سياسة

إسرى: جيل “زد” يحتاج للتأطير لا التقديس.. والاحتجاج بلا وعي قد يدمر بدل أن يصلح (فيديو)

اعتبر رئيس منظمة جيل تمغربيت، عمر إسرى، أن المطالب التي رفعها شباب “جيل زد” خلال الاحتجاجات الأخيرة في عدد من المدن المغربية “مشروعة ومنسجمة مع هموم كل المغاربة”، خاصة ما يتعلق بقطاعي التعليم والصحة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة تأطير هذا الجيل سياسيا ومدنيا حتى تكون مطالبه واقعية وقابلة للتحقق في الأمدين القريب والبعيد.

وقال إسرى في حلقة جديدة من برنامج “إيمي ن إغرم” الناطق بالأمازيغية على جريدة “العمق”، إن “المغاربة يطالبون منذ عقود بضرورة إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد”، موضحا أن “جيل زد عبّر بصوته عن هذه المطالب، لكنه في حاجة إلى من يوجهه لتمييز الممكن من غير الممكن في الظرفية الحالية”. وأضاف: “يجب أن نصغي لهذا الجيل ونتفهم مشاعره، لكن في الوقت نفسه علينا ألا نقدّسه أو نغفل الحاجة إلى تأطيره”.

وأشار رئيس منظمة “جيل تمغربيت” إلى أن الأحداث التي شهدتها مدن مثل آيت عميرة وإنزكان وقلعة مكونة وتازناخت ووجدة، لا يمكن قبولها تحت أي مبرر، معتبرا أن “أعمال التخريب والعنف لا تمتّ إلى الاحتجاج السلمي بصلة، ولا يمكن أن تكون وسيلة للتعبير عن المطالب”، مؤكدا أن المغرب “بلد يتيح مساطر قانونية للتعبير السلمي، والدولة تستمع لكل الأصوات في إطار النظام والقانون”.

وفي مقارنة بين احتجاجات جيل “زد” وحركة 20 فبراير، أوضح إسرى أن “الاحتجاجات السابقة كانت مؤطَّرة سياسيا وتنظيميا”، حيث ضمت شبابا ينتمون إلى فصائل طلابية وأحزاب ومنظمات مدنية، ما جعل مطالبها واضحة وهياكلها معروفة، بينما “جيل زد اليوم لا يملك قيادة واضحة أو لجانا منظمة، بل انطلقت دعواته من العالم الافتراضي عبر حسابات مجهولة المصدر، ولا يُعرف ما إذا كانت من داخل البلاد أو خارجها”.

وأضاف أن “هذا الغموض يجعل التعامل مع هذا الجيل صعبا، سواء بالنسبة للدولة أو للمجتمع المدني”، مؤكدا أن “السلطات الأمنية واجهت وضعا دقيقا، لأنها لم تكن تعرف مع من تتعامل ميدانيا، لكن تعاملها كان متوازنا، فتم السماح بالاحتجاجات السلمية ومحاسبة من تورطوا في التخريب”.

وفي السياق ذاته، دعا إسرى الشباب إلى النظر بعمق في التجارب الدولية، محذرا من “استيراد نماذج احتجاجية من الخارج دون مراعاة السياق المغربي”، وقال: “في النيبال مثلا، انطلقت احتجاجات مشابهة انتهت بإقالة رئيس الوزراء وتنصيب رئيسة جديدة، لكن أوضاع البلاد لم تتحسن ولم تصبح مثل الدنمارك أو السويد، بل تراجعت”.

وأكد أن “التغيير لا يكون بمجرد إسقاط الأشخاص، بل ببناء وعي جماعي وإصلاح مؤسساتي متدرج”، مشيرا إلى أن “الدولة المغربية تعترف بوجود اختلالات في الصحة والتعليم، وخطابات الملك محمد السادس نفسها طالبت مرارا بإصلاح المنظومة الحزبية والتربوية ومحاربة الفساد بلا هوادة”.

وشدد رئيس منظمة جيل تمغربيت على أن “جيل زد يعبر عن طموح مشروع لمغرب أفضل، لكن من واجب كل الفاعلين – من أحزاب ونخب ومجتمع مدني – أن يحتضنوا هذا الجيل ويوجهوه نحو الممارسة المسؤولة”، مضيفا: “نحن نريد مغربا بلا فساد، فيه تعليم جيد وصحة في المستوى، لكن يجب أن نعي أن لكل بلد سياقه ومساره، وأن الإصلاح يحتاج إلى وعي ونَفَس وطني طويل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *