سياسة

طلبة العدل والإحسان: النظام “مستبد” ووضعية الجامعة “كارثية”

أطلق الفصيل الطلابي لجماعة العدل والإحسان النار على النظام الحاكم في المغرب، في تقرير أصدره اليوم الخميس قبل يومين من انطلاق الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية المقبلة، واصفا إياه بـ “النظام المستبد”، كما رسم صورة قاتمة على الوضع الحقوقي في الجامعة المغربية، معتبرا إياها “كارثية”.

واعتبر التقرير المعنون بـ “على أبواب الانتخابات التشريعية.. أوطم ترصد الوضع الكارثي بالجامعة، وتطلق صرخة حقوقية عاجلة”، حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، أن “النظام السياسي المغربي استطاع الحراك العربي 2011 أن يعد ويعيد نفسه عبر سلوك سياسي ثابت، يتمثل في الحفاظ على جوهر السلطة السياسية الحاكمة، وآخر متحول يروم إحداث بعض الترقيعات الصورية على واجهة النظام، وهو ما وضع المغاربة أمام “سلطوية جديدة” حافظت على جوهرها الاستبدادي بواجهة ديمقراطية، وهي الآن تمارس فعلها الاستبدادي بأدوات “ديمقراطية” عبر واجهات إشهارية مكذوبة: “الاستثناء المغربي” و “مغرب ما بعد 2011” و “مغرب الحريات””.

وتابع التقرير “وقد لجأ النظام لتلميع صورته الحقوقية وطنيا وإقليما ودوليا، حيث تم إقرار “دستور” تم التسويق على أنه “ثورة” حقوقية متقدمة، إضافة إلى إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتعديل مجموعة من القوانين هنا وهناك و”تثمين” كل ذلك بتنظيم واحتضان مجموعة من التظاهرات الحقوقية الوطنية والدولية”.

من جهة أخرى، سجل التقرير الصادر باسم “التنسيقية الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب” التي يستفرد بها فصيل طلبة العدل والإحسان، تخبط الجامعة المغربية في عدد من المشاكل الحقوقية فيما يخص “الحق في التظاهر والاحتجاج”، و”الحق في التنظيم” وكذا “الحق في الأمن وسلامة الجسد” و”الحقوق الاجتماعية والاقتصادية”.

وسجل التقرير المذكور أن الغرض من توقيع المذكرة الثنائية بين وزراتي الداخلية والتعليم العالي ليس محاصرة العنف داخل الجامعة وإنما توفير الغطاء القانوني لاستباحة حرمتها وقمع الأصوات الحرة، بدليل أن عدد التدخلات الأمنية العنيفة في حق الاحتجاجات الطلابية السلمية عرف ارتفاعا بعد توقيع المذكرة.

وأكد المصدر ذاته، أن محيط جل المواقع الجامعية يعرف في الآونة الأخيرة ما أسماه “تسيبا أمنيا خطيرا”، تجلى في اعتراض “قطاع الطرق لطلبة الكليات وتعنيفهم وسرقة ممتلكاتهم في غياب شبه تام للمصالح الأمنية”، وأضاف “فقد سجلنا جملة من الاعتداءات على طلبة كليتي العلوم والآداب بن مسيك كان آخرها الاعتداء على الطالب عبد الرحمن يوم 24 ماي 2015 مما سبب له جرحا غائرا في رأسه، كما شهدت كل من كليتي العلوم والتقنيات-فاس سايس-والحقوق –سلا-احتجاجات طلابية منددة بالوضع الأمني”.

إلى ذلك، سجل ما وصفه بـ “التقاعس المفضوح” للمصالح الأمنية في حماية أمن وسلامة الطلاب من عنف بعض الفصائل، “لتنفضح سياسة الكيل بمكيالين التي تنهجها الدولة اتجاه الجامعة، وذلك عبر قمع وترهيب الاحتجاجات السلمية وشيطنتها في مقابل غض الطرف عن ممارسات العنف لدفع الجامعة نحو نفقه المظلم”، وفق تعبير التقرير.

وبخصوص المنحة الجامعة، وصف طلبة جماعة الراحل عبد السلام ياسين الزيادة التي شهدتها قيمتها بـ “المحتشمة”، وأنها “دون المستوى إذا أخذنا بعين الاعتبار الارتفاع الملحوظ الذي تعرفه سومة الكراء بمختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وباقي الخدمات الأساسية، دون اعتبار ما يتطلبه التحصيل العلمي من شراء للمراجع وتكاليف سفر وغير ذلك”.

أما فيما يخص النظام البيداغوجي بالجامعات المغربية، فقد سجل التقرير “امتناع عمادات مجموعة من الكليات ذات الاستقطاب المفتوح عن تسجيل الطلبة الجدد، بدعوى توفرهم على شهادة باكالوريا قديمة، أو عدم ملائمة تخصص الباكالوريا للتخصص المراد التسجيل به، هذه المبررات الغريبة قانونا وعرفا كانت حجة لمنع أزيد من 200 طالب من حقهم في التسجيل بكلية الحقوق بمكناس، نفس الأمر تكرر في كل من الرباط، الجديدة، الدار البيضاء”.

كما سجلت كذلك “التأخر الكبير في عملية التسجيل وبداية الدراسة في مختلف الكليات مما يؤثر بشكل سلبي على برمجة الامتحانات في آخر الفصل الدراسي، حيث سجلنا استياء طلابيا بهذا الصدد بكل من أكادير، سطات، القنيطرة، مكناس، الجديدة، تطوان، وجدة وغيرها”.

وأورد التقرير “وقد عرف عدد طلبة الجامعات خلال الموسم الجامعي 2015-2016 ارتفاعا بنسبة 13,26%، هذا الارتفاع الذي كان من المفروض أن يصحبه ارتفاع في عدد الأساتذة وكذا عدد المدرجات والقاعات، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فعدد الأساتذة في تناقص مستمر، والمدرجات غصت بأعداد الطلبة المتزايدة، مما يضع علامات استفهام حول قيمة الدرس الجامعي وكذا قيمة بحوث نهاية الدراسة بأسلاك الإجازة، حيث نسجل إشراف أستاذ واحد على أزيد من خمسين بحثا في السنة في بعض الكليات، أما بكلية الحقوق بأكادير فقد سجلنا عدم تمكين مجموعة من الطلبة من البحوث الدراسية بدعوى العدد القليل للأساتذة المؤطرين للبحوث”.

ليخلص التقرير الطلابي ذاته إلى أن “الجامعة باعتبارها فضاء للعلم، ومهدا لتقدم المجتمعات والدول تعيش أسوء ظروفها في الحالة المغربية، على كافة المستويات، تتحمل الدولة كامل المسؤولية في سياساتها الإقصائية والتهميشية اتجاه هذا الفضاء، وما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا في وجه أجيال أبناء الشعب المغربي”.

ووجه أعضاء اللجنة الحقوقية المشرفة على صياغة التقرير نداء عاجلا لكافة القوى السياسية والحقوقية والمجتمعية إلى “الانخراط في مشروع الدفاع عن الجامعة في وجه التدمير المخزني الذي تتعرض له، دفاعا عن الوطن وتقدمه، عن العلم وحرمته، عن الشعب وأجياله، فالمعركة اليوم لم تعد معركة حركة طلابية فحسب، وإنما غدت معركة شعب ووطن”.