آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي

بلعيد بويميد.. مسار استثنائي لصحافي مارس المهنة بريشة الكاريكاتير قبل القلم

رحل قيدوم الصحافيين الرياضيين المغاربة، بلعيد بويميد، إلى دار البقاء، ليلة أمس الإثنين، بإحدى مستشفيات الدار البيضاء عن عمر ناهز 73 سنة، بعد صراع مع المرض.

وترك بويميد بصمة كبيرة خلال مشواره الإعلامي الذي تميز بمجموعة من المراحل منذ البدايات، فضلا عن احترافه مجال رسم الكاريكاتير، بعد عودته من فرنسا خلال سبعينيات القرن الماضي، كما أن مسيرته المهنية تميزت بتوشيح ملكي من قبل الملك الراحل الحسن الثاني.

عودة وانطلاقة

تلقى الراحل بلعيد بويميد تكوينا بالمدرسة القرآنية حينما كان تلميذا، قبل أن يقرر دراسة الفلسفة وعلم الاجتماع خلال سنوات الجامعة، ثم اتجه بعد ذلك للعلوم السياسية بكلية الحقوق بالعاصمة الرباط، نظرا لحبه الكبير للعلم والمعرفة، وذلك في أوائل سبعينيات القرن الماضي.

انجداب بويميد للإعلام بدأ حينما التحق بالمعهد العالي للصحافة، إذ قضى موسما دراسيا واحداً بالمغرب، قبل أن يغادر نحو العاصمة الفرنسية باريس بعد استفادته من منحة دراسية مكنته من خوض تجربة جديدة وبداية مشوار حافل.

بعد عودته إلى المغرب سنة 1975، انطلقت مسيرة بلعيد المهنية بعد أن ولج ميدان الصحافة كمزاول للمهنة، من بوابة صحيفتي “البيان” الناطقة بالفرنسية و”بيان اليوم” الناطقة بالعربية، إذ تمكن من نيل شهرة كبيرة نتيجة رسومات الكاريكاتير التي تميز بها بعد أن أتقنها بشكل كبير، بالإضافة للرسائل التي كانت تنقلها تلك الصور التي لم تكن مجرد صفحات تنشر عبر الجرائد.

لم يكتف الصحفي الفنان، من التألق في تخصص الكاريكاتير فقط، حيث كان صحفيا رياضيا مميزاً، اتجه نحو التحليل عبر العديد من القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية آنذاك، قبل أن يصبح مطلوبا بشكل كبير في الوقت الراهن من قبل المواقع الإلكترونية لتحليل مختلف المسابقات والرياضات المتنوعة.

مسؤولية والتزام وتوشيح ملكي

انتخب الراحل كاتبا عاما للجمعية المغربية للصحافة الرياضية لعدة أعوام، كما ترأس الاتحاد الإفريقي للصحافة الرياضية سنة 2005 على هامش المؤتمر الـ68 الدولي للاتحاد الدولي للإعلام الرياضي، الذي انعقد بمراكش.

حرص بلعيد على هذا المنصب لم يكن مرتبطا بالمكانة فقط، إذ تقدم لحرصه على جلب مقر الاتحاد إلى المغرب، لما فيه من مصالح وامتيازات للإعلام الرياضي الوطني، كما أنه كان عضوا مهماً بالجمعية الدولية كذلك.

أقدم الملك الراحل الحسن الثاني، على توشيح بلعيد بويميد، بوسام ملكي في أحد نهائيات كأس العرش، خلال تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي يعكس مهنيته وتمكنه، نظرا لما قدمه للمشهد الإعلامي منذ بدايته، على المستوى الوطني والقاري.

شهادات مؤثرة

وفاة بويميد كانت قاسية بشكل أكبر على زملائه الذين اشتغلوا معه خلال الفترات السابقة، من بينهم الصحافيان مصطفى طلال وحسن فاتح اللذان عبرا عن حزنهما الكبير بعد توصلهما بخبر وفاة زميل المهنة والعمر.

وقال طلال في تصريح لجريدة “العمق”: “بلعيد من أكبر الطاقات المتمكنة فين الإعلام الوطني، عرفته في ثمانينيات القرن الماضي حينما كنت طالبا بالمعهد، ومتدربا بجرائد الاتحاد الاشتراكي، والبيان، والمنتخب، لقد كنت ألتقيه بشكل كبير في تغطياتي بالملاعب، لقد كان مساعدا لنا حينما كنا شبابا في بداية مشوارنا، كان يعي جيدا المشاكل التي نواجهها منذ البداية”.

وأضاف: “لقد عشت معه مجموعة من التغطيات الإعلامية، منها التي أجريناها خارج الوطن في كأس أفريقيا نسخة غانا ونيجيريا، لقد قضى معي فترة كمحلل رياضي يعرف خبايا الكرة الإفريقية بشكل دقيق، كان معنا في الجمعية الأم للإعلام، لقد فقدنا صحافيا كبيرا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وموته كان مفاجئة كبيرة بالنسبة لنا رغم معاناته مع المرض”.

من جهته أكد الإعلامي حسن فاتح، أن بلعيد قدم للمهنة الشيء الكثير، مشيرا إلى أنه فقد رجلا قضى معه مجموعة من اللحظات المييزة خلال مشواره المهني.

وقال فاتح في تصريح لجريدة “العمق”: “تعرفت على الفقيد بويميد قبل 34 سنة، كان زميلا لي في مجموعة من التغطيات الإعلامية المختلفة، لقد كان من الصحافيين البارزين والمثقفين بشكل كبير، كان يجيد الحديث حول مجموعة من المواضيع المتعلقة بالفلسفة، السياسة وعدة مفكرين، وهذا ما كان يظهره خلال المواضيع التي يشتغل عليها والتي لم تكن محصورة فقط في الرياضة بل كان شاملا في عدة أمور”.

وأضاف: “بلعيد كان مبدعا على مستوى النكتة، وكان دائما يلقى الدهر، بابتسامته الدائمة التي كان يتعامل بها مع مجموعة من المشاكل، بل حتى السفر معه كان مرحا تسوده الأجواء المثالية بسبب شخصيته المميزة”.

“اليوم فقدنا رجل من قامة الإعلاميين، رحمة الله عليه، وإن توفي كشخص فإن ما تركه من كتبه في جميع المجالات، ستبقى حاضرة دائما بيننا، رحم الله الفريد، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.، يضيف المتحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *