انتخابات 2016

الأطفال في الحملات الانتخابية.. استغلال للبراءة وفراغ قانوني

يتخذون من براءة الأطفال فرصة لإنجاح حملاتهم الانتخابية، أطفال يوزعون منشورات ويرددون شعارات لا يَعون معناها ويؤثثون مشاهد خرجات ميدانية للمرشحين، “ظاهرة” يستنكرها حقوقيون كل فترة انتخابات وتثير غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومع اقتراب 07 أكتوبر يعود الجدل من جديد حول عمالة الأطفال واستغلالهم في الحملات الانتخابية إلى الواجهة بعد تداول عدد من الصور على الأنترنت تظهر بوضوح هذا الاستغلال.

وبالرغم من أن القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية بالمغرب لا تتضمن ما يمنع الأطفال من المشاركة في الحملات الانتخابية، إلا أن هذه الظاهرة تشكل خطورة على الطفل لما تعرفه الدعاية الانتخابية من خروقات تهدد سلامة وصحة الطفل.

كما أن تشغيل القاصرين في الحملة بمقابل مادي يطرح ظاهرة عمالة الأطفال التي تجرمها التشريعات الدولية، والتي صادق عليها المغرب، وتحديدا الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية العمل الدولية رقم 138 ورقم 182 التي وضعت حداً أدنى لسن العمل، فلا يجوز أن يقل عن 15 سنة، ومنعت تشغيل الأطفال حتى سن 18 في الأعمال التي يحتمل أن تعرض للخطر سلامة الطفل أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيه.

تجاوز للقانون والسلطة لا تحرك ساكنا

في هذا السياق قالت الناشطة الحقوقية، خديجة الرياضي، “مع كل فترة انتخابات تتكرر ظاهرة استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية ونعيد نفس الكلام ونستنكر ونندد لكن الأحزاب السياسة بدون استثناء لا تهتم ولا تكون في المستوى كما أن السلطات لا تحرك ساكنا”، على حد تعبيرها.

واعتبرت الرياضي، في تصريح لـ”العمق المغربي”، أن الحملة الانتخابية تشهد العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان والتجاوزات، وما يقوم به الأحزاب المغربية ما هو إلا انعكاس لمجتمع لا يعي بخطورة عمالة الأطفال رغم أن القانون يجرم هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن الأحزاب تتغنى بمصلحة الطفل في برامجها الانتخابية لكن ما إن تبدأ الحملة حتى تجدها أول الخارقين لهذه المصلحة ويتنكرون لوعودهم منذ البداية.

من جهته، قال المحامي عبد الصمد الإدريسي أن استغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية أمر غير معقول، مشيرا إلى أن أغلبية من يحق لهم المشاركة في الحملات هم المسجلون في اللوائح الانتخابية وبالتالي يفترض فيهم السن القانوني ولهم قدرة على التأثير في المواطنين على عكس الأطفال.

وأضاف الإدريسي، في اتصال هاتفي مع جريدة “العمق المغربي”، أنه لا يوجد قانون صريح في القوانين المنظمة للانتخابات يمنع مشاركة الأطفال في الدعاية الانتخابية، مشددا أنه من المفروض أن يكون هناك تشريع يجرم هذه المسألة ويمنع استغلال القاصرين.

تضارب في آراء الأحزاب

كريم التاج، عضو المكتب السياسي عن التقدم والاشتراكي، أكد أن حزبه حريص كل الحرص على المنع التام لتشغيل الأطفال في الحملات الانتخابية، مضيفا لا أتصور أن تكون هذه الظاهرة مطروحة عندنا لأن الحملات يقودها أطر ومناضلو وشباب الحزب، إلا إذا ظهر بعض الأطفال مع أوليائهم في المهرجانات الخطابية وهذا أمر عادي.

وأضاف التاج، في تصريح لـ”العمق المغربي”، أن المنظومة القانونية في المغرب فيها ما يكفي لضمان حماية الأطفال من أي استغلال كيف ما كان نوعه، معتبرا أن تشريع القانون صريح يمنع هذه الظاهرة وسيكون مفيدا إذا كانت بعض ممارسات الأحزاب في حاجة له، حسب قوله.

أما النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، اعتبر أنه لا يمكن أن تعنف الطفل أو تطرده من الحملة، مضيفا أن الطفل، في اعتقاده، يمارس حقه في اللعب ولا يعي ما يقوم به بل يقلد الكبار فقط، كما أنه لا يمكن أن يقود حملة ويؤثر في المواطنين.

وأشار مرشح حزب “الجرار” عن دائرة تارودانت الشمالية، في تصريح لـ”العمق”، أن الأطفال يجمعون منشورات الأحزاب ويلهون بها كأطفال، كما يتبعون خرجات الأحزاب ويرددون شعاراتهم ولا يمكنك منعهم، على حد تعبيره.

من جانبها اعتبرت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، أمينة العمراني، أن الظاهرة مرفوضة جملة وتفصيلا قانونيا ومجتمعيا وإنسانيا، لكن الحالات قليلة وإن وجدت لا تكون ظاهرة، مشيرة إلى أن حزب “المصباح” حاسم في هذه المسألة ولا يقبلها.

وصرحت العمراني لـ”العمق” قائلة: “حزب العدالة والتنمية ليس في مستوى تشغيل الأطفال، عندنا اكتفاء ذاتي في جميع الدوائر ويشتغل في الحملة مناضلي الحزب وفق مبادئ وأخلاق، فحملتنا ليست مجرد حملة عادية بل حملتنا توصل رسائل”، مشيرة إلى أن جميع الأحزاب تدرك بخطورة تشغيل الأطفال وإن وقعت تجاوزات للأسف يصعب إثباتها، خاصة إذا كان عمر القاصر بين 15 و17 سنة.