مجتمع

بورتريه: “أليس موريسون”.. كاتبة وصحافية بريطانية قادها شغف المغامرة للاستقرار بالمغرب (فيديو)

“في خضم المغامرة أحس بأنني موجودة.. إنسان.. قريبة من الله”، هكذا، بنبرة منتشية، لخّصت الصحافية والكاتبة البريطانية “أليس موريسون”، حبها للمغامرة. لقد تركت هذه السيدة بلدها منذ 10 سنوات وقررت الاستقرار بالمغرب، الذي جابته طولا وعرضا، وذلك في سبيل حبها للحياة وممارسة حريتها والركض وراء شغفها.

قبل حوالي 10 سنوات من اليوم شاركت “أليس” في ماراثون الرمال، الذي يقام في المغرب كل سنة، فاختارت أن تأتي إلى هذا البلد قبل موعد المسابقة بأشهر قليلة، “قررت أن أقضي بضعة أشهر بالمملكة المغربية قبل موعد السباق، من أجل التعرف على هذا البلد وثقافة سكانه وعاداتهم، فاكتشفت بلدا جميلا وأناسا طيبين.. وها أنا ذي ما زلت في المغرب إلى حدود اليوم”، تقول ضاحكة.

 

طفولة غريبة

تصف “أليس موريسون” طفولتها بأنها كانت “غريبة”، وتقول جازمة إن ما عاشته في هذه المرحلة هو ما حبّب إليها خوض المغامرات وجعلها متيمة بالمغرب، فالحياة بالنسبة لها “رحلة” انطلقت عندما ولدت قبل عقود واصطحبها أبواها للعيش في أوغندا شرق القارة السمراء، وعمرها لا يتجاوز ستة أسابيع، لذلك وجدت نفسها تعود مرة أخرى للقارة الإفريقية، ولكن هذه المرة في شمالها، “فالحياة دائرة كما يقولون”.

هكذا قضت هذه المغامرة جزءا كبيرا من طفولتها في أوغندا، قبل أن تنتقل رفقة أسرتها للعيش في غانا غرب القارة الإفريقية، وعاشت أيضا فترة من حياتها في دبي بالإمارت، وهناك اشتغلت لأول مرة في الصحافة، ثم عادت إلى بلدها حيث درست اللغة العربية، فهاجرت مجددا إلى مصر واستقرت بها سنتين، اشتغلت خلالها مدرسة للغة الإنجليزية.

العمل في ميدان الصحافة، الذي دشنته “أليس موريسون” في مجلة “What’s On Dubai” بالإمارات قبل سنوات، واصلته في مجلات وجرائد وقنوات تلفزيونية مثل “إم بي سي” و”البي البي سي”، التي كانت تشغل فيها رئيسة تحرير قبل مغادرتها. وما تزال هذه المغامرة تمتهن مهنة المتاعب إلى حدود اليوم.

تعيش “موريسون” حاليا في قرية إمليل الجبلية بإقليم الحوز، على أطراف مدينة مراكش، في بيت صغير مفروش بأثاث بسيط وجميل، به مسحة أمازيغية طاغية، تستقبل زوارها فيه بالشاي المغربي الذي تتقن إعداده، أما غرفة الاستقبال فعبارة عن لوحة فنية متناسقة، تنم عن ذوق مشبع بالثقافة المغربية.. صندوق خشبي مزخرف بجانب الجدار، من النوع الذي كان يستعمله المغاربة قديما لتخزين الملابس والأغراض، ولوحة فنية توثق مشهدا للمملكة قبل قرون.

في الجدار المقابل، ثُبّتت لوحة أخرى عبارة عن جلد ماعز وسط إطار خشبي، يحمل عبارة: “الملح يأتي من الشمال، والذهب من الجنوب، والفضة من بلاد البيضان، أما كلام الله والأشياء المقدسة والقصص الجميلة لا توجدُ إلا في تمبكتو”. هذه اللوحة جلبتها “موريسون” من مدينة تمبكتو في مالي خلال إعدادها لفيلمها الوثائقي “من المغرب إلى تمبكتو”.

هذه المغامرة ذات الأصول الإسكتلندية، كانت تستقر قبل سنوات بمدينة الصويرة حيث قضت أربع سنوات، واستعدادا لأحد سباقات الصعود إلى قمة جبل إفرست، أعلى قمة في العالم، قصدت “أليس” إمليل من أجل التدرب، لتجد نفسها في مسكن يتشبث بتربة المنطقة الصخرية، بشرفة تمنح الجالس فيها نظرة بانورامية على جزء من جبال الأطلس الكبير الشامخة.

“لقد قادني الاستعداد لسباق إفرست إلى قريبة إمليل الجبلية.. قبل زيارتي لهذه المنطقة كنت أظن أنني صرت مغربية وأعرف كل شيء عن هذا البلد، لكن عندما وطأت قدماي إمليل تأكد لي أنني لا أعرف شيئا؛ هناك عالم آخر”، تقول “أليس”، التي أسرها جمال المغرب وتناغم مكوناته الإثنية والثقافية واللغوية وتنوع تضاريسه.

كتب ومغامرات

ألفت “موريسون” ثلاثة كتب حول المغرب، الأول بعنوان ” Morocco to Timbuktu: An Arabian Adventure”، وهو خلاصة فيلم وثائقي أنجزته لصالح قناة “بي بي سي” بنفس العنوان، تتبعت خلاله طريق القوافل التجارية قديما، من شمال المغرب إلى تمبكتو في شمال مالي. “بالنسية للناس في بريطانيا فإن تمبكتو اسم رائع، ويحيل على أن فيه كنزا، لكن الكثير منهم لا يعرفون أين يوجد”، تقول الكاتبة.

الكتاب الثاني لـ”موريسون” بعنوان “Adventures in Morocco: From the Souks to the Sahara”، وهو عبارة عن توثيق لمغامرات عاشتها في مناطق مختلفة من المملكة المغربية، والأشياء التي صادفتها في طريقها، وفيه رجوع إلى التاريخ. أما الكتاب الثالث فهو ” Walking with Nomads”، وهو توثيق لمغامرة قطعت خلالها الكاتبة المسافة الفاصلة بين مدينة الناظور والكركرات مشيا على الأقدام، في مدة سبعة شهور، وهي التجربة التي تفتخر بها.

أكبر مغامرة خاضتها “أليس” إلى حدود اليوم، كانت عبارة عن رحلة على متن دراجة هوائية لمسافة 12 ألف كيلومترا، من العاصمة المصرية القاهرة إلى جنوب إفريقيا، واستمرت لـ120 يوما، ضمنها 20 يوما للاستراحة، مرت خلالها على عشرة بلدان، وذلك رفقة 63 مغامرا ومغامرة، “كنت قريبة من الموت، لقد هاجمني فيل خلال هذه الرحلة، وكنا نبيت في الخلاء والصحاري والغابات، كما أن عددا من رفاقي تعرضوا للضرب والسرقة من قبل مسلحين”.

و”بما أنني أعيش في المغرب قررت أن أخوض مغامرة كبيرة في هذا البلد، فاستقر رأيي على أن أقطع مسافة 1500 كلومتر مشيا على الأقدام، من بداية واد درعة في سد المنصور الذهبي بورزازات إلى مصبه في واد شبيكة بطانطان، وهي الرحلة التي رافقي فيها ثلاثة مساعدين أمازيغ مصحوبين بـست جمال، وأخذت مني 3 شهور”، تقول “أليس موريسون”.

ومن أبرز مغامرات هذه الإسكتلندية أيضا، تلك الرحلة التي خاضتها بعد أزمة كوفيد 19، إذ قطعت الأردن من شمالها إلى جنوبها مشيا على الأقدام، وفي أول يوم من الرحلة تعرضت لهجوم كلب غرز أنيابه في إحدى ساقيها مخلفا جرحا نازفا، “كان الأمر صعبا، لكن بعد 9 أيام قررت مواصلة الرحلة”.

ضحت “أليس” بحياتها المستقرة من أجل خوض مغامراتها، “كانت لدي شركة في بريطانيا وكنت أشتغل في مجال الإعلام، وكان دخلي المادي جيدا، كما كان لدي أصدقاء وكل شيء.. كانت الحياة جميلة، لكن في نفس الوقت كنت أحس بأن هناك فجوة، كنت أبحث عن شيء أكبر، فوجدته في المغامرات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد متابع
    منذ 4 أشهر

    لم تجد بلاد الاردن الشقيق مستباحة كما كانت تظن فقد اعترض طريقها كلب غرز انيابه فيها كما قالت، والملفت هنا، حتى الكلاب تغار على اوطانها وهذا من حقها. ما ذا الهوس؟ في بلادها لم تخط خطوة ولم تقل انها كانت تمارس العدو او غيره ولكن خارج بلادها اصبحت مدمنة على المغامرات كما تقول. ولا تجرؤ ان تفعل ذلك في دولة عربية او اوروبية غير المغرب الذي يتساهل مع كل من هب ودب. لو ان مغربيا ذهب الى اسكوتلاندا اوبريطانيا او بلد آخر، واخذ يجوب البلاد طولا وعرضا هل سيسمح له بذلك طبعا لا سواء بالمباشر او بغير المباشر كما عمل الاشقاء معها. فالسواح من غير المغاربة لهم نقاط معينة ومخصصة للذهاب اليها او المكوث فيها، وهذا هو المتعارف عليه في جل دول العالم.