مجتمع، مغاربة العالم

أسرة مغربية عالقة بتركيا تشتكي “منع” أبنائها من دخول المغرب وتنشد تدخل الملك

تعيش أسرة مغربية مقيمة بطريقة غير قانونية في تركيا، وضعا صعبا في ظل عدم توفرها على أوراق تثبت الجنسية المغربية لأطفالها، وهو ما يشكل عقبة أمام عودتهم إلى وطنهم الأم، بعد مغادرتهم سوريا بطريقة محفوفة بالمخاطر.

يتعلق الأمر بأسرة الزبير الحسناوي، أحد الشباب المغاربة الذين التحقوا بسوريا، قبل سنوات، قصد الانضمام إلى إحدى الجماعات المغربية المقاتلة هناك، قبل أن يتراجع عن أفكاره ويقر بخطئه ويغادر سوريا رفقة أسرته بعد معاناة واعتقالات وتهديدات.

فرغم مرور مدة طويلة على تمكن الأسرة من دخول تركيا والاستقرار بها مؤقتا بطريقة غير قانونية، إلا أن غياب وثائق رسمية تثبت الجنسية المغربية للطفلات ريحانة وأريج وزينب، حال دون إمكانية سفرهم إلى المغرب، وهو ما دفع الأسرة إلى توجيه مناشد للملك محمد السادس قصد التدخل.

يقول الزبير الحسناوي إن القنصلية المغربية باسطنبول أعدت الوثائق اللازمة لسفره رفقة زوجته المغربية أيضا، لكن القنصلية لم تعترف بعد بطفلاتهم الثلاث، بسبب إشكالية ولادتهم في سوريا وعدم إمكانية تسجيلهم حينها لدى المصالح القنصلية المغربية.

يروي الحسناوي قصته لجريدة “العمق”، مؤكدا أن معاناته رفقة زوجته تبقى غير مهمة أمام قصة بناته الثلاث في تركيا، مشيرا إلى أنه طرق مختلف الأبواب من أجل إيجاد حل لإعادة طفلاته للمغرب، بدون أي تجاوب رسمي من السلطات حتى الآن.

عودة من “الخطأ”

بدأت قصة الحسناوي ذو الـ37 سنة، عقب سفره إلى سوريا عبر تركيا، للانضمام إلى إحدى الجماعات الإسلامية المغربية التي كانت تقاتل ضد النظام السوري، مشيرا إلى أنه أقدم على هذه الخطوة بسبب حماسته واندفاعه عقب تأثره بأفكار من سماهم بـ”شيوخ السلفية” بالمغرب.

يقول الزبير لـ”العمق”: “بعد فترة الربيع، كان هناك خطاب تحريضي كبير من طرف شيوخ السلفية في المغرب، قصد الالتحاق بسوريا والعراق.. ذهبت مندفعا وبحماس، رغم أنني لم أكن متدينا بل كنت مسلما عاديا كباقي المغاربة”.

وعقب التحاقه بجماعة مقاتلة، أوضح المتحدث أنه صادف واقعا مختلفا من أول وهلة، جعله يتوارى إلى الوراء ويتراجع عن كثير من أفكاره وحماسته واندفاعه، قائلا: “رفضت الخوض في دماء الناس أو التدخل في أي خلاف أو أحكام دينية، وبقيت منعزلا، وهو ما تسبب لي في نظرة مريبة من طرف أعضاء المجموعة”.

وكشف الحسناوي أن الجماعة التي انتمى لها لم تكن مصنفة في لائحة الإرهاب حينها من طرف واشنطن، كما لم يكن في المغرب حينها أي قانون يجرم الالتحاق ببؤر التوتر، مضيفا: “عشت بين المطرقة والسندان، وكنت مترددا هل أعود للمغرب وأسجن هناك، أم أظل هنا إلى حين حدوث تغير في قرارات المغرب”.

وتابع قوله: “لم أكن متشددا ولا متطرفا، بل حتى في سوريا لم أصدر أي موقف أو حكم ضد بلدي من هناك، وبقيت في المنطقة الحدودية أغلب الوقت، محاولا العمل في الأمور الإدارية واللوجيستية لسد رمق أسرتي”.

يضيف المتحدث: “تعرضت لمضايقات بسبب عدم اقتناعي بأفكارهم وتصرفاتهم، قمت بحوالي 10 محاولات للهرب من سوريا بطريقة سرية والادعاء بأني مواطن سوري، لكني فشلت، قبل أن يتم اعتقالي من طرف جبهة النصرة بتهمة أنني عميل للاستخبارات المغربية”.

وتابع قوله: “سُجنت للمرة الأولى وتمكنت من الخروج، ثم سُجنت مرة ثانية وتمكنت أيضا من الخروج، ثم قررت في النهاية مغادرة سوريا نحو تركيا بطريقة خطيرة جدا علي وعلى أسرتي، لأني كنت مهددا وممنوعا من السفر وأتعرض لمضايقات، فاخترت طريقة للخروج لم يكونوا على علم بها”.

غير أن الحسناوي استدرك بالقول: “هذه تبريرات لقصتي، لكنني عموما أقر بأن ما فعلته كان خاطئا، ومستعد للوقوف أمام القضاء المغربي، رغم تأكدي أن الاستخبارات المغربية تعرف من أكون وتعرف تنشئتي وسيرتي في المغرب وفي سوريا وفي تركيا”.

طفلات بلا “هوية”

يرى الزبير أن ما يهمه حاليا ليس مستقبله شخصيا، بقدر ما يهمه مستقبل بناته الثلاثة اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 4 و9 سنوات، مشددا على أنه مرتاح تجاه القضاء المغربي، وسيكون راضيا عن أي حكم بحقه في حالة عودته، حسب تعبيره.

وفي الوقت الذي ظن فيه الحسناوي أن معاناته ستنتهي بعد عودته إلى تركيا، كشف أنه صُدم بسبب رفض القنصلية المغربية عودة بناته إلى المغرب، بسبب عدم توفرهن على وثائق رسمية تثبت أنهن مغربيات.

وبعد عدة محاولات واتصالات وتحركات، تفاءل الزبير بقرب انفراج ملفه عقب تواصله شخصيا مع اللجنة البرلمانية التي أحدثها مجلس النواب المغربي حول المحتجزين والمعتقلين المغاربة بالعراق وسوريا، مشيرا إلى أن أعضاء باللجنة وعدوه بحل ملفه، لكن الوضع بقي معلقا إلى اليوم، يقول المتحدث.

وكشف الحسناوي أن بناته الثلاث يعشن بلا هوية في تركيا، إذ لا يستطعن الدراسة في مؤسسة رسمية ولا الذهاب إلى المستشفيات في حالة المرض، ولا حتى شراء الأدوية، لأن كل شيء يتم بالوثائق الرسمية في هذا البلد، وفق قوله.

وأضاف: “أدَرِّس بناتي في روضات ومدارس غير قانونية يقيمها بعض أفراد الجالية العربية في منازلهم، كما نتعامل مع أطباء وممرضين من اللاجئين العرب في عيادات غير قانونية بمنازلهم، أيضا، ونشتري منهم أدوية بأسعار مضاعفة رغم خطورة الأمر على صحتهن”.

واعتبر أن أسرته تعيش وضعا مرعبا في تركيا، في ظل عدم توفر بناته على أي حقوق للرعاية الطبية ولا للدراسة، مشيرا إلى أنهن لا يستطعن حتى اللعب بشكل طبيعي خارج البيت بسبب الدوريات الأمنية ضد الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني.

يقول الحسناوي: “وضعيتنا في تركيا غير قانونية ونحن مهددون بالترحيل في أي لحظة، ونخشى من أن يتم ترحيلنا إلى سوريا في ظل وجود أخطاء لدى تركيا في هذا المجال، خاصة بعدما تم ترحيل مغاربة إلى سوريا بشكل خاطئ في وقت سابق”.

وشدد على أنه مستعد للقيام بأي شيء من أجل العودة للمغرب، حتى وإن تطلب الأمر إجراء تحاليل الحمض النووي لبناته، مناشدا الملك محمد السادس التدخل من أجل إعادة بناته وزوجته إلى وطنهن الأم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ شهرين

    كل التضامن

  • غير معروف
    منذ شهرين

    ربي يسرليه اموره ويعود الى الوطن الحبيب المغرب الغالي بملكه وشعبه

  • مريم
    منذ شهرين

    كل التضامن الله يسر الامور طفلات

  • غير معروف
    منذ شهرين

    كل التضامن الله يسر الامور طفلات