مجتمع

دار بوعزة.. توقف مفاجئ لتحرير الملك البحري يثير جدلا حول “انتقائية” تطبيق القانون

تعيش ساكنة دار بوعزة منذ أشهر على وقع حالة من الترقب والانتظار، بعدما توقفت بشكل مفاجئ عملية تحرير الملك البحري المحتل من طرف عدد من المشاريع السياحية والمطاعم والحانات الممتدة على طول شاطئ المنطقة.

فبعد أن باشرت السلطات المحلية عملية الهدم قبيل انطلاق موسم الصيف الماضي، وشملت بعض المحلات دون غيرها، فوجئ المواطنون بقرار عامل إقليم النواصر القاضي بوقف العملية مؤقتا، بدعوى فسح المجال أمام أصحاب تلك الوحدات السياحية لمواصلة أنشطتهم إلى غاية نهاية فترة الاصطياف.

هذا القرار أثار جدلا واسعا في أوساط الساكنة والمنتخبين المحليين والهيئات المدنية، التي رأت فيه تكريسا لنهج “الانتقائية” في تطبيق القانون، وضربا لمبدأ المساواة أمامه.

وعبر مواطنون، وخاصة أصحاب المحلات التي شملتها عملية الهدم في مرحلتها الأولى، عن استيائهم مما اعتبروه “تمييزا غير مبرر” بينهم وبين باقي المستثمرين، معتبرين أن تعليق العملية يفتح الباب أمام الشكوك حول مدى جدية السلطات في المضي قدما نحو تحرير الملك البحري بشكل كامل.

ويؤكد متتبعون للشأن المحلي أن هذا التردد يتناقض مع الأهداف الكبرى للمشروع المهيكل المتعلق بـ تثمين ساحل الدار البيضاء الكبرى، وهو مشروع ضخم أعطيت انطلاقته الرسمية على طول يفوق سبعة كيلومترات، من شواطئ دار بوعزة إلى المحمدية، بميزانية تقارب 59 مليون درهم ومدة إنجاز مح 50 درهم كامله في تصريح صحفي ان شاء لله على ددة في 18 شهرا.

المشروع يعول عليه لتحويل الواجهة البحرية إلى فضاء حضري وسياحي متكامل، يوفر متنفسا للمواطنين، ويرتقي بالمشهد العمراني للمنطقة، فضلا عن خلق فرص جديدة للاستثمار في المجالين السياحي والترفيهي.

مصادر مطلعة كشفت أن السلطات الإقليمية سبق وأن راسلت، قبيل بداية الصيف، ممثلي عدد من الوحدات السياحية المخالفة، حيث وجهت لهم إنذارات رسمية تلزمهم بإخلاء الملك البحري في غضون 15 يوما.

وتضمنت المراسلات إشعارا واضحا لسبع شركات، أغلبها مطاعم وحانات، بأنها تحتل مساحات واسعة من الملك العمومي البحري دون أي سند قانوني، غير أن هذه الخطوة، التي كانت تعكس في البداية إرادة واضحة للتصدي للاحتلال العشوائي، توقفت بشكل مفاجئ بعد تنفيذ جزء محدود من قرارات الهدم.

وقال سعيد عاتيق، فاعل حقوقي، إن قرار السلطات الإقليمية بوقف عمليات الهدم التي كانت قد باشرتها في وقت سابق ضد عدد من المحلات التجارية والمشاريع السياحية بشاطئ دار بوعزة، خلف حالة من الاستغراب والارتباك في صفوف الساكنة والمجتمع المدني والمنتخبين المحليين.

وأوضح أن المفاجأة كانت كبيرة، خاصة وأن السلطات كانت قد شرعت بالفعل في تنفيذ هذه القرارات قبيل موسم الصيف، وهو ما أدى إلى هدم بعض المحلات التجارية، متسببا لأصحابها في خسائر مالية معتبرة، سواء على مستوى تجهيزاتهم أو استثماراتهم التي ذهبت سدى.

وأضاف عاتيق، في تصريحه لجريدة العمق المغربي، أن المبررات التي قدمت حينها كانت واضحة، إذ قيل إن العملية تدخل في إطار تحرير الملك البحري وتهيئة المجال الساحلي استعدادا لتنزيل مشروع “تثمين ساحل الدار البيضاء الكبرى” الذي يمتد من دار بوعزة إلى المحمدية على طول يفوق 7 كيلومترات.

وأكد أن هذا المشروع الاستراتيجي كان ينظر إليه باعتباره رافعة حقيقية لإعادة تأهيل الشريط الساحلي، بما ينسجم مع صورة المملكة وانخراطها في مسار التنمية المستدامة والمشاريع الكبرى.

وتابع الفاعل الحقوقي قائلاً إن ما زاد من حيرة الرأي العام هو أن العملية التي كان من المفترض أن تشمل جميع المحلات المحتلة للملك البحري، توقفت فجأة دون تقديم توضيحات رسمية.

وزاد: “رغم أن السلطات وجهت إنذارات إلى عدد من المشاريع السياحية، من مطاعم وحانات وغيرها، بدعوى احتلالها غير المشروع للشاطئ، إلا أن هذه المشاريع لم تُمس، ما خلق شعوراً لدى الساكنة والمتضررين بوجود نوع من الانتقائية أو الكيل بمكيالين”.

وأشار عاتيق إلى أن “هذه الواقعة تطرح أسئلة عديدة ومشروعة، من بينها: هل جرى تعديل القرار بناءً على معطيات قانونية أو إدارية جديدة لم يُكشف عنها؟ أم أن الأمر يتعلق بتسرع في اتخاذ القرار ثم التراجع عنه تحت ضغط معين؟ ولماذا لم يتم عرض أي أحكام قضائية – إن وجدت – لصالح المشاريع التي لم تهدم، حتى يطمئن باقي المتضررين ويرفع عنهم الغموض الذي يكتنف هذا الملف؟”

وأشار الفاعل الحقوقي إلى أن القاعدة القانونية العامة تقتضي أن تكون القوانين مجردة وتطبق على الجميع دون استثناء، إلا إذا وجدت أسباب قانونية واضحة ومعلنة تبرر المعاملة المختلفة.

ويرى أيضا أن الشفافية في هذا الملف باتت ضرورة ملحة، حتى لا يشعر المواطنون بأن القرارات تُطبق بشكل انتقائي أو تخضع لضغوطات.

وختم عاتيق تصريحه بالقول: “ما يمكن استنتاجه من هذا التراجع، هو أن بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي تمكنوا من تعطيل القرارات عبر مسالك القضاء أو بوسائل أخرى، بينما ترك صغار المستثمرين والتجار البسطاء يواجهون مصيرهم بمفردهم، دون أي حماية أو تعويض”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *