اقتصاد، سياسة

ميارة يدعو للاهتمام بقارة إفريقيا لبناء أسس نظام اقتصادي عالمي عادل ومنصف

دعا رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، إلى الاهتمام بالقارة الإفريقية باعتباره أحد المداخل الرئيسية لأسس نظام اقتصادي عالمي عادل ومنصف، مشددا على أن العالم يجتاز ركودا تضخميا.

وقال ميارة، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى البرلماني العالمي بالاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، صباح الإثنين، إن الاهتمام بالقارة الإفريقية، يشكل أحد المداخل الرئيسية لأسس نظام اقتصادي عالمي عادل ومنصف، فهذه القارة تحتاج اليوم، على حد تعبيره، إلى جهود دولية كبيرة، خاصة من مؤسسات التمويل المرجعية العالمية، من أجل سد الفجوة التنموية بين دول القارة ودول الشمال.

وفي هذا الصدد، دعا رئيس مجلس المستشارين المتدخلين الماليين العالميين من أبناك وصناديق استثمار إلى العمل على ابتكار أساليب تمويل ملائمة لحاجيات القارة الإفريقية، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار في إمكانيات منطقة التبادل الحر القارية وتعزيز الربط اللوجيستي بين دول القارة وتطوير منصات صناعية وفضاءات عمل المقاولات الناشئة (startups) ودعم الإنتاج الفلاحي لضمان السيادة والأمن الغذائي، وذلك من أجل تعزيز التجارة البينية القارية، كمدخل أساسي لتقوية المنظومات الاقتصادية للدول الإفريقية.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن القارة الإفريقية تمر من فترة تحولات كبرى، تستلزم عناية خاصة من أجل تطوير مساهمة القارة في الاقتصاد العالمي وتحسين مؤشراتها الاجتماعية  وتقليص الهوة التنموية بينها وباقي قارات العالم.

وهذا التوجه، حسب ميارة، هو من أساسيات الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة الملكية والذي يهدف إلى بناء إطار شراكات واعدة مع دول القارة مبني أساسا على مفاهيم “التنمية المشتركة” وتبادل الممارسات الفضلى والتمويل الذكي والناجع ومبادئ التعاون الدولي العادل والمنصف.

وذكر ميارة أن العالم يجتاز اليوم فترة مليئة بالتحديات الاقتصادية الكبرى، فمستويات نمو الناتج الداخلي الخام العالمي لا زالت لم تسترجع مستوياتها الطبيعية، حيث سجلت سنة 2022 نسبة نمو في حدود 3.5% لتصل إلى حدود 3% سنة 2023 وسنة 2024، كما أن معدلات التضخم تسجل مستويات قياسية وصلت إلى 8.7% سنة 2022 وإلى حوالي 6.8 سنة 2023 وستصل 5,2% سنة 2024.

وشدد على أن هذه “المعطيات تؤكد أن عالمنا يجتاز مرحلة ركود تضخمي  (Stagflation)بمجموعة من دول العال،. وبالموازاة مع هذه المعطيات الاقتصادية المقلقة، يعيش عالمنا على وقع استمرار تحديات الحرب في أوكرانيا وتقلبات أسواق الطاقة واستمرار الخلل على مستويات سلاسل القيمة والإمداد وأزمة الأمن الغذائي، بالإضافة إلى استفحال ظاهرة التغيرات المناخية وتراجع عدد كبير من المؤشرات الاجتماعية خاصة في دول الجنوب.

كما تسجل معطيات صندوق النقد الدولي استمرار المديونية العالمية في نسق تصاعدي لتناهز حسب آخر تحديث 238% من الناتج الداخلي العالمي، يضيف ميارة.

وأبرز المسؤول المغربي أن “المأزق الاقتصادي الذي يعرفه العالم، بجانب التحديات الجديدة التي يواجهها النظام العالمي من قبيل الصراعات التجارية ومستجدات الثورة الصناعية الخامسة وإعادة تشكيل سلاسل القيمة العالمية وانعكاسات ذلك على منظومة الإنتاج وخلق القيمة المضافة ورهانات السيادة الصحية والطاقية والغذائية، يحتم علينا كبرلمانيين الإضلاع بأدوارنا الكاملة في الدفاع عن المصالح الفضلى للشعوب، وذلك من خلال العمل على ابتكار تشريعات جديدة قادرة على مواكبة التحولات ومواجهة التحديات.

كما شدد على ضرورة العمل والتنسيق مع الفاعلين الحكوميين لبناء نماذج اقتصادية دامجة وقادرة على تحيين الممارسات الاقتصادية، لتكون في مستوى التحديات الاقتصادية المطروحة علينا، كما ينبغي العمل، خاصة على مستوى إعداد الموازنات، على تبني منهجية توجه الاستثمار العمومي إلى استثمارات أكثر نجاعة وإدماجا لكل فئات المجتمع، بأسلوب ذكي مبني على النجاعة والنتائج، وذلك باستحضار دائم لأهمية الإصلاح المستمر للمنظومات الجبائية الوطنية وتطوير أبعاد الحكامة والمسؤولية في آليات تدبير المالية العمومية.

وأكد ميارة أن المؤسسات المتعددة الأطراف مدعوة إلى مواكبة النماذج التنموية الوطنية الجادة، من خلال وضع منظومة متقدمة للمواكبة التقنية لاستراتيجيات الدول في التحول التنموي، القادر على توفير “منصات اقتصادية سيادية” تمكن من توفير شروط انبثاق إطار اقتصادي، خالق للفرص للجميع وخاصة الشباب من جهة، وتمكن من تعزيز الفرص الاقتصادية للمقاولات، خاصة المتوسطة والصغيرة من جهة أخرى، لأن النمو الغني بفرص العمل يبقى هو الحل الأمثل للإدماج والقضاء على الفقر بكل أبعاده.

ومن جانب آخر، لفت المتحدث ذاته أن “مؤسسات التمويل المتعدد الأطراف وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يوجدون في صلب الديناميات التنموية لكل دول العالم، وهم مدعوون بالتنسيق مع الحكومات على ضرورة تطوير أساليب مبتكرة من أجل تقوية تسخير الاستثمار والتمويل المؤسسي لصالح التنمية، وفق أجندة تهم الأولويات المرتبطة بمكافحة التغيرات المناخية وتعزيز تنفيذ التزامات الدول في موضوع الهجرة وتقليص الفجوة الرقمية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية”.

وطالب ميارة ببناء جيل جديد من المبادرات المتعلقة بتعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة والشباب،وذلك بالإضافة إلى وضع إطار عالمي جديد من أجل معالجة “أعباء الدين”، التي تثقل كاهل العديد من الاقتصادات منخفضة الدخل والاقتصادات الصاعدة، وتفرمل قدرتها على الاستثمار في التعليم والحماية الاجتماعية والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية.

إلى ذلك، دعا ميارة الشبكة البرلمانية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للتفكير في “بلورة تصور عملي لبناء “أجندة برلمانية عالمية من أجل تحول تنموي منصف ودامج”، تمكن من وضع دليل للممارسات الاقتصادية البرلمانية الفضلى، ومواكبة البرلمانات الوطنية في تقوية مسارات إعداد الموازنات العامة على المستوى التقني من أجل تحسين نجاعة وإدماج الاستثمارات العمومية من جهة، وتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة من جهة أخرى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *