الموارد اللازمة لأداء مهامها.

وستعمد الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات العملية لتنزيل كافة الأوراش المتعلقة بإصلاح الإدارة، خصوصا منها ما يتعلق بالحكامة الجيدة وتبسيط المساطر ورقمنتها، لتحسين ولوج المرتفقين إلى الخدمات العمومية الأساسية، مع العمل على تفعيل الاستراتيجية الرقمية الجديدة التي تهدف إلى رقمنة الخدمات العمومية وتطوير الاقتصاد الرقمي خاصة عبر تطوير الشركات الناشئة، إلى جانب تقوية التكوين وتعزيز الكفاءات في هذا المجال.

وستركز الحكومة أيضا، وفق المنشور نفسه، على الاستثمار المنتج باعتباره رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط بلادنا في القطاعات الواعدة والمنتجة لفرص الشغل للشباب، والموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية

وستحرص الحكومة على مواصلة المجهود الاستثماري للدولة، وتحفيز الاستثمار الخاص باعتباره محورا للإقلاع الاقتصادي للمملكة، وآلية ضرورية لترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية وإرساء أسس اقتصاد وطني تنافسي منصف ومستدام في أفق عكس التوزيع الحالي للمجهود الاستثماري، من خلال الرفع من مساهمة الاستثمار الخاص، الذي لا يشكل حاليا سوى ثلث الاستثمار الإجمالي، وذلك ليبلغ الثلثين في أفق سنة 2035، وخلق نوع من التكافؤ بين الاستثمار العمومي (50%) ، والاستثمار الخاص بحلول سنة 2026.

وستعمل الحكومة على تفعيل الميثاق الجديد للاستثمار، وذلك بعد أن نجحت في استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بالاستثمار، عبر إخراج جميع النصوص التنظيمية المتعلقة بتفعيل نظام الدعم الأساسي للاستثمار، وكذا نظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، حيث من شأن هذه النصوص مواكبة الدينامية الجيدة التي يعرفها الاستثمار الخاص ببلادنا.

تعزيز استدامة المالية العمومية

دعا منشور رئيس الحكومة إلى الالتزام باتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على توازنات المالية العمومية واستدامتها، وذلك من خلال اعتمادها لمجموعة من الإصلاحات الضرورية، التي من شأنها تحقيق هوامش مالية لمواجهة هذه التحديات ولتمويل مختلف الأوراش الإصلاحية والتنموية.

وأشار رئيس الحكومة إلى أن إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية يأتي على رأس هذه الإصلاحات الملحة لتعزيز توازن ماليتنا العمومية واستدامتها، وذلك على وجه الخصوص من خلال اعتماد قاعدة ميزانية جديدة تروم التحكم في المديونية في مستويات مقبولة، لاسيما عبر البرمجة الميزانياتية المتعددة السنوات، إضافة إلى توسيع نطاق القانون التنظيمي لقانون المالية ليشمل المؤسسات العمومية المستفيدة من موارد مرصدة أو من إعانات من الدولة.

كما ستواصل الحكومة خلال سنة 2024، التنزيل الفعلي للقانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي عبر اعتماد تدابير ملموسة من أجل تحقيق العدالة الضريبية، ووضع نظام ضريبي مستقر، مبسط وشفاف يوفر الرؤية للمستثمرين ولكل الفاعلين وفي هذا الإطار، ستعطى الأولوية خلال سنة 2024، الإصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وإدماج القطاع غير المهيكل.

وموازاة مع ذلك، ستعمل الحكومة على تطوير التمويلات المبتكرة، وعلى مواصلة مجهوداتها الرامية إلى عقلنة تدبير المحفظة العمومية، عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 50.21 المتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية بغية تعزيز مثالية الدولة وعقلنة تدبيرها ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها والرفع من مردوديتها الاقتصادية والاجتماعية، ومن مساهمتها في الميزانية العامة للدولة.

وبشكل عام، ستحرص الحكومة خلال سنة 2024 والسنوات اللاحقة على التقليص التدريجي من عجز الميزانية، بما يمكن من وضع ماليتنا العمومية في مسار تقليص حجم المديونية، وتعزيز التوازن المالي، واستعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة مختلف الأوراش التنموية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *