وجهة نظر

حماة استقلال تركيا

14 غشت2002 يوم ميلاد حزب تركي، حديث التأسيس أصيل المبادئ والقيم، يقوم على ماضي عريق وحضارة إسلامية إنسانية، ورؤى استراتيجية، جاء بعد سلسلة محاولات لساسة الأتراك من أجل التخلص من هيمنة العسكروالتبعية للغرب، وإرجاع تركيا إلى مركزها الحقيقي ودرجتها الرفيعة التي عاشت قرونا به ولها، مركز القيادة والريادة الإقليمية والعالمية.

في كلمة أردوغان المشهورة بعد إعلانه رئيسا لحزب العدالة والتنمية قبل 15 عاما قال:( منذ اليوم لن يكون أي شيء في تركيا كما كان في السابق).

والمتتبع لشأن التركي منذ عام 2002 لا يساوره الشك في أن تركيا اليوم ليست كتركيا قبل العدالة والتنمية، هذا الحزب الذي عرف عند المتتبعين بحزب “الثورة الصامتة”، ثورة شهد الأصدقاء والخصوم بنجاحها في تحقيق ما لم يحققه حزب أو جماعة حاكمة بتركيا طيلة أكثر من 80 عاما.

وجد رجال العدالة والتنمية تركيا تعاني من مشاكل اقتصادية ومالية حادة، وصلت ديونها للمؤسسات المالية العالمية إلى 16مليار دولار، مع غياب الاستقرار السياسي والاجتماعي، حيث اتجه الكثير من الأتراك إلى ترك بلدهم والهجرة إلى أوروبا وأمريكا بحثا عن العيش الكريم والاستقرار، كما سحب المستثمرون أموالهم وتركوا تركيا لمصيرها المشؤوم.

فبدأ رجال ونساء العدالة والتنمية العمل لتغير تركيا إلى الأفضل، بوضع خطط استراتيجية ومشاريع كبرى التي تحتاج إليها تركيا لتنهض من جديد تحت شعار “لن نترك مشاكلنا لأحفادنا، بل نبني لهم وطن حر مستقل متقدم متحد”، فكانت رؤية تركيا الجديدة بمراحلها الثلاث “2023 – 2053 – 2071 “.

النفس والروح والهمة والإخلاص الذي بدأ عام 2002 بتأسيس حزب العدالة والتنمية استمر طيلة 15 عاما هو نفسه لم يضعف ولم تتغير أهدافه، والتي تتلخص في رُأيت تركيا حديثة سعيدة متقدمة مستقلة، وليس تطلعا للحكم من أجل مصالح شخصية وحزبية ضيقة.

مؤسسا الحزب الطيب أردوغان وعبد الله غول، لم يكن هدفهم الانتقام ممن أجهض تجارب حكم سابقة بالانقلابات المتتالية كل عشر سنوات، أو إعدام العلمانية المتوحشة، بل الهدف تخليص تركيا من خدام التحكم والتبعية سواء كان من أتباع الكيان الموازي الإرهابي أو حزب بي كا كا الإرهابي أو العسكريين الذين اتخذوا حماية العلمانية ذريعة لإجهاض كل محاولة لتحقيق نهضة تركيا المتصالحة مع ماضيها وتاريخها وحضارتها.

إن أعظم إنجاز قدمه رجال العدالة والتنمية لشعب التركي وللأجيال القادمة وللإنسانية جمعاء، هو إنجاز “صناعة الإنسان الواع الحر”، والاستثمار في العقل البشري والنفس الإنسانية، والنهوض بمستواها وفكرها، وتحميلها قيم ومبادئ تنير طريقها وترشدها إلى الصواب والحق.

ما غرسه رجال العدالة والتنمية بالشعب التركي طيلة 14عاما عبر التعليم ونشر الحريات ورعاية الحقوق وتحقيق مصالحهم على جميع المستويات لجميع فئات الشعب وأطيافه، أثمر في يوم تاريخي- سيكون له أثر العظيم على مستقبل تركيا الحديثة- حينما خرج الشعب التركي في 15 يوليو من أجل قول كلمة -محبوسة في صدره منذ أول انقلاب- لمؤسسته العسكرية: ” مكانكم الثكنات وحدود الوطن، وليس المنابر السياسية وكراسي الحكم”.

رفض الشعب التركي الانقلاب الخامس، وخروجه في مظاهرات ل25يوما متواصلة، توجت بيوم الشهداء والديمقراطية بميدان يني قابي بإسطنبول، بحشد مليوني تجاوز 5 مليون شخص، وما ترتب عن تلك المحاولة الفاشلة من زيادة اللحمة بين القادة الأتراك والشعب التركي، والتقارب بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، ومظاهر الوحدة والتألف والتعاون في سبيل حماية الشرعية والديمقراطية والوطن من خيانة الانقلابين بالداخل والخارج، تدل على نجاح رجال العدالة والتنمية في تحقيق أسمى أهدافهم، وهو السمو ب “الإنسان التركي” أول وأفضل من تغير في تركيا بعد كلمة الزعيم الطيب أردوغان السابقة.

حقا حزب العدالة والتنمية أصبح الأمل الحقيقي لشعب التركي في تحقيق أحلامه ونهضته وتقدمه، وبحثُ الشعب التركي طيلة أكثر من سبعة عقود عن الحق والعدالة والتنمية لم يذهب هباء، فقد وجد ضالته في حزب العدالة والتنمية ورجال صدقوا الله فصدقهم، أخلصوا لشعبهم فكان وفاء الأتراك المشهود في 15 تموز/يوليو وما بعده.

يستحق رجال العدالة والتنمية لقب: “حماة استقلال تركيا الحديثة”.