سياسة

التغريم لـ”سوء النية” يثير مخاوف برلمانيين وتحذيرات من التضييق على المتقاضين

حذرت تعديلات برلمانية تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب على مشروع قانون المسطرة المدنية، من تقييد مقتضيات المادة 10 لحق المواطنين في اللجوء إلى القضاء، بسبب إثارة “التقاضي بسوء نية” وفرض غرامات مالية تصل إلى 20 ألف درهم.

وسبق أن عبر نواب برلمانيون، خلال مناقشة مواد مشروع قانون المسطرة المدنية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، عن تخوفهم من إطلاق يد القضاة في مشروع المسطرة المدنية، ومنحهم سلطة مطلقة لتحديد ما إذا كان هناك تقاضٍ بسوء نية أو بحسن نية، منبهين في السياق ذاته، إلى أن استخدام مصطلحات “فضفاضة” و”أحياناً مبهمة” قد يجعل من المشرع مساهماً في إفساد العملية القضائية.

وتنص المادة 10 من مشروع قانون المسطرة المدنية، كما جاءت بها الحكومة على أنه “يجب على كل متقاض أن يمارس حقه في التقاضي طبقاً لقواعد حسن النية، وبما لا يعرقل حسن سير العدالة. للمحكمة أن تحكم، تلقائياً أو بناء على طلب من النيابة العامة أو من أحد الأطراف، على كل من ثبت لها أنه يتقاضى بسوء نية، بغرامة لفائدة الخزينة العامة تتراوح ما بين عشرة آلاف (10.000) درهم وعشرون ألف (20.000) درهم، وذلك بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر”.

وترى فرق الأغلبية ضمن تعديلاتها المشتركة، التي اطلعت عليها “العمق”، أن المادة 10 كما وردت في مشروع القانون تمس بحق المتقاضين في اللجوء إلى القضاء من خلال التنصيص على أداء غرامات مالية، مشددة على أن فرض الغرامة سيؤدي إلى تردد المتقاضين في اللجوء إلى القضاء.

كما أشارت الأغلبية النيابية إلى أن التعديل يضمن حق المتقاضي المتضرر الذي تعسف خصمه بمقاضاته بسوء نية، إمكانية مباشرة دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن الدعوى التعسفية. كما أن الخزينة ليست طرفاً في الدعوى وأن مصالحها لا يطالها أي ضرر.

في سياق متصل، دعت تعديلات فرق الأغلبية إلى خفض مبلغ الغرامة المالية المحكوم بها على كل من ثبت لها أنه يتقاضى بسوء نية، إلى بين مئتي (200) درهم وألفي (2000) درهم، وذلك بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر.

من جانبه، طالب الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية بتعديل المادة المذكورة، بالإبقاء فقط على الفقرة الأولى التي تنص على أنه “يجب على كل متقاض أن يمارس حقه في التقاضي طبقاً لقواعد حسن النية”، مطالباً بحذف المقتضيات المتعلقة بـ”التقاضي بسوء نية”، والغرامات المالية المرتبطة به.

واقترحت تعديلات الفريق الحركي بمجلس النواب خفض الغرامة المحددة في هذه المادة في حالة ثبوت التقاضي بسوء نية، إلى ما بين 5 آلاف و10 آلاف درهم لأن الذي يجب أن يعوض هو المتقاضي، مبرزاً أن هذه الغرامة من شأنها حرمان شريحة واسعة من المواطنين من حق التقاضي المنصوص عليه في الدستور.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، قد شدد على ضرورة التصدي لظاهرة التقاضي بسوء نية، مؤكداً أن مثل هذه الملفات التي يكون فيها سوء النية تأخذ وقتاً وجهداً كبيرين من القضاة، على حساب الملفات الحقيقية التي تصبح هامشية ولا يعطيها القاضي الوقت الكافي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *