سياسة

هل هناك عطلة في السياسة .. من يستفيد منها ومن يستغلها؟

عند كل عطلة صيفية يتجدد النقاش في المغرب حول استفادة السياسيين من العطلة، وكيف يدبرونها وأين يقضونها، ومدى تأثير استفادتهم منها على مسؤولياتهم وعلى حيوية المشهد السياسي بشكل عام.

فهل هناك ما يؤطر العطلة السياسية قانونيا، وكيف يتصرف السياسيون في عطلتهم، وما علاقة العطلة بالحياة السياسية في المغرب؟

في خضم هذه الأسئلة تمت دفع من طرف أكثر من باحث ومحلل على أنه لا عطلة في السياسية، وأن بعض الجهات تستثمر العطلة لتحقيق التفوق واستغلال مساحات الفراغ التي يخلفها من “يتوهمون أن في السياسة عطلة”، وقد اتفق كل من محمد الساسي وعبد الصمد بلكبير وعبد الرحيم العلام على أن بعض أنشطة رئيس الدولة تتركز خلال هذه الفترة، كما ذهب أحدهم وهو محمد الساسي إلى حد الجزم بأن زمن العطلة يدبر في الصراع السياسي فيواجه بجزء منه اليوم الإسلاميين كما كان يوظف لمواجهة اليسار في وقت سابق.

الساسي: العطلة تستعمل في الصراع السياسي

يرى محمد الساسي الكاتب والقيادي في حزب فدرالية اليسار الديمقراطي، أن الأمر يتعلق بتدبير الزمن السياسي، مشيرا في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن هذا الزمن يتم استعماله في الصراع السياسي.

وشرح السياسي كيف أن الدولة والأحزاب أيضا توظف هذا المعطى، في عدد من القضايا والملفات، مضيفا أن زمن العطلة لم يكن بعيداً عن المسألة السياسية كما عاشها ويعيشها المجتمع المغربي، مذكرا بعدد من الأحداث التي يتم اختيار وقتها بدقة تحقيقا لأهداف معينة، ومثيرا تخصيص فترات العطل لتنظيم مهرجانات فنية وأنشطة فرجوية لمواجهة الإسلاميين كما تم ذلك لمواجهة القوى اليسارية في وقت من الأوقات.

وأضاف المتحدث أن المشهد الرسمي انطبع أيضا بصورة ملك يتحرك ويسابق الزمن في تدشينات وأنشطة متتالية وقت العطلة، وكما كان الأمر في الماضي، فلا يعلن رسمياً عن العطل الملكية، بينما يعلن عن عطل الوزراء، وبالنسبة إلى البرلمانيين، فإنهم يتمتعون بعطلة نهاية الدورة الربيعية، ويستأنفون عملهم في أكتوبر، ومع ذلك فإنهم يعيشون عملياً ما يشبه عطلة مستمرة ودائرة بسبب حجم التغيبات، حسب تعبير الساسي.

العلام: عطل الملك لا تُعلن؟

عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، قال إنه جرت العادة في الدول الديمقراطية أن العطلة السياسية تصادف العطلة الإدارية لأن الإدارة تكتفي بالمداومة ويخلق ذلك نقاشا في الصحافة حول الوجهة التي سيقضي فيها السياسيون عطلهم، معتبرا في حديث لجريدة “العمق المغربي” أن الوزراء والرؤساء في الدول الديمقراطية، في الغالب لا يعلنون عن الأمكنة التي يقضون فيها عطلهم، تفاديا لمطاردة الصحافيين لالتقاط صور لهم.

وفي المغرب يقول العلام “لدينا إشكال رئيس الدولة لا يعلن عن عطله”، مشيرا إلى أنها تكون في شهر أبريل، أو غيره أو على شكل زيارات خارج المغرب يُعلن عنها وأحيانا لا يعلن عنها ولا عن مدتها، مبرزا أن الملك يقضي عطلته ومنذ سنوات آواخر شهر يوليوز وغشت بين لفنديق والمضيق.

واستغرب العلام كون أن هذه العطل لا تعلن رسميا وتقتصر التدشينات الملكية، على مناطق الشمال، خالصا إلى أنه في بلاد غير مؤصلة القواعد الديمقراطية، من الصعب الحديث عن عطلة سياسية، باستثناء الحديث عن عطلة لبضعة أيام بالنسبة للأحزاب السياسية التي لها مناضلون منتظمون.

بلكبير: لا عطلة في السياسة

عبد الصمد بلكبير المحلل السياسي ومستشار الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، يعتقد أن السياسة لا عطلة فيها لأنها مرتبطة بالشأن العام، والشأن العام لحظي يحتاج إلى متابعة في رأيه، موضحا أن الذي يقع في المغرب ليس عطلة وإنما خمودا تقل معه درجة الحركية.

وقال بلكبير في حديث لجريدة “العمق” من المعروف أن بعض المؤسسات السياسية تستفيد من عطلة، مقدما المثال بالبرلمان الذي يتعطل في فترة محددة في جانب من المهام الموكلة إليه دستوريا، إلا أن مؤسسات أخرى إدارية لا تتوقف حتى إذا استفاد مسيروها من عطلة، حسب المتحدث، إلى جانب المؤسسات الأمنية والدفاعية التي لا عطلة لها وفق المتحدث نفسه.

وسجل بلكبير أن السلطات العليا تشتغل في هذه اللحظة المسماة عطلة، لتكون أكثر حضورا من غيرها، “ربما هذا مقصود منه الهيمنة على الساحة، إذ حتى الإذاعة والتلفزيون لا يجدون أي أخبار غير أخبار الملك فيبدون موضوعيين”، يشرح بلكبير.