سياسة

منع أنشطة الجماعات المحلية.. بين تطبيق القانون واستهداف “البيجيدي”

في ظل الانتقادات التي وجهها متتبعون لوزارة الداخلية بسبب منعها لأنشطة جماعات محلية، خاصة التي يسيرها حزب العدالة والتنمية، اعتبر محللون سياسيون أن ما تقوم به وزارة حصاد أمر قانوني لفرض هيبة الدولة ولمنع أي استغلال انتخابي بالمدن، في حين اعتبر آخرون أن المنع غير مبرر و”محاولة لخلط الأوراق”.

فرض هيبة الدولة لتطبيق القانون

اعتبر أستاذ العلوم السياسية ميلود بلقاضي، أن توقيف وزارة الداخلية لأنشطة ومشاريع الجماعات المحلية، هو محاولة من طرف الدولة لتمارس هيبتها من أجل تطبيق القانون، مشيرا إلى أن ما تقوم به الداخلية أمر قانوني محض، بشرط أن يكون بشكل شامل ويسري على جميع الجماعات حتى لا يتحول الأمر إلى خدمة حزب سياسي ضد آخر.

وأوضح المحلل السياسي في اتصال مع جريدة “العمق المغربي”، أن الانتخابات المقبلة ستكون صعبة جدا على الدولة والأحزاب معا، لافتا إلى أنه من واجب الدولة أن تراقب تصرف الأحزاب في تدبير الشأن العام قبيل الانتخابات.

وأضاف، أن الملك بدوره يرفض حضور بعض الوزراء المرشحين للانتخابات إلى جانبه في بعض الأنشطة، تفاديا من أن يحسب أن هناك دعما ملكيا لهم، ودعا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الرباط، الجميع إلى الالتزام بالقانون واحترام القرارات.

محاولة لخلط الأوراق

بالمقابل، اعتبر المحلل السياسي المعطي منجب، أن ما تقوم به وزارة الداخلية من منع الأنشطة والمشاريع المحلية لعدد من الجماعات، هو محاولة لخلط الأوراق حتى لا تظهر هيمنة لون سياسي معين، مشيرا إلى أن المنع يتم بشكل عام ويستهدف مختلف الجماعات سواء التي يسيرها حزب العدالة والتنمية أو غيره.

وأضاف في اتصال مع جريدة “العمق المغربي”، أن وزارة حصاد لم تعط أي مبرر لمنع تنظيم أنشطة الجماعات الترابية، مذكرا بواقعة منع نشاط في ساحة عمومية لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، من تنظيم شبيبة حزبه عام 2012 بمدينة طنجة.

تخليق للحياة السياسية

محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية، قال إن قرار توقيف أنشطة ومشاريع الجماعات المحلية تم بالتوافق بين الداخلية والأحزاب، وسبق لابن كيران أن عبر عن تفهمه للأمر، وهو أمر مقبول من طرف الأحزاب، حسب قوله.

واعتبر المتحدث في اتصال مع جريدة “العمق المغربي”، أن منع أنشطة الجماعات يدخل في إطار تخليق الحياة السياسية، وأنها إجراءات احترازية لتفادي أي استغلال سياسي، خصوصا وأن الثقافة السياسية في المغرب تتسم بعدم الفصل بين المشاريع التنموية والاستغلال السياسي، وفق تعبيره.

وأوضح المحلل السياسي أن القرار يشمل كل الجماعات سواء التي تسيرها أحزاب الأغلبية أو المعارضة، مشددا على أنها “لو كانت تسري فقط على حزب العدالة والتنمية لقلنا إنها متحيزة”، لافتا إلى أن وزارة الداخلية أبانت إلى حد الآن على أنها على مسافة واحدة من الجميع، ولم يثبت أي تحيز منها.

“استهداف” جماعات “البيجيدي”

ومنعت مصالح وزارة الداخلية بطنجة، مقاطعات المدينة من إتمام مشاريع وتنظيم أنشطة ومبادرات، بما فيها الحملات التحسيسية المعتادة من طرف شركتي النظافة بمناسبة عيد الأضحى، كما وجهت وزارة حصاد مراسلة إلى المقاطعات تطالبها بالسحب الفوري للإعلان عن تقديم طلبات المشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بدعوى أنها لا تقبل أي استغلال لفترة الانتخابات.

وكانت وزارة الداخلية قد أوقفت جل مشاريع المجلس الجماعي بمدينة القنيطرة الذي يسيره حزب بنكيران برئاسة الوزير عزيز رباح، حيث أشار حزب المصباح إلى أنه رصد عملية اتصال بعض القياد وأعوان السلطة ومسؤولين في عمالة القنيطرة، ببعض الجمعيات لتحذيرها من دعم العدالة والتنمية بالقنيطرة.

وفي الدار البيضاء، استنكرت أمينة ماء العينين، النائبة البرلمانية، التدخل المباشر للسلطات المحلية بوقف أشغال تهيئة حي الوئام بتراب مقاطعة الحي الحسني، متسائلة عن المرجعية القانونية التي تستند إليها الداخلية لوقف اختصاصات الجماعات المحلية، كما منع قائد منطقة سيدي معروف بعين الشق بالدار البيضاء، رئيس مقاطعة عين الشق من إدخال الكهرباء لحديقة “نيرشور” المغلقة منذ سنوات قصد فتحها أمام العموم.

المنع أمر إيجابي

أستاذ العلوم السياسية بجامعة طنجة، محمد العمراني بوخبزة، شدد في اتصاله مع جريدة “العمق المغربي”، على أن المنع يسري على جميع الجماعات وليس موجها ضد حزب سياسي معين، مشيرا إلى أنه ليس أمرا جديدا.

وأضاف أن المنع أمر إيجابي لأنه لا يمكن قبول استغلال التدبير العمومي لأغراض انتخابية، فهناك مرشحين قد يستغلون تسييرهم للجماعات الترابية، وبالتالي المنع يشمل كل ما من شأنه أن يُستغل من طرف الأحزاب، حسب قوله.