مجتمع

حقوقيون يطالبون بإنصاف المغاربة ضحايا التهجير التعسفي من الجزائر

طالب حقوقيون بإنصاف ضحايا عملية التهجير القسري الجماعي التي قام بها النظام الجزائري سنة 1975 في حق نصف مليون مغربي ومغربية، في أشغال الدورة 12 للمنتدى الاجتماعي العالمي تحت شعار: “عالم آخر ضروري، جميعا يصبح ممكنا” المنعقد الأسبوع الماضي في كندا.

وأكدت جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، في تقرير لها توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، على قانونية مطالبة ضحايا التهجير الجماعي التعسفي بحقوقهم المشروعة والعادلة بخصوص استرجاع ممتلكاتهم وعقاراتهم ومعاشاتهم وأرصدتهم المصادرة من طرف الدولة المعنية بعملية التهجير، مضيفة أن القضية تعرف عدة مخالفات للاتفاقيات الدولية لأن الطرد شمل أناسا كانوا في وضعية قانونية هذا بالإضافة إلى تنافيه مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة والطفل.

وأوضح المستشار القانوني للجمعية، محمد الصالحي، في ندوة حول “التهجير الجماعي التعسفي للشعوب أثناء النزاعات بين الدول، نموذج المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر سنة 1975″، الظروف التي تمت فيها عملية طرد حوالي 500 ألف مغربي ومغربية في أقل من شهرين ابتداء من منتصف دجنبر 1975 من التراب الجزائري وما شابتها من انتهاكات كالتعذيب والاعتقالات ومصادرة الممتلكات واصفا ما ارتكبته الدولة الجزائرية من جرائم ضد الإنسانية بالفظيع في حق مغاربة كانوا يقيمون بطريقة شرعية وقانونية فوق ترابها منذ عقود من الزمن.

وأشار الصالحي إلى أن الطرد التعسفي أراد به النظام الجزائري الضغط على الدولة المغربية عقب نجاح المسيرة الخضراء في استرجاع الأقاليم الجنوبية، مما دفعه إلى استعمال أساليب غير قانونية وغير إنسانية في التهجير القسري ليس لها شبيه في التاريخ المعاصر إلا ما اقترفته النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

من جهته، ذكر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول، خالد الشيات، بالقانون الدولي وحقوق العمال المهاجرين الذي يحمي حقوقهم وكذا الاتفاقيات الدولية للعمال المهاجرين والتي صادقت عليها الجزائر وملاءمتها مع التشريعات الوطنية، حيث تطرق إلى التوصيات الخاصة بالعمال المهاجرين الصادرة عن اللجنة الأممية.

وأشار الأستاذ المحاضر إلى أن الدول لها الحق في طرد من تشاء من أراضيها بموجب قرار قضائي، لكن التشريعات الدولية والوطنية لا تسمح بطرد الآلاف، وبالتالي فالإجراء يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية من خلال القانون الدولي الإنساني، وعملية الطرد جريمة مستمرة في الزمان لكون امتداد الحدث لا يتقادم.

وخلص إلى تكييف حدث التهجير الجماعي القسري للشعوب على ضوء القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية وتوصيات اللجنة الدولية الأممية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم مع تحديد مسؤولية الدولة المعنية بعملية الطرد.

وتم عرض شريط وثائقي يؤرخ لمأساة الطرد ويضم مجموعة من الشهادات الحية لمن عانوا ويلات هذا الطرد التعسفي، والأسباب التي جعلت الجزائر تقدم على طرد مجموعة من المغاربة في عملية وصفت باللاإنسانية، وقد قدم ضحايا الطرد التعسفي شهادات مؤلمة تؤرخ للفعل “الإجرامي” الذي ارتكبته الدولة الجزائرية في حق آلاف المغاربة المهجرين من الجزائر في اتجاه الحدود المغربية.

ودعت الجمعية الدول الأوروبية ودول الشمال بالتصديق على الاتفاقية الأممية للجنة الدولية لحماية جميع حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم، ولم شمل العائلات المشتتة نتيجة عملية التهجير، إضافة إلى إدماج المهاجر داخل بلد الإقامة وإعادة إدماج ضحايا التهجير.

وشارك وفد الجمعية في مجموعة من الندوات المنظمة والمتعلقة بقضايا مرتبطة بالتحولات الاقتصادية وحقوق الإنسان والطبقات العمالية وموضوع الهجرة والتهديدات الإرهابية الواردة من الساحل ومخيمات “تندوف” والجنوب الجزائري، مما شكل فرصة سانحة لإبراز مختلف التطورات التي حققها المغرب في العديد من المجالات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، هذا بالإضافة إلى إيضاح الجهود التنموية ومجالات حقوق الإنسان المتقدمة المبذولة في الأقاليم الجنوبية المغربية.

يذكر أن عملية الطرد الجماعي التي أقدمت عليها السلطات الجزائرية سنة 1975 كانت في حق 45 ألف أسرة مغربية (ما يناهز 500 ألف شخص) كانت تقيم على التراب الجزائري بعد اندماجها في المجتمع منذ مئات السنين حيث جرت عملية الطرد ضدا على كل الاعتبارات الإنسانية والدينية في حق آلاف المغاربة الذين شكلوا إلى جانب الشعب الجزائري النواة الأساسية لمقاومة الاستعمار وساهموا بشكل فعال في تنمية البلاد بعد الاستقلال لكن كل هذا لم يشفع لهم أمام قرار الطرد الجائر الصادر في حقهم من قبل الدولة الجزائرية.