اقتصاد

شبح الإفلاس يداهم المقاولات المغربية.. أزيد من 14 ألف شركة أفلست في 2023

لازال شبح الإفلاس يطرق باب المقاولات المغربية، إذ واصل مساره التصاعدي ليصل إلى 14.3 ألف حالة سنة 2023 مقارنة بـ 12.4 ألف حالة عام 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها 15 بالمئة، فيما قفزت هذه النسبة لما يقارب 69 بالمئة مقارنة بـ سنة 2019.

وحسب ما كشف عنه موقع “أنفوريسك” فإن هذه الوضعية ناتجة عن صعوبة الوصول إلى التمويل، والتضخم، مع التأخر في الحصول على المستحقات.

وحديثا عن مدى واقعية هذه المعطيات، وصحتها والكشف عن الأسباب الحقيقية وراء إفلاس المقاولات المغربية، وخاصة الصغرى منها، أكد المحلل الاقتصادي، رشيد ساري، أن “أنفوريسك” هي شركة متخصصة في تقديم المعطيات حول المقاولات ووضعيتها داخل السوق وهي تعتبر من بين أكثر الشركات ذات المصداقية.

مصداقية مؤكدة

وعلق المتحدث على ارتفاع نسبة إفلاس الشركات بما يفوق 60 بالمئة مقارنة مع سنة 2019، موضحا أن الرقم المقدم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جائحة كورونا، خاصة وأن العديد من المقاولات لم تعلن إفلاسها حينها، وبالتالي القيام بمقارنة مع هذه الفترة لا تستقيم إلى حد ما خاصة مع وجود الحجر الصحي.

وتابع: “المعطى المتعلق بعدد الشركات المفلسة والذي يفوق 14 ألف شركة، لم يقدم بدقة عدد الشركات التي تم خلقها ولم تقم بأي عملية، وبالتالي هي مؤسسات لم يكن لها دور أو نشاط اقتصادي يساهم في التشغيل”.

وأشار المتحدث في تصريحه لـ”العمق” إلى وجود العديد من الإكراهات وعلى رأسها عدم وجود السيولة الكافية، وتسجيل تأخر على مستوى الأداء، رغم وجود قانون ملزم يؤكد أن التأخر في الأداء سيفرض جزاء قيمته تصل إلى 3 بالمئة.

نظام تمويل كارثي

واعتبر المحلل الاقتصادي أنه من بين أهم الإشكالات المتواجدة حاليا هو نظام التمويلات البنكية، الذي يعتبر “كارثي”، إذ أننا نصنف في المرتبة 130 عالميا.

وأضاف أن رفع سعر الفائدة كانت له تأثيرات قاسية على العديد من المقاولات المغربية، خاصة وأن العديد منها تعاني من إكراهات تتعلق بالسيولة. علاوة على ذلك فإن انعدام مواكبة المقاولات يعد من بين أهم الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذا الإفلاس.

وأشار المتحدث إلى أنه من بين أهم المؤشرات التي تؤكد مدى صحة هذه المعطيات الصادرة عن “أنفوريسك”، هو ارتفاع نسبة البطالة التي أضحت تتراوح ما بين 13 و13.5 بالمئة.

ظروف صعبة

نفس المنحى سلكه الخبير الاقتصادي، محمد جدري، مشددا على أن المعطيات المقدمة قريبة من الواقع، مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل على القيام بمجموعة من الدراسات، كما أنها قريبة من المقاولات، وبالتالي فالأرقام المقدمة مبنية على ما هو موجود، وإفلاس أزيد من 14 ألف مقاولة هو رقم واقعي.

وأوضح المتحدث أن النسيج المقاولاتي المغربي يشمل ما يزيد عن 95 بالمائة من المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، وبالتالي فهي أكثر حساسية وعرضة لما يمكن أن يحدث من تغيرات.

واعتبر أن إفلاس هذه المقاولات يعود بالأساس إلى الظرفية الصعبة المتعلقة أساسا بالجفاف، بحيث أن العديد من المقاولات المشتغلة بالمجال الفلاحي، تجد صعوبات في إكمال أشغالها، بالإضافة إلى ذلك فإن مجموعة من المقاولات التي تشتغل في مجال التجارة، متأثرة بضعف القدرة الشرائية للمواطن، ليس هذا فقط، بل إن مجال البناء تأثر نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، ما أدى إلى تسجيل ضعف على مستوى الطلب الداخلي.

وحسب المصدر ذاته، فإن إفلاس هذا العدد من المقاولات يفسر أيضا بأسباب بنيوية تتعلق أساسا بمدى مواكبة أصحاب المشاريع، خاصة مع وجود مقاولات غير قادرة على تسيير مقاولاتها، إذ لا تتم التفرقة بين الحس التجاري والحس التسييري.

صعوبة الولوج للأسواق

وأكد جدري في حديثه لـ”العمق” على أن المقاولات تواجه صعوبة الولوج إلى الأسواق والطلبيات، سواء الخاصة أو العامة منها، مع تسجيل صعوبة الوصول إلى الفرص التمويلية، هذا بالإضافة إلى أن العديد من المقاولات لا تتوفر على السيولة المالية الكافية من أجل انتظار أداء خدماتها.

وفي ختام حديثه شدد المحلل الاقتصادي، محمد جدري، على أن حجم المقاولات، والظرفية المعاشة، وغيرها من العوامل الهيكلية تمثل الأسباب الكامنة وراء هذه النتائج.

جدير بالذكر أن بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي، يعتبرون أن الأرقام الصادرة عن مؤسسة “أنفوريسك”، غير دقيقة ولا يمكن أخذها بعين الاعتبار كونها تابعة لمؤسسة خاصة، مؤكدين أن ما يجب الاستناد عليه هي الأرقام الصادرة عن المؤسسات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *