سياسة

مرصد يثمن التزام الحكومة في تنزيل برامجها ويوصي بخفض مستويات المديونية

عزيز أخنوش رئيس الحكومة

سجل مرصد العمل الحكومي من خلال رصده لمختلف التدابير والإجراءات الحكومية خلال نصف الولاية الحالية، مجموعة من الملاحظات على عمل وأداء الحكومة، كما قدم عددا من التوصيات تهم ضرورة وضع خطة عاجلة لمواجهة الفساد، ومواجهة مستويات البطالة المرتفعة.

تثمين

وفي تقريره الصادر مؤخرا ثمن المرصد التزام الحكومة بتنزيل ورش الحماية الاجتماعية في شقيه المتعلقين بتعميم التأمين الإجباري عن المرض وتعميم التعويضات العائلية، في احترام للآجال الملكية الموضوعة لذلك، وإعادة تفعيل الحوار الاجتماعي بعد سنوات من التوقف ومأسسة آلياته وضبط مواقيت انعقاد دوراته ولجانه، وتوقيع اتفاق اجتماعي جديد في 30 أبريل 2022، بالإضافة إلى سعي الحكومة لتحسين العرض الصحي والالتزام بتعميم بناء المستشفيات الجامعية في مختلف جهات المملكة والزيادة في عدد المعاهد وكليات الطب والصيدلة قصد الرفع من الموارد البشرية في القطاع.

وفيما يتعلق بالإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة آثار التضخم، ثمن المركز إيقاف استيفاء الضرائب على عدد من المواد الاستهلاكية والفلاحية التي لها علاقة مباشرة بالاستهلاك اليومي للمغاربة، كما أشار إلى أن دعم مجموعة من القطاعات المتضررة من الازمة الاقتصادية خاصة القطاع السياحي، ومساهمته في استقرار القطاع والحفاظ على مناصب الشغل المحدثة وتجاوز الأزمة، مكن من تجاوز الأزمة وتحقيق نمو بلغ أزيد من 14.5 مليون سائح سنة 2023 ومداخيل قياسية بلغت 104 مليار درهم.

وشدد التقرير على أهمية المقاربة الجديدة المعتمدة من طرف الحكومة في دعم السكن، من خلال التوجه نحو دعم الطلب بدل العرض، ما يضمن نجاعته ووصوله للفئات المستحقة، مشيدا بتوسيعه ليشمل الطبقة المتوسطة، مسجلا في هدا الإطار ضعف الغلاف المالي المخصص لذلك والمقدر بقيمة إجمالية تصل إلى 9.5 مليار درهم وهو ما لا يتماشى ومستوى العجز المسجل في السكن بالمغرب والذي يفوق مليون شقة.

وثمن المرصد التفاعل السريع للحكومة مع تنفيذ التوجيهات الملكية بخصوص التسريع بإنجاز المشاريع الاستراتيجية المتضمنة في المخطط الوطني للتزود بالماء 2020 -2027 والرفع من الغلاف المالي المخصص لها من 115 مليار درهم إلى 143 مليار درهم، وهو ما سيساهم بقوة في التخفيف من حالة الاجهاد المائي التي يعاني منها المغرب.

نواقص

أشار المركز  إلى وجود ارتباك فيما يتعلق بتدبير البرامج الإرادية الجديدة للتشغيل وعدم وضوح نتائجها وانعكاساتها على وضعية التشغيل حيث وصلت نسبة البطالة لـ 13 في المئة سنة 2023، وخاصة برنامج فرصة الذي رافقته مجموعة من الاحتجاجات القوية من طرف المستفيدين وغياب أي معطى ملموس حول نتائجه، كما أشار إلى سلبية الامتناع الحكومي عن التدخل للحد من الانعكاسات الاقتصادية القوية لارتفاع أسعار المحروقات على المواطنين عن طريق تخفيف الضغط الضريبي الذي يناهز 40 في المئة من سعر البيع أو عن طريق فرض ضريبة على شركات المحروقات.

وسجل المركز ما وصفه بـ “غياب الإرادة لدى الحكومة لمواجهة مختلف اشكال المضاربة والاحتكار التي تهيمن على سلاسل توزيع وبيع المواد الغذائية وخاصة المنتجات الفلاحية وانعكاساتها السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين، والتأخير غير المبرر لإصلاح أسواق الجمل”.

وأبرز المركز أن الحكومة “تملصت من تنفيذ التزاماتها المتضمنة في الحوار الاجتماعي وخاصة تلك المتعلقة بالزيادة العامة في الأجور وتخفيف العبء الضريبي على أجور العاملين والموظفين، ما بات يهدد السلم الاجتماعي ويدفع الى تنامي الحركات الاحتجاجية، خاصة في ظل التعامل الانتقائي للحكومة مع القطاعات الحكومية فيما يتعلق بتنفيذ هذه الالتزامات”.

ووصف المصدر ذاته التدبير الحكومي للاحتجاجات العمالية، بالسلبي، خاصة إضرابات قطاع التعليم، التي أبانت خلالها الحكومة عن افتقارها للبعد السياسي واعتمادها على مقاربة تكنوقراطية محضة، دفعت الى تعطيل أحد اهم المرافق العمومية لمدة تزيد عن 3 أشهر وعن إضعاف التمثيلية المؤسساتية للمنظومة الاجتماعية وظهور صيغ تمثيلية جديدة بدون أي شرعية قانونية، ما بات يهدد المبادرة الإصلاحية للحكومة في ظل النتائج المادية والسياسية المكلفة التي دفعتها لحل هذا الملف.

توصيات

أوصى المركز بضرورة عمل الحكومة على خفض مستويات المديونية المقلقة التي باتت تتجاوز 70 في المئة من الناتج الداخلي الخام وهو ما قد يرهن الاستقلالية المالية للبلاد، وذلك عبر إصلاح عميق لقانون المالية، وتخفيف الضغط على المالية العمومية والرفع من مستويات انجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية المتوافقة مع أهداف وتوجهات النموذج التنموي الجديد، وخاصة تلك المتعلقة بمضاعفة الاستثمار الخاص ليصل الى ثلتي نسبة الاستثمار.

كما شدد على ضرورة تبني الحكومة للإجراءات الاستشرافية للأزمات الاقتصادية المحتملة، وانعكاساتها الاجتماعية المؤلمة، خاصة في ظل استمرار وضعية اللايقين الاقتصادي على المستوى العالمي واستمرار موجة الجفاف التي تحولت الى معطى بنيوي بالمغرب، وعدم الاستمرار في التوجهات الحالية التي أبانت عليها الحكومة في تدبير الأزمات الحالية، عبر التدخل المتأخر لحل تداعيتها القوية على المواطنين.

ودعا المصدر داته إلى تعزيز تبني الحكومة للمقاربة التشاركية في إنجاز مختلف الأوراش والإصلاحات، والابتعاد عن المقاربات الفردية التي طبعت تدبيرها لمجموعة من الملفات، بما يعزز ثقة المواطنين ويضمن انخراطهم الإيجابي في مختلف الاوراش الإصلاحية، وتسريع الإصلاحات المتعلقة بالانتقال الرقمي بما يعزز شفافية المرفق العام ويضمن سهولة وسلاسة الولوج إلى الخدمات العمومية من طرف المواطنين، وتبني الحكومة لتصور تواصلي مسؤول وأكثر قدرة على الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع.

وأوصى المتحدث على ضرورة وضع خطة وطنية عاجلة لمواجهة كافة أشكال الفساد والريع وانعكاساتهما السلبية على الأداء الاقتصادي والمؤسساتي الوطني، وبلورة الحكومة لإرادة قوية تنعكس من خلال إجراءات واضحة وملموسة في هذا الاتجاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *