ضد

عبد الفتاح البجيوي

شكل رفض والي جهة مراكش عبد الفتاح البجيوي لطلب ترشح السلفي حمّاد القباج باسم حزب العدالة والتنمية، سابقة من نوعها في التاريخ السياسي للمغرب، ليس لأن سبب المنع وجيه أو له دعامة قانونية، ولكن لأنه قرار “سلطوي تعسفي” يذكر بممارسات “محاكم التفتيش” في أوروبا إبان “عصر الظلمات”، حيث يتم محاسبة الناس ليس على أفعالهم أو حتى على أقوالهم وإنما على نياتهم ومكنونات صدورهم.

إن التبرير الذي ساقه الوالي البجيوي من أجل إصدار قرار منع القباج من الترشح بدعوى “أن المعني بالأمر عبر في مناسبات علنية عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية، التي يقرها دستور المملكة”، هو تبرير يمكن تقبله من أي شخص آخر غير رجل سلطة غير منتخب ويمارس اختصاصات غير ديموقراطية أساسا.

 لقد كشف تصرف الوالي البيجيوي أنه في المغرب يمكن أن يُضرب بالدستور والقوانين عرض الحائط، ويمكن تجاوز مبادئها بجرة قلم، وأن الحديث عن دولة “الحق والقانون” ليس إلا شعارات جوفاء تشبه “عجل موسى” الذي نسي “سامري” هذا الشعار أن وجود العمال والولاة في المغرب لن يجعلوا منه إلا أضحوكة عبر العالم، وأن وجودهم أصلا مخالف لمبادئ الديمقراطية والدساتير الحقيقية.

فالشخص الحقيقي الذي يشيع “الأفكار المتطرفة التي تحرض على التمييز والكراهية وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع المغربي”، هو من يمنع مواطنا مغربيا من الترشح بناء على “موانع فكرية” لا وجود لها في أعتا الدكتاتوريات في العالم، ناهيك أن توجد في مغرب القرن 21 وفي سنة 2016 حيث يصعب استغفال الناس بهكذا تبريرات “واهية”، وهي تبريرات تعبر فقط عن سلطوية القرون الوسطى حيث كان الظلم هو القاعدة والحق هو الاستثناء.

 فمثل هذه المظاهر لن تطور “الديمقراطية الناشئة” بالمغرب تأكيدا، بل ستجعلها “ديمقراطية قاصرة” لا ترى للناس إلى ما تراه السلطة، وهي رؤية مشوبة بالخوف من التغيير وجعل الوطن يتسع للجميع عبر مقارعة الأفكار بالأفكار وليس بالمنع والشطط في استعمال السلطة ودفع الناس إلى الحقد على الدولة وقتل الوطنية في النفوس.