فتوى بإلغاء مفهوم الثأر في سوريا.. اندماج عالمي وتعزيز سياسات الإصلاح

أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا، فتوى تحظر جميع أشكال القتل خارج نطاق القانون بما في ذلك ما يُسمى بجرائم الشرف، والثأر القبلي، والعدالة الذاتية.
وجاء في رسالة الفتوى:”الواجب في استيفاء الحقوق أن تكون عن طريق القضاء والسلطات المختصة، وألا تكون في يد جهة فردية؛ منعا للفتن، أو أخذ الثأر، أو الاعتماد على الشبهات والإشاعات، أو التسرع في قول أو اتهام لأن سفك الدماء، والأعراض، يولّد مفاسد عظيمة”.
وشددت على أنّه “لا يجوز للناس أن يُقيموا الحدود أو القصاص بأنفسهم دون الرجوع إلى القضاء الشرعي أو الرسمي، لما في ذلك من تقويض لأصل الحياة، وإفساد للنظام الإنساني، وشيوع الفوضى”، كما أكّدت “لا يجوز الثأر والانتقام خارج نطاق القضاء، وإطار القانون؛ لما في ذلك من إشاعة الفوضى، وهدم الأمن والعدل، وتدمير السلم المجتمعي، كما يحرم التحريض على ذلك لأنه يُذكي نار الفتنة، ويثير مشاعر الكراهية والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد”.
وأشاد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، بالفتوى، عبر حسابه على منصة إكس: “خطوات أولى عظيمة للحكومة السورية الجديدة في الطريق نحو سوريا الجديدة”.
سياسات جديدة
صدور الفتوى، جاء ضمن سياسات تعكس رؤية سوريا الجديدة، بعد 14 عاما من العزلة الدولية، والصراعات المعقدة، التي شردت وقتلت الآلاف.
وتجري السلطات الانتقالية مشاورات نشطة مع عدد من الدول الإقليمية، لعقد اتفاقيات شراكة اقتصادية متكاملة، وتعزيز التبادل التجاري.
وبهذا الخصوص، وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية بسوريا، مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد) التابعة لشركة دبي العالمية الإماراتية، بقيمة 800 مليون دولار لتطوير محطة في ميناء طرطوس.
ويضمن الاتفاق، تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، مما يسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية وتعزيز دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليمية والدولية.
واتفق الجانبان أيضًا بحسب وكالة الأنباء السورية، على التعاون في تأسيس مناطق صناعية ومناطق حرة، إضافة إلى موانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في عدد من المناطق الاستراتيجية داخل سوريا.
نقلة نوعية
ووصف مسؤولون سوريون الاتفاق بأنه نقلة نوعية، ستسهم بخلق فرص عمل جديدة وزيادة حركة البضائع عبر البلاد، ضمن سياسات اجتذاب استثمارات أجنبية لدعم اقتصاد سوريا.
وقال الباحث في الشأنين الاقتصادي والسياسي الدكتور محمد موسى في تصريح بهذا الخصوص، إن الاتفاق مع “موانئ دبي العالمية” يمثل تطوراً دراماتيكياً، خصوصاً أن هذه الاستثمارات تأتي بـ”أموال طازجة” يحتاجها الاقتصاد السوري بشدة. فالاتفاق لا يضخ السيولة فقط، بل يحرّك أيضاً قطاع النقل واللوجستيات المتوقّف منذ عقود، ويفتح الموانئ السورية على العالم من جديد، مؤكدا أن “توقيع الاتفاق مع موانئ دبي العالمية هو الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل.”
تُعدّ شركة “دي بي ورلد” من أبرز الشركات العالمية في إدارة الموانئ وسلاسل التوريد، ما يضفي أهمية اقتصادية وجيوسياسية على الاتفاق.
دعم إعادة بناء سوريا
وخلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع برئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال شهر مايو المنصرم، أشاد الشرع «بموقف أبوظبي الداعم لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، ودورها في الدفع نحو مسار استقرار المنطقة، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة»، مؤكدا أهمية «أهمية استمرار التنسيق بين سوريا والإمارات».
من جهته الشيخ محمد بن زايد، تضامن الإمارات الكامل مع الشعب السوري، ووقوفها إلى جانبه في جهود إعادة البناء وتحقيق الأمن، مشيراً إلى رغبة بلاده في توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري مع سوريا خلال المرحلة المقبلة.
اترك تعليقاً