وجهة نظر

الحصيلة الاجتماعية للحكومة، وإعادة الاعتبار للمواطن

التزاما منها ببرنامجها الحكومي، وتنزيلا لما جاء في دستور 2011 حول ضرورة تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. اتخذت حكومة بنكيران عدة برامج وإجراءات تروم تعزيز وتقوية الحماية الاجتماعية وتصحيح الاختلالات المتعلقة بها وإعادة الاعتبار للمواطن كمركز للسياسات العمومية، وبالإضافة إلى البرامج الاجتماعية التي بسطناها في المقال السابق (نظـام المسـاعدة الطبيـة راميـد، برنامج “تيسير”، برنامج الدعم المالي المباشر للأرامل) سنحاول في هذا المقال تلخيص أهم ما تبقى منها:

تعزيز الحماية الاجتماعية

قامت الحكومة بالرفع من الحد الأدنى للمعاشات التي تصرف لمتقاعدي المؤسسات العمومية والجماعات المحلية والمياومين إلى 1000 درهم شهريا حيث استفاد 12.000 متقاعد ومتقاعدة من هذا الإجراء؛ وكذا إضافة علاجات الفم والأسنان إلى خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

كما سارعت الحكومة إلى إلغاء شرط 3240 يوم، من أجل الاستفادة من التقاعد، مع توفير إمكانية استرجاع المؤمن له بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لاشتراكاته في حالةعدم توفره على 3240 يوم للاستفادة من معاش التقاعد أو استكمال عدد الأيام اللازمة للاستفادة من معاش التقاعد؛ 

وفي خطوة انسانية بامتياز، قامت الحكومة في أكتوبر 2015 بتمكين المهاجرين من الاستفادة من نفس الخدمات التي يوفرها نظام المساعدة الطبية، سيستفيد من هذا البرنامج 20000 مهاجر.

علاوة على ذلك، قامت الحكومة في خطوة سارة لعشرات الالاف من الاباء والامهات بعدما أقرت وصادقت على تمكين الوالدين (أب وأم المؤمن) من التغطية الصحية عن المرض، وذلك على غرار الزوجة والاولاد. سيستفيد من هذا الاجراء، 100 ألف أب وأم.
وفي خطوة اعتبرها المحللون والمتتبعون للشأن العام بأنها تاريخية، قامت الحكومة بتوسيع الحماية الاجتماعية لأزيد من ثلث الساكنة عبر اعتماد مشروع قانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، يهم أكثر من 30 في المائة من المواطنات والمواطنين؛

إطلاق نظام التعويض عن فقدان الشغل

بعد أزيد من عشر سنوات من المطالبة به تم يوم24 أبريل 2015 إطلاق نظام التعويض عن فقدان الشغل، والذي سيمكن الأجير خلال التوقف عن العمل، من تعويض مادي يبلغ 70 % من الأجر في حدود الحد الأدنى للأجر، مع الاستفادة من التغطية الصحية، إضافة إلى ما توفره البرامج الحكومية من فرص في التشغيل والتكوين. خصصت الحكومة 500 مليون درهم لتمويله، وقد استفاد أزيد من 10 ألف بغلاف مالي 85,4 مليون درهم لغاية نهاية دجنبر 2015.

تحسين الخدمات الاجتماعية الموجهة للطلبة

تقديرا منها للدور المركزي للطلبة في المجتمع المغربي، قامت الحكومة ولأول مرة منذ 30 سنة، برفع المنحة الجامعية وتوسيع عدد المستفيدين منها، حيث تمت الزيادة في قيمة المنحة الخاصة بطلبة الإجازة بـ 200 درهم وطلبة الماستر بـ 300 درهم. بالإضافة إلى ارتفاع عدد المستفيدين من المنح من 182.500طالب وطالبة إلى 330.000 بين الموسمين 2011/2012 و2015/2016؛ وكذا الرفع من الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية لتصل إلى 58.976 سرير برسم 2015-2016، بزيادة 4.974 سرير مقارنة مع موسم 2013-2014، كما قامت الحكومة بالرفع من عدد الوجبات اليومية إلى 57000 وجبة برسم الموسم الجامعي 2014-2015، مع إضفاء الشفافية على طريقة ومعايير الاستفادة من السكن الجامعي.علاوة على توفير الحواسيب المدعمة والربط بالأنترنيت للطلبة بثمن رمزي في إطار برنامج إنجاز؛ وتمكين الطلبة المغاربة من الحصول على حواسيب لوحية بأثمنة مناسبة.

كما قامت الحكومة بتعميم المنحة الدراسية على أكثر من 80 ألف طالب في مراكز التكوين المهني.

قامت الحكومة بتخصيص 110 مليون لإطلاق نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة، مع إعفاء طلبة الجامعة العمومية من المساهمة فيه، الأمر الذي سيمكن من ضمان العلاجات الصحية لفائدة حوالي 288 ألف طالب خلال السنة الجامعية 2015-2016

تفعيل صندوق التكافل العائلي

خصصت الحكومة مبلغ 160 مليون درهم لتفعيل صندوق التكافل العائلي الذي يستهدف دعم المطلقات المعوزات وأبنائهن، كما تمت مراجعة القانون المنظم لهذا لصندوق بهدف تبسيط الإجراءات ذات الصلة بالموضوع وتوسيع الاستفادة منه. منذ انطلاقته سنة 2011 وإلى غاية شتنبر 2015، قام صندوق التكافل العائلي بتنفيذ 5.969 حكما قضائيا بغلاف مالي يتجاوز 50 مليون درهم.
دعم القدرة الشرائية

كما هو مسطر في برنامج الحكومي، قامت الحكومة بالرفع من الحد الأدنى للأجر في الوظيفة العمومية إلى 3.000 درهم استفادت منه 53 ألف موظف وموظفة بكلفة مالية بلغت 160 مليون درهم؛ كما قامت بالرفع بنسبة 10 بالمائة على مرحلتين من الحد القانوني للأجر على مستوى القطاع الخاص.

ورغم كلفتها الغالية، حرصت الحكومة على تطبيق التزامات الحوار الاجتماعي المالية وتنفيذ التزامات اتفاق 26 أبريل 2011 برصد ميزانية 13.4 مليار درهم سنويا ابتداء من سنة 2012؛ كما قامت الحكومة بتخصيص 7.5 مليار درهم سنة 2015 لعملية الترقية في الرتبة والدرجة لفائدة الموظفين.

واصلت الحكومة تحمل نفقات القدرة الشرائية 160 مليار درهم، عن طريق صندوق المقاصة، والتي وجهت أساسا إلى تخفيف آثار مقايسة المحروقات ولدعم غاز البوتان، إذ تتحمل عن كل قنينة غاز من فئة 12 كلغ من 83 إلى41 درهما، وأيضا تكاليف دعم القمح اللين والسكر. بالإضافة إلى إعفاء 3.7 مليون أسرة من الرسوم الخاصة التلفزية العمومية.

وبفضل هذه الاجراءات التي تروم تحسين دخل المواطن والتخفيف من وطئة التقلبات الخارجية، استطاعت الحكومة الحفاظ على استقرار الأسعار الداخلية، وحماية ودعم القدرة الشرائية، مع تحقيق المغرب لأصغر نسبة التضخم مقارنة مع دول الجوار (الرقم الاستدلالي للأثمان في 2015، المغرب: 1.8؛ الجزائر: 5.13؛ تونس: 5.1؛ تركيا: 7.95).

هذه بخلاصة أهم الاجراءات الاجتماعية التي اتخذتها الحكومة لمعالجة اختلالات التوازن الاجتماعي وتقليص الفوارق المجالية، والتي أعادت الاعتبار إلى الفئات الفقيرة والهشة والمحتاجة والمتوسطة وساهمت بشكل كبير في دعم وحماية قدرتهم الشرائية.
ـــــــ

باحث في السياسات العمومية