مجتمع

مؤتمر دولي يؤكد ارتباط اقتصاد الرعاية بالتمكين الاجتماعي والتماسك الأسري

احتضنت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بالرباط، صباح الثلاثاء، مؤتمرا دوليا بمشاركة 50 بلدا حول اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية كدعامة لتحقيق الرفاه والصمود الأسري والتمكين الاقتصادي للنساء.

وناقش المشاركون خلال هذا المؤتمر، في دورته الأولى، سبل بلورة برامج جديدة لتشجيع ودعم منظومة اجتماعية متكاملة وتطوير مهن الرعاية تشمل معايير الجودة، بما يهدف إلى دعم الأسرة وتسهيل التوفيق ما بين الحياة العملية والخاصة للنساء، والعمل على تمكينهن اقتصاديا، وتوفير بيئة ميسرة لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، وحماية الأشخاص المسنين.

كما استعرض خبراء دوليون سبل مواكبة وتعزيز صمود الأسر، من خلال تخفيف عبء التكفل بالأشخاص فاقدي الاستقلالية وكذا تشجيع التمكين الاقتصادي للنساء بما يتيحه اقتصاد الرعاية من إمكانيات لخلق فرص شغل جديدة للنساء والرجال، مؤكدين أن ذلك من شأنه رفع معدل النشاط الاقتصادي والتخفيف من تكلفة برامج الحماية الاجتماعية والتسريع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

عقد اجتماعي جديد

وخلال المؤتمر، قال وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، إن المغرب قرر منذ سنوات تحت قيادة الملك محمد السادس صياغة عقد اجتماعي جديد ووضع لهذا العقد، وفق تعبيره، مجموعة من الركائز لبناء دولة اجتماعية قادرة على تحقيق الرفاه الاقتصادي للمواطنين، كما واكب ذلك، على حد قوله، بمجهود كبير.

وأوضح السكوري، في كلمة افتتاحية له على هامش المؤتمر، أن الدولة الاجتماعية لها عدة مرتكزات بداية بالحماية الاجتماعية عبر تأهيل شرائح واسعة من المواطنين للاستفادة من الخدمات الاجتماعية الأساسية، مشيرا إلى أن المغرب قطع في بناء الدولة الاجتماعية عدة أشواط رغم صعوبات التدبير الموازانتي التي يفرضها هذا المشروع المجتمعي، وفق تعبيره.

أما الركيزة الثانية، حسب السكوري، هي الولوج للخدمات العمومية من صحة ونقل وغيرها وذلك يتم عبر تأهيل هذه الخدمات والرفع من جودتها، فضلا عن تسهيل الولوج لسوق الشغل، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا الأخير تأثر منذ جائحة كورونا.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الحكومة قامت بإصلاحات جوهرية اجتماعيا واقتصاديا حيث عملت منذ 2022 من أجل صياغة تصور جديد للحوار الاجتماعي، فضلا عن سن برامج عمومية من جيل جديد يستفيد منها المواطن بشكل آني ومباشر.

وأكد السكوري أن الحكومة بصدد إنتاج برامج تحفيزية لسوق الشغل وتعديل مدونة الشغل تلائم التطورات الجديدة والأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اقتصاد الرعاية.

مهن الرعاية والنموذج التنموي

من جهته أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أن اقتصاد الرعاية يعتبر بوابة لتحقيق أهداف النموذج التنموي، كونه يساهم، وفق تعبيره، في تمتع الأفراد داخل محيطهم الأسري بظروف عيش صحية.

وسجل وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن هذا المؤتمر “يشكل مناسبة للتفكير والنهل من التجارب الناجحة من أجل إدماج هذه الفئة غير الهينة من النساء داخل الاقتصاد الوطني بشكل يضمن النجاح في التوفيق بين متطلبات الرعاية بالفئات الهشة داخل أسرنا وتحقيق سبل العيش الكريم لهاته الفئة من النساء، وهو ما سينعكس إيجابا على النمو الاقتصادي للبلاد”، وفق تعبيره.

وشدد آيت الطالب، في كلمة على هامش المؤتمر، على أن اقتصاد الرعاية يمكن الأفراد من تعزيز فرصهم في ولوج سوق الشغل والإسهام في النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن التنمية الاقتصادية خاصة المرتبطة بصحة الأفراد والمجتمع تجعل من القطاع الصحي مساهما أساسيا في الرفع من المنتوج الداخلي الخام وفي التشغيل والإنتاجية.

وذكر المسؤول الحكومي أن المغرب انخرط في تنزيل النموذج التنموي وفق منظور يتغذى من التراكمات الإيجابية التي عرفتها المملكة مؤكدا أهمية النظر إلى المنظومة الصحية كمنتج لفرص الشغل، ليس فقط في ما يتعلق بالعلاجات الطبية وشبه الطبية، بل أيضا من خلال مجموعة من مهن الرعاية التي تتطلب تكوينا في ما يتعلق بالصحة.

واعتبر المتحدث ذاته أن مهن الرعاية “أصبحت ضرورة ملحة كمساعدي الحياة اليومية، ومساعدي العلاج بالمنزل، ومساعدي الحياة المدرسية، مبرزا أن هذه المهن أصبحت لا محيد عنها من أجل استكمال أهداف رحلة العلاج والتكفل الطبي”.

وأعرب آيت الطالب عن استعداد القطاع الصحي للمساهمة في موضوع اقتصاد الرعاية وعمله المشترك في أفق توحيد الرؤى وتكثيف الجهود خدمة للصالح العام، من أجل الرقي بهذه المهن كحلقة أساسية في تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، داعيا إلى هيكلة وتأطير خدمات ومهن الرعاية حتى تسهم بشكل كبير في التماسك الأسري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *