خارج الحدود

حوالي 400 أكاديمي أوكراني يتضامنون مع الفلسطينيين وينتقدون موقف بلادهم من الصراع

وقع حوالي 400 مثقف وأكاديمي وكاتب وفنان أوكراني بيانا تضامنيا مع الشعب الفلسطيني “الذي تعرض وقاوم على مدى أكثر من 75 عامًا الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وسياسات التطهير العرقي، ومصادرة الأراضي، والفصل العنصري (الأبارتايد).”.

وجاء في البيان: ” نحن الموقعين أدناه، مجموعة من الباحثين والفنانين والنشطاء السياسيين وأعضاء وعضوات المجتمع المدني الأوكراني، نعلن عن تضامننا الكامل مع شعب فلسطين الذي تعرض وقاوم على مدى أكثر من 75 عامًا الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وسياسات التطهير العرقي، ومصادرة الأراضي، والفصل العنصري (الأبارتايد)”،

وقال الموقعون إن بيانهم بعدما لاحظوا أن الخطاب السائد على المستوى الحكومي، وحتى بين بعض مجموعات التضامن التي تدعم نضالات الأوكرانيين والفلسطينيين، غالبا ما يؤدي إلى التباعد بين الجانبين. مضيفين: “ونحن بتوقيعنا هذه الرسالة نعلن أيضا رفضنا لمثل هذه الانقسامات المصطنعة، ونؤكد تضامننا مع كل مظلوم ومناضل من أجل الحرية”.

وقال الموقعون: “إن الاستهداف المتعمد للمدنيين يعد جريمة حرب. ومع ذلك، فإن هذه الإدانة ليست تبريرا لاستمرار سياسات العقاب الجماعي الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وربط جميع سكان غزة بحركة حماس، والاستخدام العشوائي لمصطلح “الإرهاب” ولصقه بالمقاومة الفلسطينية بأكملها. كذلك، فإن هذه الإدانة ليست تبريرا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي. وكما أكدت قرارات الأمم المتحدة المتعددة، فإننا أيضا نؤكد أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”.

وأكد البيان على أنه “يجب النظر إلى حركة حماس، وهي منظمة إسلامية أصولية، في سياق تاريخي أوسع، وفي ظل عقود من الاستيلاء الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وذاك قبل وقت طويل من ظهور هذه المنظمة في أواخر الثمانينيات. ففي خلال نكبة العام 1948، تم تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني بوحشية من منازلهم، كما تم ذبح وتدمير قرى فلسطينية بأكملها.

وتابع المصدر: “ومنذ قيامها، لم تتوقف إسرائيل قط عن مواصلة توسعها الاستعماري الاستيطاني، حيث أُجبر الفلسطينيون على العيش في المنافي، وتم تشتيتهم والتحكم بهم من قبل أنظمة مختلفة. حتى هؤلاء الذين حصلوا على المواطنة الإسرائيلية، مازالوا إلى حد كبير متأثرين وضحايا السياسات العنصرية والتمييز الهيكلي من قبل الحكومات الإسرائيلية.

كما يتعرض أولئك الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة لممارسات واسعة من الفصل العنصري في ظل عقود من السيطرة العسكرية الإسرائيلية. كذلك، يعاني سكان قطاع غزة من الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ عام 2006، والذي أدى إلى تقييد حركة الأشخاص والبضائع، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والحرمان بصورة مهولة، على حد ما جاء في البيان.

وأضاف المصدر: “منذ اندلاع المواجهات في السابع أكتوبر (وحتى وقت كتابة هذه الرسالة)، تعدى عدد القتلى الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية في قطاع غزة 8500 شخص. وشكلت النساء والأطفال أكثر من 62% من القتلى، في حين أصيب أكثر من 21048 شخصًا”.

وتابع البيان: “وخلال الأيام الأخيرة، قصفت إسرائيل المدارس والمناطق السكنية والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والعديد من المستشفيات. كما قامت السلطات الإسرائيلية بقطع كافة إمدادات المياه والكهرباء والوقود والانترنت عن قطاع غزة. وهناك نقص حاد في الغذاء والدواء، مما تسبب في الانهيار الكامل لنظام الرعاية الصحية في القطاع”.

وانتقد البيان صمت معظم وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بالمدنيين الفلسطينيين المستهدفين والقتلى العزل في الضفة الغربية المحتلة باعتبارها مجرد “أضرار جانبية” لجهود محاربة حركة حماس.

وقال الموقعون: “إن تضامننا مع الشعب الفلسطيني وأهل غزة يأتي من غضبنا ورفضنا لكافة أشكال الظلم، ومن تجربتنا الأليمة في أوكرانيا وإحساسنا ومعرفتنا بالألم العميق جراء الآثار المدمرة التي تسببها سياسات الاحتلال وقصف البنية التحتية المدنية والحصار الإنساني”.

فمنذ العام 2014 تخضع أجزاء من أوكرانيا للاحتلال الروسي. كما فشلت جهود المجتمع الدولي في وقف العدوان الروسي آنذاك، وغض الطرف عن الطبيعة الإمبريالية والاستعمارية للعنف المسلح الروسي تجاه أوكرانيا، الذي تصاعد نتيجة لذلك في 24 فبراير 2022. حيث يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الشديد يوميا، في منازلهم، وفي المستشفيات، وفي محطات الحافلات، وفي طوابير الخبز(…).

وقال البيان: “وبسبب الاحتلال الروسي، يعاني آلاف الأشخاص في أوكرانيا من صعوبات جمة للحصول على المياه أو الكهرباء أو التدفئة. والفئات الأكثر ضعفا هي التي تتأثر في الغالب بتدمير البنية التحتية الحيوية. حيث عانت مناطق مثل ماريوبول طوال أشهر من الحصار والقصف العنيف، ولم يكن هناك ممر إنساني لتوفير المساعدات الإنسانية لسكانها المنكوبين”.

وأشار البيان إلى أن مشاهدة القوات الإسرائيلية وهي تستهدف وتقصف البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، والحصار الإنساني واحتلالها للأراضي الفلسطينية، يتردد صداها بشكل مؤلم لدى المواطنين والمواطنات الأوكرانيين بشكل خاص.

وأضاف المصدر: “ومن هذا المكان المليء بالتجربة والمعاناة والتضامن، ندعو زملاءنا ورفاقنا الأوكرانيين على مستوى العالم، وكافة مواطني العالم، إلى رفع أصواتهم دعما للشعب الفلسطيني وإدانة سياسات التطهير العرقي الجماعي الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني”.

وفي السياق ذاته، عبر الموقعون على البيان عن رفضهم لتصريحات الحكومة الأوكرانية التي تعرب عن دعمها غير المشروط للأعمال العسكرية الإسرائيلية، معتبرين الدعوات التي أطلقتها وزارة الخارجية الأوكرانية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين متأخرة وغير كافية.

ورأى المثقفون الأوكرانيون في موقف الحكومة الأوكرانية هذا تراجعا عن سجل دعم الحقوق الفلسطينية وإدانة الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، الذي اتبعته أوكرانيا منذ عقود، وهو ما يؤكده سجل التصويت في الأمم المتحدة.

وأضافوا: ونرى أن الدعم الحالي لإسرائيل ورفض حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير يتناقض مع التزام أوكرانيا بقيم ومبادئ حقوق الإنسان العالمية، والنضال من أجل أرضنا وحريتنا. ونحن كأوكرانيين، يتعين علينا في المقام الأول أن نعلن صراحة تضامنا ليس مع المحتلين والقامعين، بل مع الذين يعانون من الاضطهاد ويقاومونه”.

وقال البيان: “كما إننا نعترض بشدة على تصريحات بعض السياسيين الأوكرانيين التي تساوي بين المساعدات العسكرية التي تقدمها الدول الغربية لأوكرانيا وتلك التي تقدمها لإسرائيل، مؤكدين على أن أوكرانيا لا تحتل أراضي شعب آخر، بل إنها تحارب الاحتلال الروسي، وبالتالي فإن المساعدة الدولية لبلدنا تخدم قضية عادلة وتعزز قيم القانون الدولي. بينما دولة إسرائيل مازالت تقوم باحتلال الأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية. والمعونات والمساعدات الغربية لها تقوي وتساند نظاما ظالما، وتعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع القانون الدولي”.

وعبر عن رفضه للموجة المتصاعدة من الإسلاموفوبيا، مثل حادثة القتل الوحشية لطفل أميركي فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات، والاعتداء على عائلته في ولاية إلينوي الأميركية. ورفض تحميل المواطنين اليهود حول العالم المسؤولية عن السياسات الإجرامية لدولة إسرائيل.

ودعا المعنيون بالبيان الحكومة الأوكرانية إلى إدانة استخدام الإرهاب والحصار الإنساني الذي تفرضه الدولة الإسرائيلية ضد السكان المدنيين في غزة وإعادة التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتعمدة على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *