جدل إلغاء الأضحى.. التقاليد تقيد استغناء المعسرين عن شراء أضحية العيد

يشكل نحر الأضحية جوهر الاحتفال وأحد أبرز مظاهر التعبد والتقرب إلى الله خلال عيد الأضحى المبارك، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار الأضاحي، يجد الكثير من المسلمين أنفسهم في حيرة بين الحفاظ على ما اعتادوا عليه من تمثل سنة النبي ابراهيم عليه السلام، وبين التكيف مع واقع اقتصادي ضاغط.
وبغض النظر عمن يقول بضرورة التمسك بالأضحية مهما كانت التكلفة الاقتصادية، ومن يعتبر أن الوضع الاقتصادي الحالي يستوجب التخفيف من التكاليف والتركيز على الأولويات، تبرز مظاهر اختلاط التعاليم الدينية بالعادات المجتمعية، مما يعقد التفريق بين ما هو اختياري ديني تعبدي، وما هو تقليد مجتمعي مفروض.
في هذا السياق، يوضح الشيخ والخطيب محمد الفزازي، أن الحديث النبوي الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا”، دليل أن إرادة الذبح اختيارية حتى لمن له الاستطاعة، فما بالك بمن ليست له.
وأضاف الفزازي، في تصريح لجريدة “العمق المغربي” أن الغاية التعبدية انتقلت للأسف إلى ظاهرة اجتماعية يتنافس فيها الناس على الأضحية بأي ثمن لتحقيق مراد العائلة والأبناء والتباهي على الجيران، وهو ما يعد خروجا عن الشريعة.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن فترة العيد أضحت تجارة موسمية سمتها الجشع والتكلف، “فتجد البعض يبيع أثاثه أو يلجأ للاقتراض من البنوك الربوية لتحقيق هذا التقليد، في مشهد يندى له الجبين”.
وفي ذات السياق، يؤكد الفقيه مولود السريري، مدير مدرسة تنكرت العتيقة، أن الشرط الشرعي هو “ألا تجحف بمال الخروف طول السنة”، بما معناه أنه لا ينبغي لشراء الأضحية أن يؤثر فيما بعد على شراء الضروريات، من قبيل أن يحتاج الإنسان إلى ثمن الزيت أو إلى ثمن الدقيق أو إلى ما يُستر به من الثياب أو إلى ما يؤدي به الواجبات التي تلزمه كواجبات الكراء وما جرى مجرى ذلك مما يعد من الضروريات التي زادت في هذا الزمان.
ويؤكد السرير، في مقطع مسجل بثته صفحة المدرسة على فيسبوك، بعنوان “التكلف في شراء الأضحية”، أن الأعراف والعادات أصبحت تتحكم في أضحية العيد، حتى بات الإنسان يبيع ما في بيته لأجل شراء خروف العيد، وهو ما يؤدي حسب المتحدث بالبعض إلى الوقوع في الحرام.
هذا الوضع، وفق السريري، يسقط السنة عن الكثير من الناس، مستشهدا بما فعله الصحابة الكبار كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب اللذان لم يكونا يضحيان أصلا، بل كانا يصليان مع الناس ثم يذهبان إلى بيوتهم، على اعتبار أن “لا سلطان للمجتمع عليهم، بل لا سلطان إلا للدين عليهم”.
وكان استطلاع للرأي أجراه “المركز المغربي للمواطنة” قد أظهر انقسامًا بين المغاربة حول الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام، حيث عبّر 48% منهم عن رغبتهم في عدم الاحتفال، بينما أبدى 44% منهم رغبتهم في ذلك.
إقرأ أيضاً: 48 % من المغاربة يفضلون إلغاء عيد الأضحى هذا العام بفعل ضغط الأزمة
ويعكس هذا الانقسام الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها الكثير من المغاربة، حيث يرى 57% من المشاركين في الاستطلاع أن إلغاء العيد هذا العام سيخفف عنهم ضغطًا كبيرًا.
اترك تعليقاً