خارج الحدود

“زيارة تاريخية” لسوريا.. الأمم المتحدة توثق انتهاكات نظام الأسد

في خطوة وصفت بـ”التاريخية”، وصل المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى العاصمة السورية دمشق، يوم الثلاثاء الماضي 15 يناير الجاري، في أول زيارة رسمية لمسؤول في منصبه إلى سوريا، بعد أكثر من شهر على الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد، الذي منع لسنوات طويلة دخول المنظمات الحقوقية وبعض المسؤولين الأمميين إلى البلاد.

وتهدف الزيارة، التي اختتمت اليوم الخميس 16 يناير، إلى تعزيز جهود العدالة الانتقالية ودعم سوريا في تجاوز مخلفات أكثر من عقد من الصراع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.ويرى مراقبون، أن  زيارة المفوض الأممي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى سوريا تمثل علامة فارقة في مسار العدالة الانتقالية، وتعيد تسليط الضوء على مسؤولية المجتمع الدولي تجاه الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة.

وقالت الأمم المتحدة في بيان إن فولكر تورك، وهو محامٍ نمساوي، سيزور سوريا ولبنان في الفترة من 14 إلى 16 يناير، وسيلتقي مسؤولين وجماعات من المجتمع المدني ودبلوماسيين وهيئات الأمم المتحدة، من دون الخوض في تفاصيل إضافية.

وأكد فولكر تورك، خلال مؤتمر صحفي في دمشق، يوم أمس الأربعاء، على أهمية تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، مشددًا على أن “الانتقام والثأر ليسا أبدًا الحل”، مشيرًا إلى ضرورة التحقيق الكامل في حالات الإخفاء القسري والتعذيب واستخدام الأسلحة الكيميائية، لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

والتقى تورك خلال زيارته بقائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، حيث ناقشا الفرص والتحديات التي تواجه سوريا في المرحلة المقبلة. وأكد الشرع على أهمية احترام حقوق الإنسان لجميع السوريين، ودعمه لجهود التعافي وبناء الثقة والتماسك الاجتماعي وإصلاح المؤسسات.

ومن أبرز محطات زيارة فولكر تورك كانت جولته، يوم الثلاثاء، في سجن “صيدنايا”، أحد المراكز التي ارتبطت بذكريات القمع والتعذيب في عهد النظام السابق، والذي بُني في الثمانينيات بعد أعمال القتل الجماعي في محافظة حماة، واحتُجز فيه آلاف المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب والإخفاء القسري، ولقي المئات حتفهم نتيجة لهذه الممارسات، ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين، وفق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وفي تصريح له من داخل أسوار “صيدنايا”، وصف تورك السجن بأنه “مسكون بذكريات القسوة الشديدة”، مضيفًا: “أتمنى أن تكون هذه التجارب القاسية درسًا لتعافي سوريا ولضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً”.

وخلال زيارته، التقى تورك بمعتقلين سابقين، واستمع إلى شهاداتهم حول ما تعرضوا له من انتهاكات جسيمة، ومن بين هذه الشهادات، رواية جندي سابق احتُجز في سجن صيدنايا للاشتباه في انشقاقه، تحدث فيها عن المعاملة القاسية التي تعرض لها والضرب والتعذيب، وكيف أنه كان في زنزانة مكتظة شديدة البرودة برفقة عشرات آخرين لا يتشاركون سوى بعض البطانيات، شأنهم شأن آلاف المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا نفسه، وفي العديد من المرافق الأخرى على مدى عقود مضت.

وفي حديثه عن الوضع الإنساني، دعا تورك المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في العقوبات القطاعية المفروضة على سوريا، بهدف رفعها، مشددًا على أن هذه العقوبات تزيد من معاناة الشعب وتعيق عمليات إعادة الإعمار.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *