سياسة

دون تحقيق أهدافها.. الجزائر تطلب موافقة إسبانيا على تعيين سفير جديد

بعد أكثر من عام من قرار النظام الجزائري سحب سفيره من إسبانيا احتجاجا على الموقف الإسباني المتمثل في الاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وواقعي وذو مصداقية في تسوية نزاع الصحراء المغربية، عاد العسكر لطلب موافقة مدريد على تعيين سفير جديد.

وبحسب ما أوردته صحيفة “جون أفريك الفرنسية”، فإنه من المتوقع أن يوافق مجلس الوزراء الإسبانب على طلب الجزائر خلال الأسابيع القادمة، مشيرة إلى أن السفير الجزائري الجديد سيكون عبد الفتاح دغموم، الذي كان يعمل في سفارة الجزائر في مدريد وسفيرا للجزائر سابقا في غينيا.

وشكل الموقف الجديد لإسبانيا باعترافها، رسميا، بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وجدي وذو مصداقية لنزاع الصحراء المغربية، تحولا تاريخيا للجارة الشمالية للمملكة، بإعلانها موقفا واضحا وصريحا عكس ما كانت تنهجه سابقا، وهو ما يؤشر على انتصار الديبلوماسية المغربية التي غيّرت من سياستها تجاه مدريد مؤخرا.

هذا التحول أثار غضب الجارة الشرقية التي تعتبر نفسها غير معنية بتاتا بملف الصحراء المغربية، حتى أنها ترفض في كل مرة المشاركة في موائد المفاوضات الأممية مع المغرب و”البوليساريو” وموريتانيا.

فبعد قرار استدعاء سفير الجزائر في مدريد، مارس 2022 مباشرة بعد إعلان إسبانيا عن موقفها الجديد في ملف الصحراء المغربية، وجه نظام الرئيس عبد المجيد تبون انتقادات لاذعة إلى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.

وبالرغم من أن النظام الجزائري يعتبر نفسه غير معني بتاتا بملف الصحراء المغربية، حتى أنه يرفض في كل مرة المشاركة في موائد المفاوضات الأممية مع المغرب و”البوليساريو” وموريتانيا، إلا أنه يحشر نفسه كل مرة في هذا النزاع ويحاول التدخل في القرارات السيادية للدول المعنية، مؤكدا بذلك أنه طرف أساسي في الملف.

وهكذا، قررت الجزائر مواصلة مسلسل التصعيد ضد إسبانيا، واضعة شروطا من أجل عودة سفيرها إلى مدريد، تتجلى في تقديم “إيضاحات مسبقة وصريحة لإعادة بناء الثقة المتضررة بشكل خطير”، معتبرة أن من يتحدثون عن غضب مؤقت للجزائر “لا ينسجمون مع الواقع”.

وفي هذا الصدد، اعتبر النظام الجزائري على لسان المبعوث الخاص المكلف بملف الصحراء ودول المغرب العربي بوزارة الخارجية، عمار بلاني، أن اعتراف إسبانيا بالحكم الذاتي كحل جدي وواقعي وذو مصداقية، يعادل الاعتراف “غير المبرر” بمغربية الصحراء، وفق تعبيره.

وكشف المسؤول المذكور في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن عودة السفير الجزائري إلى مدريد “ستقرر سياديا من قبل السلطات الجزائرية في إطار إيضاحات مسبقة وصريحة لإعادة بناء الثقة المتضررة بشكل خطير على أساس أسس واضحة ومتوقعة ومطابقة للقانون الدولي”.

وكال عمار بلاني انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بسبب تصريح له حول اعتراف بلاده بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي، قائلا: “هذه الأقوال صيغت بخفة محيرة، تتوافق مع إرادة الإعفاء من المسؤولية الشخصية الجسيمة في تبني هذا التغيير المفاجئ في مسألة الصحراء الذي يشكل خروجا عن الموقف التقليدي المتزن لإسبانيا”.

وأضاف الدبلوماسي الجزائري بالقول إنه “ومن خلال تبرئة نفسه، بهذه الطريقة الصريحة، أشار ضمنيا إلى أن الموقف الجديد للحكومة الإسبانية بشأن مسألة الصحراء يتوافق مع قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة، وأن ذات الموقف إنما يتوافق أيضا مع موقف الدول الأخرى”.

وتابع المتحدث قوله: “يبدو أنه (سانشيز) نسي أن إسبانيا تتحمل مسؤولية خاصة، أخلاقيا وقانونيا، بصفتها سلطة مديرة (وهو الوضع الذي تم التذكير به سنة 2014 من قبل أعلى هيئة قضائية في إسبانيا) وبصفتها عضوا في مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية لدى الأمين العام للأمم المتحدة”.

ويرى المسؤول بوزارة الخارجية الجزائرية، أن مقاربة موقف إسبانية الجديد بمواقف دول أخرى داعمة لمبادرة الحكم الذاتي، كفرنسا وألمانيا، هي مقاربة “تعسفية ولا تعكس الواقع” بحسب تعبيره.

يأتي ذلك بعدما أعرب رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في تصريحات صحفية مؤخرا، عن أمله في أن يتمكن من حل المشكلة الدبلوماسية بين إسبانيا والجزائر خلال فترة زمنية قصيرة، “وأن تتمكن بلاده من الحفاظ على علاقة إيجابية واستراتيجية مع المغرب والجزائر”.

وكان بلاغ سابق لوزارة الخارجية الجزائرية، قد قال إن “السلطات الجزائرية التي اندهشت من التصريحات التي صدرت عن أعلى السلطات الإسبانية بخصوص ملف الصحراء الغربية، وتفاجأت بهذا التحول المفاجئ لموقف القوة المديرة السابقة للصحراء الغربية، قد قررت استدعاء سفيرها بمدريد للتشاور بأثر فوري”.

وشكل الموقف الإسباني ضربة موجعة لأحلام جنرالات الجزائر، وذلك بعد الموقف الأمريكي الذي اعترف بسيادة المغرب على أراضيه الصحراوية، بجانب الموقف الألماني الداعم لمقترح الحكم الذاتي كحل عادل وسلمي للنزاع، وهو نفس الموقف الذي تتبناه فرنسا وعدد من الدول.

وتماشيا مع موقف النظام الجزائري، شنت مختلف وسائل الإعلام الجزائرية المقربة من النظام، حملة ضد الحكومة الإسبانية بسبب موقفها الجديد، حيث وصفت بعض الصحف بأن رسالة بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس تمثل “خيانة للعلاقات الإسبانية الجزائرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *