سياسة، مجتمع

الغلاء ومطالب رفع الأجور وانتظارات “جولة شتنبر” تشعل الدخول الاجتماعي بالمغرب

ينتظر أن تواجه الحكومة دخولا اجتماعيا “ساخنا” خلال الأسابيع المقبلة، بسبب كثرة المطالب الاجتماعية وتراكمها وحدتها، في ظل عودة أسعار المحروقات ومعها أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع.

وتُجمع المركزيات النقابية على ضرورة الرفع من الأجور، وتنفيذ كل البنود التي تم التوقيع عليها في اتفاق 30 أبريل 2022، وهي مطالب ضمن أخرى تتشبث بها في جولة شتنبر المقبلة من الحوار الاجتماعي، مع الحكومة.

ورغم تحقيق الحكومة للسلم الاجتماعي مع فئات في الوظيفة العمومية (الأطباء، الممرضون، الأساتذة الجامعيون..) إلا أن بعض قطاعات الوظيفة العمومية الأخرى تظل على فوهة بركان الاحتجاجات خاصة قطاع التربية الوطنية الذي يقف على أعتاب إعلان نظام أساسي جديد.

ومن جهة أخرى تظل فئة قطاع النقل الطرقي أكثر فئة تتضرر مع كل زيادة في أسعار المحروقات مما يجعلها ترفع مطالب جديدة رغم التزام الحكومة بتقديم الدعم لها، دون أن ننسى معاناة قطاعات عريضة من العمال الزراعيين أمام موجة الجفاف خلال السنوات الثلاث الماضية.

تنفيذ ما تبقى من اتفاق 30 أبريل
في هذا الإطار، قال بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “الحكومة مطالبة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في 30 أبريل 2022 بدون مراوغة، قبل جولة شتنبر”، مضيفا بقوله: “نتمنى أن تكون الحكومة حكومة بالفعل، ولا تتحكم فيها الباطرونا”.

وأضاف بوخالفة، أن نقابة الـCDT “ترفض فكرة الحوار التي تعتمدها الحكومة، لأنه لا يفضي لشيء، وإنما تطالب بالتفاوض”، مبرزا أن نقابته حضرت لاتفاق 30 أبريل بإرادة التفاوض، وتم التوقيع على عدة اتفاقيات لكن الحكومة لم تنفذ الكثير منها.

وأردف: “هذا الاتفاق، كنا ننتظر أن تطبق الزيادة في الأجور في شتنبر الماضي، غير أنه التمسنا العذر للحكومة، نظرا للضائقة المالية وتداعيات الحرب في أوكرانيا، وأزمة كورونا، ونحن مستعدون للتضحية من أجل بلادنا، لكن بعد أن مرت سنة لم يطبق شيء”.

وانتقد بوخالفة تملص الباطرونا في تنفيذ الزيادة الثانية بنسبة 5 بالمائة في الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص، بعد الزيادة الأولى في شتنبر 2022، حيث قال “بلغنا أن الباطرونا صرحت برفض الزيادة بـ5 بالمائة، ونحن لم نتفق مع الباطرونا ولا الحكومة ولا نشتغل تحت الشروط”.

اجحاف للشغيلة
وأضاف، أن ما صدر عن المسؤول عن “الباطورنا”، فيه إجحاف لليد العاملة، ويجب عليه أن يعود للاستماع للتوجيهات الملكية عندما أكد الملك محمد السادس على ضرورة الحفاظ على مناصب الشغل، واستمرار الحوار الاجتماعي.

ومضى نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل مستطردا: “فيما يخص قوانين النقابات والإضراب ومدونة الشغل، فنرى ضرورة أن يكون فيها نقاش، وتوافق، وليس شرطا بشرط”، داعيا كذلك إلى تعديل قانون الانتخابات.

وجدد النقابي المذكور، دعوته للحكومة لتنفيذ بنود اتفاق 30 أبريل، وأن “تكون مسؤولة ولا تتراجع عما تم الاتفاق عليه، وأن يتحمل الشارع المغربي والطبقة العاملة مسؤوليته أيضا”، مضيفا أن نقابته “لا تهدد ولا تبتز ولكن ستستمر في النضال”.

دخول مليء بالنضالات
من جهته، قال الاتحاد المغربي للشغل، إنه يستعد للدخول الاجتماعي بعد سنة مليئة بالنضالات والأنشطة النقابية وبعد تحقيق مجموعة من الحقوق والمكتسبات في عدة قطاعات، مبرزا أنه يستعد للحوار الاجتماعي لجولة شتنبر تماشيا مع الاتفاق الذي تم مع رئيس الحكومة.

وتنتظر نقابة المخارق، من جولة شتنبر تحسين دخل عموم الأجراء بالزيادة العامة في الأجور، وتخفيض الضريبة عن الأجور التي يؤديها الأجراء بنسبة عالية تصل إلى % 38 و بصفة منتظمة، وكذا تفعيل ما تبقى في الميثاق الاجتماعي الذي تم توقيعه في 30 أبريل2022، والرفع من التعويضات العائلية و تحسين مجموعة من التعويضاتسواء في القطاع العام و الخاص.

شرط غير مقبول
وسجلت النقابة، ضمن بلاغ لها تتوفر “العمق” على نسخة منه، أنه “قبل انعقاد جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات عاد النقاش بشأن الزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجر، وهناك تلميحات أرباب المقاولات إلى أن الانتظارات المتعلقة بتعديل مدونة الشغل وإخراج قانون الإضراب إلى الوجود لأجل تسهيل الزيادة الثانية في الأجر ما زالت قائمة وسط رفض المركزيات النقابية هذا الشرط الغير المقبول”.

وأكد الاتحاد المغربي للشغل أن الظرفية المتأزمة تستدعي رفع الحد الأدنى للأجر إلى 5000 درهم، مضيفا أنه يتأسف لكون الوثيقة التوجيهية لقانون المالية لـ2024، لم تتضمن أي إشارة إلى تحسين أوضاع الأجراء من زيادة عامة في الأجور.

تهديد بالانسحاب
وزاد أن “الاتحاد المغربي للشغل طالب ومازال يطالب بتخفيض الضريبة عن الأجر لأنه مطلب عادل مع العلم أن الحكومة اعترفت من قبل بهذا المشكل وخاصة أن الوزير المكلف بالميزانية واعد أن هذا الملف سيطرح للنقاش في هذه الجولة بتخفيض الضريبة عن الأجر لتحسين دخل الأجراء”.

وأكد الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، الميلودي المخارق أن عدم إلتزام أرباب المقاولات بالزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجر، يهدد بشكل مباشر بنسف جولة شتنبر المخصصة للحوار الاجتماعي مبرزا أن الاتحاد المغربي للشغل سينسحب من هذه الجولة في حالة لم تنفذ الباطرونا ما اتفق بشأنه من الزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجر المرتقبة في الشهر المقبل.

إجهاد على القدرة الشرائية
وبدوره، قال محمد الزويتن، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن الحكومة فشلت في معالجة الملفات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع المغربي، ولم تف بالالتزامات التي وعدت بها سواء في الانتخابات أو في الحوار الاجتماعي مع النقابات، مضيفا أن المجتمع والشغيلة لا في القطاع الخاص ولا في العام لازالت تنتظر هذه الوعود.

وأشار الزويتن ضمن تصريح لجريدة “العمق”، إلى ما وصفه بالزيادات غير المفهومة خلال شهر غشت، في أسعار المحروقات، دون أن يقدم القطاع المعني أي توضيحات، مضيفا أن هذه الزيادات أرهقت المواطن والأسرة المغربية، في حين أن الحكومة لم تقم بأي إجراءات لمواجهة غلاء المواد الأساسية والغذائية مبرزا أن التضخم وصل في بعض المواد إلى 10 و20 بالمائة، وهذا فيه إجهاد على القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود.

وسجل المتحدث، “اقصاء الحكومة لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من الحوار الاجتماعي مع النقابات، مع العلم أنها نقابة مركزية ولها تواجد في القطاع الخاص، ولديها 2700 مندوب، وذلك بتأويل لا ديمقراطي، وظلت تتحاور مع 3 مركزيات نقابية فقط”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *