اقتصاد

الجواهري: الحسن الثاني وضعني في خلوة بالقصر لاقتراح حل لنفاذ العملة الصعبة

كشف والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، تفاصيل وضعه من طرف الملك الراحل الحسن الثاني في خلوة بالقصر الملكي بفاس لبحث حل لنفاذ العملة الصعبة بالمغرب في ثمانينيات القرن الماضي.

كما تطرق الجواهري، في حوار مع مجلة صندوق النقد الدولي، للقائه بالملك الراحل الحسن الثاني لتدارس الوضعية الاقتصادية للمغرب، مستعرضا تفاصيل تطبيق برنامج التقويم الهيكلي مع صندوق النقد الدولي، على بعد أسابيع من استضافة المغرب للاجتماعات السنوية للصندوق ومجموعة البنك الدولي.

وأشار الجواهري إلى أن تعيينه وزيرا للمالية في بداية نونبر من سنة 1981 تزامنا مع الاحتجاجات الاجتماعية الشعبية التي عرفتها عدد من المدن المغربية ردا على قرار حكومة الراحل المعطي بوعبيد زيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية.

وذكر بأن تلك المرحلة تميزت بنشوب أزمة طاقة وركود اقتصادي في العديد من البلدان مع ارتفاع أسعار النفط سنة 1979، حيث تضاعفت أسعار النفط في الأسواق العالمية أكثر من 3 مرات ما أرخى بظلاله، على حد تعبيره، على اقتصاد المغرب الذي شهد تضخما غير مسبوق.

وأكد المتحدث ذاته أن المغرب كان يواجه خطرا اقتصاديا نظرا لهشاشته وضعفه في تلك الفترة وتأثره بعوامل خارجية، فضلا عن وجود معارضة داخلية قوية من قبل الأحزاب التقليدية.

وقال والي بنك المغرب: “في فبراير من سنة 1983 كنت في مكتبي رفقة نائب والي بنك المغرب وأخبرني مساعدي بأن مدير المديرية الخارجية المكلف بتدبير رصيد المغرب من العملة الصعبة يريد لقاءنا وأخبرنا بأن المملكة لم يعد لديها أي رصيد من العملة الصعبة”.

وبعد تفكير عميق لإيجاد حل لهذه الوضعية الصعبة، أوضح الجواهري أنه قرر أن نبأ مثل هذا يجب أن يطلع عليه رئيس البلاد، مضيفا أنه اتصل بوالي بنك المغرب آنذاك وأخبره بطلب عقد لقاء مستعجل مع الملك الراحل الحسن الثاني لتدارس هذا المستجد، حيث توجها، على حد تعبيره، لمدينة فاس وأخبرا مدير البروتوكول بأن الأمر مستعجل.

وحسب الجواهري، فإن مدير البروتوكول لم يدرك سبب طلب والي بنك المغرب ووالي بنك المغرب عقد لقاء مستعجل مع الحسن الثاني، قبل أن يقول له الجواهري، كتعبير عن خطورة الوضعية: “من الممكن ألا تشتعل هذه الأضواء غدا في جناحكم”.

ونتيجة لذلك، أكد الجواهري أنه عقد في اليوم الموالي لقاء مع الحسن الثاني، لكن دون حضور والي بنك المغرب “آنذاك”، وفور دخوله لقاعة الاجتماع سأله الملك: “ما الذي يقع؟”، فأجابه الجواهري: “ليس لدينا أي عملة صعبة، فرد عليه الملك: “وماذا تقترح؟”.

غير أن وزير المالية آنذاك طلب مهلة 48 ساعة من الملك لتدارس هذه الوضعية الجديدة مع فريق صندوق النقد الدولي، ليتجه الجواهري لواشنطن، وفهم في ذلك الوقت مصطلحات وعبارات جديدة مرتبطة بالوضعية الاقتصادية لكل بلد على حدة.

بعد عودته للمغرب، شرح الجواهري للملك الحسن الثاني تفاصيل أكثر عن الوضعية الاقتصادية للمغرب، حيث استفسر الملك الراحل عن خطوات عملية لمواجهة نفاذ العملة الصعبة، قبل أن يدعو الجواهري إلى تشكيل لجنة للتفكير حول مشروع قانون تعديلي لقانون المالية مع التركيز بشكل خاص على القطاعات التي تستهلك نفقات أكبر.

وعلى ضوء ذلك، قرر الملك الحسن الثاني وضع الجواهري في خلوة لمدة يومين في الإقامة الملكية الثانية بمدينة فاس حيث أمره قائلا: “سأضعك في خلوة لمدة يومين وسأرسل لك الغداء والعشاء، ولن تغادر حتى تصل إلى مقترح قانون مالية تعديلي كما يحدث في انتخابات البابا”.

وأشار الجواهري إلى أن هذه الخلوة كانت يومي 30 أبريل وفاتح ماي حيث تمكن بالفعل من إعداد مقترح قانون مالية تعديلي، إذ أبلغ الملك الحسن الثاني بذلك قبل أن يقرر هذا الأخير، في عشية اليوم ذاته، عقد مجلس للوزراء”.

وتطرق الجواهري لما قاله الملك الحسن الثاني في افتتاح مجلس الوزارء مخاطبا أعضاء الحكومة: “أسلافي عندما كانت تواجه البلاد بعض المشاكل والصعوبات كانوا يقومون بـ”الحركة”، وسأقوم أيضا على ضوء هذه الظروف الصعوبة التي يمر منها المغرب بالأمر ذاته على طريقتي، فمن يريد اتباعي فمرحبا به ومن لا يرغب في ذلك ويعتبر الوضعية صعبة جدا فهو غير معني بهذا الأمر”.

ورد الوزراء، يضيف الجواهري: “نحن خلفك يا جلالة الملك”، قبل أن يدعو هذا الأخير وزير المالية إلى شرح وتفصيل الوضعية الصعبة التي يمر منها المغرب لأعضاء الحكومة، مؤكدا أنه خلال شتنبر من السنة ذاتها جرى تنفيذ برنامج التقويم الهيكلي مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *