مجتمع

شركات “نقل الأموات” بمراكش تمنع بالقوة عائلة من نقل جثة فقيدها إلى زاكورة

نقل الأموات المسلمين بمراكش

دون أي احترام لحرمة الموت وألم المفجوعين، عمد مجموعة من مهنيي “نقل الأموات المسلمين” بمراكش، الثلاثاء الماضي، إلى منع عائلة من نقل جثة فقيدها من مراكش إلى زاكورة على متن سيارة لنقل الأموات تابعة للهلال الأحمر، بدعوى أن “حق الامتياز بنقل الأموات من مستودع مراكش مكفول لخمس شركات فقط”.

وحسب ما عاينته جريدة “العمق” بعين المكان، فقد اجتمعت عدة سيارات نقل الأموات داخل مركن المكتب الجماعي لحفظ الصحة المتواجد بحي أبواب مراكش، فيما افترش “مسؤول نقابي” الأرض لمنع العائلة من مواصلة الإجراءات، وتسببت “الفوضى” في جعل الجثة تنتظر لساعات طويلة من أجل الوصول إلى تسوية.

واستنفر المشكل جل المصالح المعنية بمدينة مراكش، وانتهى باجتماع داخل المكتب الجماعي لحفظ الصحة تم خلاله الاتفاق على ترك العائلة توصل فقيدها إلى مدينة زاكورة على أن يتم إيجاد حل مستقبلا لقضية نقل الأموات من مراكش إلى المدن الأخرى، الذي تريد بعض الشركات احتكاره رغم الأثمان المرتفعة التي تفرضها على المواطنين.

وعبر حاضرون بعين المكان في حديث لجريدة “العمق” عن استهجانهم لـ”البلطجة” التي تمت بها مواجهة عائلة مكلومة بفقدان أحد أفرادها، مستغربين كيف يتم منع السيارة التابعة للهلال الأحمر المغربي والممنوحة له من طرف المجلس الإقليمي لزاكورة، من إيصال الفقيد إلى بلدته بالمجان، لإجبار العائلة على دفع تكاليف النقل في سيارة نقل الأموات للقطاع الخاص بأثمان جد مرتفعة.

وأكد أحد الحاضرين أنه سبق له قبل أسابيع قليلة نقل جثة أحد أفراد عائلته من مراكش إلى زاكورة بثمن 6500 درهم، ومرة أخرى بـ 5500 درهم، فيما يؤكد متضررون وحقوقيون أن أسعار نقل الأموات من مراكش إلى الجنوب الشرقي لا تقل عن 4000 آلاف درهم، وهي الأسعار التي لا تملكها كل الأسر.

مصدر من جماعة مراكش فضل عدم ذكر اسمه، قال في توضيح لجريدة “العمق”، أن الإجراء الذي قام به أرباب سيارات نقل الأموات بمراكش “ليس قانونيا” وأنه “ليس لهم الحق في منع أحد”، مؤكدا أن جماعة مراكش تعطي على الدوام الأمر بمهمة لسيارات نقل الأموات التابعة لها، وتقوم بإيصالهم إلى مختلف الوجهات بالمجان وبشكل اعتيادي دون أن يمنعها أحد”.

وتساءل أحد الحاضرين بعين المكان “إلى متى تبقى زاكورة هي الحائط القصير؟ كلما تعلق الأمر بعائلة زاكورة نجد مثل هذه المشاكل التي لا علاقة لنا بها”.

ملف يعود للواجهة

وأعاد الحادث إلى الواجهة قضية شركات نقل الأموات المسلمين، والتي سبق أن أثارت جدلا واسعا في المدينة الحمراء حيث حاول المجلس الجماعي إقرار دفتر تحملات ينظم القطاع ويحدد أسعار الخدمات، وهو ما واجهه مهنيو “نقل الأموات المسلمين” باحتجاجات عديدة إلى حين تراجع المجلس الجماعي عن الفكرة.

ويفوض مجلس جماعة مراكش مرفق نقل المرضى والجرحى والأموات المسلمين لخمس شركات في عقد مدته 5 سنوات تنتهي في 28 فبراير الجاري.

ولا يوجد في العقود الموقعة بين المجلس الجماعي والشركات الخمس، والذي اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منه، ما ينص على “احتكار” هذه الشركات للمرفق أو منع نقل الأموات عبر وسائل أخرى خصوصا التابعة للجهات التطوعية وللجماعات الترابية من خارج المدينة الحمراء.

تأجيل طال أمده

وكان المجلس الجماعي لمراكش قرر في نونبر 2020 تأجيل نقطة لمصادقة على دفاتر التحملات الخاصة بسيارات نقل الأموات المسلمين وسيارات نقل المرضى والجرحى، ورمى بالكرة في ملعب وزارة الداخلية، بالتنصيص على “ضرورة انتظار كناش تحملات نموذجي سيصدر عن المصالح المركزية (وزارة الداخلية)”.

وحسب تقرير اجتماع لجنة المرافق العمومية والخدمات، المنعقد 2 نونبر 2020، والذي صودق عليه في دورة المجلس في 3 نونبر 2020، فقد تم التوافق على “عدم جاهزية الملف”، وعلى “ضرورة انتظار كناش تحملات نموذجي سيصدر عن المصالح المركزية (وزارة الداخلية)”.

ووفق الوثيقة التي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها، فقد ارتأت اللجنة المذكورة تأجيل البث في النقطتين المتعلقتين بـ”كناش التحملات الخاص بالتدبير المفوض لمرفق نقل الجرحى والمرضى”، و”كناش التحملات الخاص بالتدبير المفوض لمرفق نقل الأموات المسلمين”، إلى دورة قادمة.

معاناة متواصلة

وطالما ذكر اسم مدينة مراكش مرفوقا بـ”الأسعار الباهضة” لنقل الأموات سواء داخل المدينة أو إلى خارجها، والتي تتجاوز في بعض الأحيان مبلغ 5000 آلاف درهم.

وحسب شهادات متطابقة لمتضررين فقد وصلت أسعار نقل الأموات من مراكش إلى شيشاوة (70 كيلومترا) إلى مبلغ 3000 درهم في كثير من الأحيان، وتصل داخل مدينة مراكش إلى 1000 درهم.

أما على مستوى مدينتي ورزازات وزاكورة التي تضطر ساكنتها للاستشفاء في مدينة مراكش، فقد شكل الملف موضوع تنديدات عديدة للفعاليات الحقوقية والمدينة، حيث تفرض على عائلات المتوفين أسعار باهضة وتمنع من نقل الأموات على متن سيارات نقل الأموات القادمة من المدينة الأصل سواء التابعة لإحدى الجماعات الترابية أو إلى جهة تطوعية.

الهلال الأحمر يشكو

الهلال الأحمر المغربي بزاكورة، لم يفوت أحداث منعه من نقل الأموات من مراكش، ووجه رسالة إلى كل من النيابة العامة بمراكش، وعامل عمالة مراكش، والمسؤول بمركز حفظ الصحة بجهة مراكش، ومدير المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، ووالي أمن مراكش، يشكو فيها تعرضه للمضايقات والمنع بالرغم من تقديمه الخدمات مجانا لفائدة الفئات الهشة من إقليم زاكورة.

وأوضح المكتب الإقليمي للهلال الأحمر أن سيارة نقل الأموات التي يملكها والتي تم منعها من الخروج من مستودع الأموات بمراكش يوم الثلاثاء الماضي إلا بعد مفاوضات عسيرة، (أوضح) “أنها موضوعة رهن اشارة الفئات المستضعفة، والحالات الاجتماعية التي لا تتوفر على تأمين صحي، لنقل الجثث المنحدرة من إقليم زاكورة لمساعدتها وخدمتها بالمجان”.

وتابع أن السيارة المذكورة “تم وضعها في ملكية الهلال الأحمر المغربي تفعيلا لاتفاقية شراكة مع المجلس الإقليمي لزاكورة والجماعات الترابية بالإقليم”.

والتمس من مسؤولي جهة مراكش “تيسير عملها خدمة لرعايا صاحب الجلالة، والذي تحظى منظمة الهلال الاحمر برعايته المولوية ورئاسته الشرفية لها، إذ ما فتئ حفظه الله ورعاه يعمل ويؤكد على خدمة فئات المستضعفين والفئات الهشة من أبناء شعبه الوفي وتقديم ما يمكن تقديمه من دعم ومساعدة لهم”.

احتجاج لاحتكار نقل الأموات

بالمقابل، احتج ما يقارب 20 سيارة لنقل الأموات في مدينة مراكش في مسيرة نحو ولاية جهة مراكش آسفي من أجل الضغط لـ”منع سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر في عملية نقل الجثث من مستودع الأموات بحي أبواب مراكش”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Zagouri
    منذ شهرين

    Filissttin omafiha had l7ogra yawddi achmen naql mawta lmodlimin 3la wed hzdchi ndeklariw lihom blli hna machine mslmin n'as d zagora bach i3ttiwna ttisa4 isra2il omaddirch hakdak makayn lanssbittar wilaya mchitu ddawa f mrrzkch maykhllik terje3 tta tkhlless ibawn d ifrawn (heb o tben ) la3nato llah 3alayhim ajma4in

  • فاعل تربوي متقاعد
    منذ شهرين

    بعض الوصوليين ينتهزون فرص الابتزاز العلني ظلما و عدوانا لا يراعون فيه الجانب الإنساني ولا الوضع المالي لعديد من الأسر متوسطة الدخل. سبق لي ان طلبت من سابق سيارة إسعاف/ عندما كان اخي رحمة الله عليه طريح الفراش يشكو من مرض الكلى سنة 1996م/ان يقلنا من المستشفى 20 غشت الى محطة الحافلات/كراج علال/ان طلب منا مبلغ 500درهما.الملاحظ ان المسافة لاتزيد على الثلاث كيلومترات.. استغربت الامر وانا اترصد سيارة أجرة. مابال الانسان امام فقدان عزيز؟ المرجو النشر