اقتصاد، مجتمع

إلى متى ستستمر السلطات في تمديد عقود امتياز لشركة “ألزا” بمراكش رغم فداحة أخطائها؟

فضيحة ألزا

مع نهاية شهر مارس المنصرم، انتهت مدة عقد الامتياز الذي نالته شركة النقل الحضري الإسبانية “ألزا” بمراكش في أكتوبر الماضي، مما يضع تدبير النقل الحضري والشبه حضري بتراب عمالة مراكش، وتحرك أسطول الشركة وسط الشوارع في حلقة فراغ قانوني مجددا.

ورغم أخطاء الشركة التي طفت على السطح، والاستنكارات الواسعة التي عُبر عنها في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أسطولها المهترئ والاختلالات التي يعرفها تدبيرها لقطاع النقل، فإن الشركة تمارس كل الضغوط للظفر بصفقة النقل، التي لم تطرح للتفاوض منذ 2018.

أخطاء فادحة

الشركة الإسبانية للنقل الحضري لم تقم بتجديد أسطولها منذ مدة طويلة، بدعوى أنها الرؤية غير واضحة لديها حول استمرارها في تدبير قطاع النقل بعمالة مراكش، مما يثير مخاوف لدى الرأي العام والتساؤل “هل بهذه الحافلات سيستقبل المغرب كأس العالم عام 2030 وكأس إفريقيا للأمم العام المقبل؟”.

فقبل أسبوع، اقتلع سقف حافلة “ألزا” نواحي مراكش والركاب على متنها، نتيجة الرياح القوية التي عرفتها عدد من مناطق المغرب. حادث مثل هذا يكشف ما يشتكي منه المراكشيون منذ سنوات، كون أسطول الشركة أصبح متهالك ولا يرقى لمستوى الخدمات المطلوبة.

كما أعاد الحادث إلى الأذهان سلسلة من الأحداث المأساوية التي تظهر عدم اكتراث “ألزا” بأرواح الركاب، ولا بمقدسات المغاربة، آخرها إدراجها للعلم المزعوم للجبهة البوليساريو الانفصالية في المنصة الإلكترونية لفرع الدار البيضاء.

وكما أعاد اقتلاع السقف إلى الأذهان حادث اشتعال النار بحافلة بتجزئة الآفاق بمراكش شهر يوليوز الماضي، وهو الحريق الذي أتى على الحافلة برمتها وتمكن الركاب من النجاة بأعجوبة، حيث تمكنوا من مغادرة الحافلة قبل تفاقم النيران.

وضعية شاذة

وتستفيد شركة ألزا من الاستمرار في تدبير قطاع النقل الحضري بسبب الوضعية الشاذة في ملف طلبات العروض الخاص بقطاع النقل على مستوى مدينة مراكش والجماعات المجاورة لها، ومازلت تدبر القطاع بالرغم من انتهاء الصفقة قبل خمس سنوات دون تجديدها.

وكانت الشركة موضوع رأي صادر عن مجلس المنافسة الذي سجل هيمنة شركتي “ألزا” و”سيتي باص” على قطاع النقل الحضري والنقل بين المدن بالمغرب، وأوصى بإعادة النظر في القانون الأساسي والإطار القانوني المنظم لشركات التنمية المحلية، وذلك بعدما رصد تسبب إنشاء هذه الشركات في مشاكل متعلقة بالتنسيق والحكامة بين الفاعلين، وشجع في تنصلهم من مسؤولياتهم، وتضاعف عبء تكاليف الاستغلال.

وأرجع سبب هيمنة شركتين اثنتين على القطاع برمته في المغرب، إلى فرض شروط تقنية ومالية لولوج السوق لا تحفر إلا الشركات كبيرة الحجم، وتحول دون دخول فاعلين جدد، ولا تشجع على الابتكار والإبداع كمعايير للانتقاء، إضافة إلى العدد الضئيل لطلبات العروض المتعقلة بالعقود طويلة الأمد، ثم ضعف نسبة مشاركة الفاعلين في طلبات العروض بالحواضر الكبرى بسبب محدودية قدراتهم المالية والتقنية.

آخر تمديد استثنائي

وكان والي جهة مراكش آسفي السابق، كريم قسي لحلو، قد طلب من رئيس مجلس مجموعة الجماعات الترابية مراكش للنقل، عقد دورة استثنائية للمصادقة على المديد الإضافي لفترة عقد امتياز خدمة النقل الحضري والشبه حضري بواسطة الحافلات بمراكش.

وامتد عقد الامتياز لمدة 06 أشهر، من 01 أكتوبر 2023 حتى 31 مارس 2024.

واتُخذ القرار من طرف المصالح المركزية لوزارة الداخلية، التي وافقت على تمديد استثنائي لعقد استغلال مرفق النقل الحضري والشبه حضري بمراكش، وفق ما كشفت عنه إحدى مراسلات الوالي السابق لرئيس مجموعة مراكش للنقل، والتي توصلت إليها جريدة “العمق”.

السيطرة على القطاع

الناشط الحقوقي بمدينة مراكش، محمد الهروالي، قال إن شركة النقل “ألزا” “عمرت لسنوات في مدينة مراكش، وهي المسيطرة على قطاع النقل الحضري والشبه حضري، كأن المغرب لا توجد فيه شركات أخرى”.

وأشار الهروالي، في تصريحه لجريدة “العمق” لظروف تنقل المواطن البسيط والطلبة داخل هذه الحافلات، واصفا إياها بـ”المأساوية” بسبب طوابير الانتظار في نقاط التجمع الأساسية، علاوة على طول المدة بين الحافلة والأخرى، ناهيك على العمال الذين يحتاجون لساعات من أجل الوصول إلى أماكن شغلهم.

وقال الناشط الحقوقي إن شروط التنقل في حافلات “ألزا” “لا تحترم أدمية مستعمليها” واصفا مستعملي هذه الحافلات بـ”المهلوكين”.

وتساءل الهروالي عن دفتر التحملات القديم ومدى احترامه من طرف الشركة، وعن الدفتر الجديد والشروط الموضوعة فيه، مردفا أن الشركة مستمرة في تدبير القطاع بمراكش رغم “المؤاخذات السلبية” التي سجلها تقرير المجلس الوطني للحسابات.

“طوبيس” غريب

هذا، وأشار الهروالي، في حديثه “للعمق” إلى “غرابة” ممر الحافلات الكهربائية الذي يتسبب في اختناق أهم الشوارع بمدينة مراكش وأحد شرايينها لمسافة كيلومترات، مما يتسبب في حوادث السير وعرقلته.

و”الغريب” أيضا في هذه الحافلات، وفي الهروالي، هو عدم اعتماد المواطن المراكشي عليها في تنقلاته اليومية، مما يجعلها تتحرك في أغلب الأوقات وهي فارغة، مشيرا إلى أن مشروع الحافلات الكهربائية “من بين المشاريع التي لا يعرف الرأي العام المراكشي الجدوائية منه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ايت ادر
    منذ أسبوعين

    الشارع التي تمر منه الحافلة الكهربائية شارع رئيسي و كانت شركة الزا تخشى من منافسة الترامواي حيث استغلت هذا الشارع حتى تقطع الطريق على استغلاله من طرف الترامواي و بالتالي لا يهمها ان تجوبه حافلاتها الكهربائية فارغة

  • Othmane
    منذ 3 أسابيع

    Dans une ville touristique comme Marrakech on ne trouve plus de bus après 22heures les gens sont bloqués y compris les touristes c est honteux près de koutoubia des milliers de gens attendent les bus et la coupe d Afrique approche pas de tramway pas de métro au moins on augmente le nombre des bus à tout moment de la journée

  • Youssef Ait hammou
    منذ 3 أسابيع

    مدينة مراكش تحتاج الى شركتين للنقل الحضري .اعتماد شركة واحدة ليس في مصلحة المواطنين الدين يعانون مع شركة الزا .لابد ان تكون هناك منافسة حتى نرتقي الى الجودة في الخدمات .الاحتكار ليست فيه منفعة.شركة الزا لم تستطع تغطية كافة احياء مراكش .ولهذا نطالب المسؤولين والغيورين على هذه المدينة اعتماد شركتين للنقل الحضري .ولابد ان تكون هناك شركة مغربية حتى تظل الأموال التي تجنى من هذه الخدمة مستقرة في المغرب عكس ما تقوم به شركة الزا التي جنت ارباحا طائلة وتحويلها إلى الخارج.دون تقديم الخدمة المناسبة.

  • ياسين غليمي
    منذ 3 أسابيع

    كل ما جاء في هذا التقرير صحيح مائة بالمائة ونرجو من المسؤولين عن قطاع النقل في الوطن وخاصة بمدينة مراكش أن يتخذوا موقفا جادا للحد من معاناة مستعملي الحافلات والنهوض بهذا القطاع الحساس حتى يبلغ المستوى الذي يرضي جميع الأطراف وشكراً.