سياسة

بعد زيارة سانشيز للمغرب وتجديد دعم الحكم الذاتي.. أين تتجه العلاقات الجزائرية الإسبانية؟

أثارت الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز، وما تلاها من تصريحات داعمة للموقف المغربي من قضية الصحراء المغربية، “صعار” قصر المرادية والإعلام الدائر في فلك السلط، إذ عبر الأخير عن مدى خيبة أمله بعد عدم تغيير إسبانيا لموقفها الثابت من قضية الصحراء، معتبرة أن مخرجات الزيارة تعد بمثابة “طعنة في الظهر”.

الصدمة لم تتوقف عند حدود الجارة الجنوبية، بل شملت صنيعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، حيث عبرت عن امتعاضها من القرار الإسباني، وحسب بيان لها تم تداوله من قبل وسائل إعلامها، اعتبرت الجبهة الإنفصالية أن “بيدرو سانشيز أضاع الفرصة لإعادة الحكومة الإسبانية إلى الموقف الذي يتماشى مع القانون الدولي”.

وتأتي زيارة بيدرو سانشيز، بالتزامن مع فتور سياسي استمر بين كل من المملكة الإسبانية والجمهورية الجزائرية، منذ أن عبرت إسبانيا عن مساندتها للطرح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد لحل نزاع الصحراء المغربية، ما يطرح علامات استفهام حول مصير العلاقات الإسبانية الجزائرية بعد هذه الزيارة، خاصة وأن الأخيرة عملت قبل أيام على إلغاء زيارة كانت مرتقبة لوزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل الباريس، للجزائر.

هشام معتضد خبير الشؤون الاستراتيجية، أكد في تصريح لـ “العمق” أن العلاقات الإسبانية الجزائرية تمر من مرحلة سياسية جد معقدة، نظرًا لانعدام تبصر إستراتيجي لدى النظام الجزائري الذي يتمادى في تدبير ملفاته الخارجية وعلاقاته الثنائية مع مدريد من منطلق الأيديولوجية السياسية، بعيدًا عن البراغماتية و الواقعية التي تدبر بها العلاقات الثنائية أو الدولية.

واعتبر المتحدث أن “النظام العسكري الجزائري يرتكب أخطاء فادحة في تدبير دبلوماسيته سواءاً على الصعيد الإقليمي أو الدولي، حيث يربط أي بناء سياسي بينه وبين الفاعلين الدوليين بالعداء للمغرب، وبالتالي يراكم قصر المرادية الصدمات السياسية نظرًا لعدم قدرتهم على الخروج من هذا التقوقع الفكري الذي يشوش على أي تقدم للجزائر على المستوى الدولي”.

واستغرب الخبير السياسي من ردود فعل النظام الجزائري، تجاه تجديد إسبانيا لموقفها الداعم لمغربية الصحراء، على لسان رئيس حكومتها، بيدرو سانشيز، كون أن هذا الموقف يعد شأن إسباني داخلي وموقف سياسي يخص دولة ذات سيادة.

وتأسف هشام معتضد عن عدم استيعاب الجزائر للتطورات الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة، معتبرا أن الجارة الشرقية ما تزال متشبثة بمنظورها الإيديولوجي “المغلوط” والذي يقاوم من أجل ابقائه حيا ولو أن الحسابات الجيوستراتيجية تغيرت وفكر الفاعلين السياسيين والدوليين تطور بشكل كبير، والمنتظم الدولي أبدى وعيه الكامل بحيثيات نزاع الصحراء المفتعل، ويساند بشكل كبير التوجه المغربي الذي يعتبره الأكثر جدية وواقعية والأكثر عادل تاريخيًا.

وشدد معتضد، “على وجوب تركيز الجزائر للدفع بالتنمية الاجتماعية بالمنقطة المغاربية، بالتعاون مع الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط وذلك من أجل الاستجابة لتطلعات الشعوب في المنطقة، وأن لا يتماهى هذا النظام في تقوقعه الفكري من أجل حسابات شخصية ضيقة أو متاجرات سياسوية عابرة”، يقول المتحدث.

وفي ختام حديثه، اعتبر هشام معتضد، خبير الشؤون الاستراتيجية، النظام العسكري في الجزائر يعاني من متلازمة المغرب و هيمنته على التدبير السياسي في الجزائر، و يعي جيدًا أن تحييده للنزاع المفتعل في الصحراء من الخطاب السياسي الجزائري سيدفعه للمواجهة المباشرة مع الشعب الجزائري الشقيق، وسيُرغم للخروج من التدبير السياسي والهيمنة الإستراتيجية على القطاعات في البلد، لذلك فهو يحاول بكل الوسائل اللعب على وتر الصحراء و العداوة مع المغرب من أجل الإستمرار سياسيًا ولو على حساب مستقبل الشعب الجزائري.

جدير بالذكر أن الزيارة الأخيرة، للرئيس الإسباني، بيدرو سانشيز، تكللت بتجديد الأخيرة لموقفها الداعم للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، مع التأكيد على عمق الروابط التاريخية بين الطرفين، والتأكيد على الطموحات المرافقة لهما من أجل تطوير علاقاتها خاصة على المستوى الاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *