مجتمع

وسط اتهامات متبادلة.. شبح “السنة البيضاء” يهدد كليات الطب والصيدلة

يخيم شبح “السنة البيضاء” على كليات الطب والصيدلة بالمغرب، مع استمرار مقاطعة الطلبة للامتحانات للشهر السابع على التوالي. وتتبادل الحكومة والطلبة الاتهامات حول مسؤولية تفاقم هذه الأزمة وتمدد الاحتقان داخل كليات الطب والصيدلة، بينما يزداد قلق الرأي العام حول مستقبل جيل كامل من الأطباء والصيادلة.

وتتهم الحكومة الطلبة بت”تعنتّهم وإصرارهم “على مقاطعة الامتحانات، مما يهدد مستقبلهم ومستقبل المنظومة الصحية بالمغرب تتضمن إعادة النظر في العقوبات المتخذة ضد بعض الطلبة بعد اجتياز الامتحانات، واستدراك فترات التدريب الاستشفائية، وإن احتفظت بتفعيل الهيكلة الجديدة لنظام التكوين في الطب ابتداءً من السنة الجامعية المقبلة.

من جانبهم، يتهم الطلبة الحكومة بـ”اللامبالاة “وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة، والتي تتركز على إلغاء قرار تخفيض سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات، وإعادة النظر في نظام التكوين، وتحسين ظروف الدراسة. ويُصعّد الطلبة من احتجاجاتهم، مؤكدين عزمهم على مواصلة مقاطعة الامتحانات حتى تحقيق مطالبهم.

الحكومة تتحمل المسؤولية

مصدر مقرب من اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، لفت إلى أن المسؤول عن عن بلوغ الأزمة هذه المرحلة هي الحكومة التي تُثبت يوماً بعد يوم عجزها التام عن حلّ مشاكل التعليم العالي بالمغرب، ممّا يُهدد مستقبل جيل كامل من الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان.

وأكد المصدر ذاته، لـ”العمق” أن طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان عازمون على الاستمرار  في  مقاطعة الامتحانات، بما في ذلك الدورة الاستدراكية المقررة في شهر غشت، إلى حين الاستجابة لمطالبهم المشروعة، خاصة منها مطلب البث في مصير الطلبة الموقوفين و الإبقاء على مدة التكوين المتمثلة في 7 سنوات بدل 6.

واعتبر المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أنه من غير المعقول أن تعجز حكومة جرّاء تعنتها وإصرارها على تجاهل مطالبنا العادلة عن إيجاد حل لأزمة امتدت لأزيد من 7 أشهر، مشيرا أنه ما دام الأمر كذلك فعلى الوزارء المعنيين تقديم استقالتهم.

وحذّر  المصدر نفسه،  من سيناريو “السنة البيضاء” الذي بات يلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى، والذي “سيكون بمثابة وصمة عار على جبين حكومة كان المقترض منها إيجاد حلول للماشكل العالقة بدل تعميقها بدفعها للأزمة نحو طريق مسدود”، وفق تعبيره.

الامتحانات أولا

وأعلنت الحكومة في وقت سابق على لسان نطاقها الرسمي مصطفى بايتاس،  أنه الدورة الربيعية ستُفتتح يوم 26 يونيو 2024 وبعدها الدورتها الاستدراكية قبل متم شهر غشت 2024 مع برمجة امتحانات الدورة الاستدراكية للفصل الأول في شتنبر 2024.

وقال بايتاس إنه “ستتم إعادة البت في العقوبات تفاعلا مع المبادرة لاجتياز الامتحانات يوم 26 يونيو الجاري”، على أن يتم أيضا استدراك فترات التدريب الاستشفائية التي تمت مقاطعتها انطلاقا من الموسم الجامعي المقبل، وتعويض نقطة الصفر من بيان النقط بالنقطة المحصل عليها في الدورة الاستدراكية في الفصل الأول”.

وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أنه سيتم تفعيل الهيكلة الجديدة لنظام التكوين في الطب ابتداء من السنة الجامعية المقبلة 2024-2025، والتي ستهم الفوج الجديد للطلبة الملتحقين بكليات الطب الطب والصيدلة ابتداء من شتنبر 2024.

وتعمل الهيكلة الجديدة، وفق الوزير، “من خلال اعتماد دفتر ضوابط بيداغوجية وطنية جديدة لدبلوم دكتور في الطب ونشره بقرار وزاري وذلك في إطار مدة تكوين لست سنوات قصد الحصول على دبلوم دكتور في الطب مع الحفاظ على القيمة الأكاديمية والقانونية للدبلوم”.

مساع برلمانية 

ودخل نواب بالبرلمان في صفوف المعارضة، على خط الأزمة التي امتدت لقرابة السنة، وتقدمت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، بطلب عاجل لمناقشة موضوع “إنقاذ السنة الجامعية بكليات الطب والصيدلة” خلال الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية في مجلس النواب.

ويأتي هذا الطلب في أعقاب مقاطعة طلبة هذه الكليات للدراسة والامتحانات التي انطلقت يوم الأربعاء 26 يونيو 2024، مما أثار قلق الرأي العام المغربي.وتستند المجموعة النيابية في طلبها إلى المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تُتيح للنواب التحدث في نهاية الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية حول موضوع عام وطارئ يتطلب إلقاء الضوء عليه وإطلاع الرأي العام الوطني.

وبحسب اللجنة الوطنية لطلبة الطب طب الأسنان والصيدلة بالمغرب، فقد حققت مقاطعة الامتحانات نجاحًا كبيرًا بنسبة فاقت 94%، مما أعاد إلى الواجهة شبح “السنة البيضاء” التي تهدد مستقبل الطلبة.

وتفاعلت الحكومة مع هذه الأزمة من خلال إصدار عدة بلاغات ولقاءات مع ممثلي الطلبة، إلا أن هذه الجهود لم تتمكن من نزع فتيل الاحتقان ولم تمجح في إقناع الطلبة المعنيين باستئناف الدراسة واجتياز الامتحانات.

ويخوض طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، منذ يداية الموسم الجامعي الحالي، احتجاجات واسعة النطاق للمطالبة بإصلاح تكوينهم، وهي الاحتجاجات التي واجهتها وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة بالتصعيد.

وفيما ترى اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لا سيما منها الرفع من عدد الطلبة في بعض التخصصات الطبية الحيوية، وتخفيض عدد سنوات التكوين من 7 سنوات إلى 6 سنوات، “يقوض جودة التكوين”، يتشبث الوزير عبد اللطيف ميراوي، بكون هذه التدابير هي ضمان جودة تكوين طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *