منوعات

حسن طارق يكتب.. عبدالرحمن يوسفي: شارع أم مأزق؟

في الصورة : الزعيم ببذلته العصرية يكشف الستار الصغير على اللوحة الرخامية التي تخلد اسمه عنوانا للشارع الفسيح بالمدينة حيث رأى النور، و ابتسامة كاملة قد حلت محل تعابير وجهه المحايدة، وعلى بعد خطوة منه كان ملك البلاد يقف مصفقا بحرارة إنسانية لا تعهدها دائما تقاليد الأعراف المرعية.

في الخبر، كانت البلاد الجاحدة عموما، تلتفت إلى اليوسفي كواحد من رموزها الأحياء: المقاوم من أجل استقلالها، والمناضل من أجل ديمقراطيتها، والحقوقي البارز، والقائد السياسي الفذ، والوزير الأول الاستثنائي.

وطبعا فالتوقيت كان جزءا مهما من الحدث، ذلك أنه تصادف مع ذكرى الاحتفال بعيد العرش.

في المساء، ستشكل الصورة ذروة اهتمام جزء مهم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الاتحاديون داخل التنظيم وفي الشتات، عاشوا لحظة “وحدة” وجدانية عابرة، مستحضرين تاريخ الحزب ورموز ذاكرته، لكن بعضهم اعتبر أن الأمر لا يستحق كل هذا الاحتفاء، وأن تمارين الحنين العاطفي العابر لن تكفي لمواجهة أعطاب الحاضر وقلق المستقبل.

وطبعا، فضلا عن حروب التدوينات والتدوينات المضادة، كان لابد من بعض التحاليل السهلة المنطلقة من إغراء المقارنات، ومن الإسقاطات المتعسفة للسياق السياسي المباشر على حدث التكريم.

لكن بعيدا عن جدل القراءات والتأويلات والتحاليل، كان هناك جانب إنساني في الحكاية، وكان هناك في النهاية شخص سعيد بالإلتفاتة، ليس سوى السي عبدالرحمان نفسه.

أما في السياسة، فقد وفق أحد الأصدقاء، في القول بأن الأمر يتعلق في الواقع بشارع المنهجية الديمقراطية.
المنهجية الديمقراطية التي خرجت من بلاغ غاضب للاتحاد، بعد تعيين إدريس جطو وزيرا أولا، وأعادها شباب 20فبراير إلى دستور 2011.

الاستعارة البليغة، تدعونا للسؤال عن مآل هذه المنهجية وآفاقها؟
المنهجية الديمقراطية التي تعني الانتصار لصناديق الاقتراع وللإرادة الشعبية، لا ترتبط اليوم فقط باحترام الشكليات في تعيين رئيس الحكومة، لكنها ترتبط بقدرة الدولة على التعايش بصدر رحب مع الشرعية الديمقراطية، وعلى تأمين هذا الهامش الانفتاح المحدود على الإرادة الشعبية وعلى السياسة، من مخاطر الارتداد السلطوي.

المنهجية الديمقراطية التي تعني اليوم، الابتعاد عن منطق استعداء القرار الحزبي المستقل.

ما يمكن تتبعه من إشارات ومحاولات لتكييف الرأي العام، يوحي بأن البلاد مقبلة على انتخابات يراد لها أن لا تخرج عن ترتيب سياسي معين، بأغلبية من الأحزاب المتحكم فيها عبر استقدام و”تنصيب”وجوه من البنية التقنية ورجال المال المقربين من دائرة السلطة، تحت غطاء التمثيلية السياسية الكاذبة والمنهجية المفترى عليها، أو في أسوء الحالات بتجاوز للشرعية الداخلية للأحزاب المستقلة.

إذا كان هذا السيناريو المتشائم وارد، فإن المؤكد في هذه الحالة أن شارع عبدالرحمان يوسفي، لن يفضي مع الأسف في نهايته إلا إلى طريق مسدود (Impasse).