شركتان عملاقتان تتنافسان على تدبير النقل العمومي بأكادير.. و”العمق” تكشف تفاصيل الصفقة

بعد سنوات من معاناة المواطنين من ضعف النقل العمومي وتراجع جودة خدمات شركة “ألزا” المدبرة للقطاع، تستعد مدن أكادير الكبير لدخول مرحلة جديدة لإعادة بناء منظومة النقل الحضري.
وفي هذا السياق، أطلقت مجموعة الجماعات الترابية للنقل والتنقلات الحضرية وشبه الحضرية طلب العروض المتعلق بالعقد الجديد للتدبير المفوض لخدمة النقل بالحافلات، في خطوة تهدف إلى إنهاء معاناة يومية طال أمدها، واستبدال شبكة قديمة بنموذج عصري.
وشهد مقر المجموعة المذكورة يوم الخميس الماضي، فتح الأظرفة الخاصة بالعروض التقنية والمالية، حيث دخلت شركتان رائدتان في المنافسة، هما مجموعة أوتاسا الإسبانية “Autasa” ومجموعة سوبراتور المغربية “Supratour”، في صفقة تمتد لعشر سنوات وتعد من أبرز المشاريع التي ينتظر أن تغير وجه النقل الحضري في مدينة أكادير وضواحيها.
ويهدف طلب العروض الذي أطلقته مجموعة الجماعات الترابية إلى اختيار مفوض جديد لتولي تدبير خدمة النقل العمومي للركاب بواسطة الحافلات وحافلات عالية الجودة، في نطاق أكادير الكبير، حيث يخضع هذا العقد لنظام التدبير المفوض وفق القانون 54-05 المتعلق بالمرافق العمومية، ويعتمد فلسفة تقوم على تقاسم المخاطر بين المفوض له وسلطة التفويض.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها جريدة “العمق”، فإن عملية الاختيار ستمر بثلاث مراحل رئيسية، بدءا بتقديم كل من الشركتين المتنافستين عرضها التقني والمالي مرفقا بالملفات الإدارية، ثم مرحلة الاستماع التي يتم خلالها دعوتهما لمناقشة العروض ومشروع العقد بشكل معمق، وأخيرا مرحلة الإنهاء التي يتم فيها اختيار الشركة المرشحة التي تحصل على أفضل تقييم شامل للدخول في مفاوضات نهائية قبل توقيع العقد.
ويجري تقييم العروض النهائية بناء على معايير محددة تشمل الأداء الاقتصادي والمالي بنسبة 30 في المائة، والتشغيل والصيانة بنسبة 40 في المائة، والتنظيم ومرحلة الانتقال بنسبة 17 في المائة، وجودة الخدمة بنسبة 8 في المائة، ثم الجانب القانوني بنسبة 5 في المائة.
وتقوم فلسفة العقد على نموذج تقاسم المخاطر، حيث تتكفل سلطة التفويض بالاستثمارات الكبرى مثل الحافلات والبنيات التحتية والمرافق الجديدة، بينما يتولى المفوض له مهام التشغيل والصيانة وتمويل جزء من الاستثمارات التكميلية، إضافة إلى تحصيل إيرادات التذاكر وفق التعريفة المعتمدة، وفي حال اعتماد تعريفة اجتماعية أقل من تعريفة التوازن، يمكن للمفوض له الاستفادة من دعم تعريفي يضمن استقرار التوازن المالي للعقد.
وتتوقع سلطة التفويض من المترشحين تقديم عروض تركز على تحديث منظومة النقل من خلال تجديد الأسطول بالكامل بحافلات حديثة ومريحة، واعتماد أنظمة معلوماتية متطورة لتتبع حركة النقل في الزمن الحقيقي عبر مركز القيادة والتحكم، وتطوير استراتيجية صيانة مهنية للأسطول والمرافق، وتحسين جودة الخدمة والانتظام والسلامة، وتطوير خدمة عملاء رقمية تشمل تطبيقا هاتفيا ومركز اتصال فعال، إلى جانب إدماج المقاربة الاجتماعية والبيئية ضمن سياسات التشغيل ومراعاة الفئات الهشة والنوع الاجتماعي.
وفي تصريح لجريدة “العمق”، أوضح جمال ديواني، رئيس مجموعة الجماعات الترابية أكادير الكبير للنقل والتنقلات الحضرية، أن المشروع تم إعداده بتنسيق وثيق مع وزارة الداخلية وولاية جهة سوس ماسة، وأن التنفيذ ستتكفل به شركة التنمية المحلية “أكادير الكبير للنقل والتنقلات” باعتبارها الآلية المركزية لتنزيل هذا الورش الاستراتيجي.
وأكد ديواني أن المشروع يشكل جزءا من استراتيجية شاملة لتأهيل النقل العمومي، مبرزا أنه يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في جودة الخدمات عبر منظومة ذكية ومتكاملة ترتكز على التكنولوجيات الحديثة وحكامة التسيير.
وأضاف أن دفتر التحملات المعتمد يفرض معايير دقيقة وصارمة تضمن جودة الخدمة ومهنية التشغيل، مع فتح المجال أمام تنافس نزيه وشفاف أساسه النجاعة والالتزام بخدمة المواطن.
ويتضمن التصور الجديد تشغيل الخط الأول للحافلات عالية الجودة “BHNS” على طول 15.5 كيلومترا بين ميناء الصيد وحي تيكوين، إلى جانب إعادة هيكلة الشبكة الحالية لتواكب النمو الديموغرافي والامتداد العمراني لأكادير الكبير الذي يضم أزيد من 1.8 مليون نسمة، كما سيشمل المشروع إطلاق دراسة جديدة للتعريفة بشكل أكثر عدلا ووضوحا، وإنشاء مركز صيانة حديث ومرافق لوجستية مجهزة وفق المعايير الدولية، مع تحسين ظروف عمل السائقين وضمان إدماج البعد البيئي والاجتماعي في السياسات التشغيلية.
وقد باشرت اللجنة التقنية المكلفة بالمشروع أعمالها لتقييم العروض المقدمة، في انتظار الإعلان عن الشركة الفائزة بالصفقة خلال الأسابيع المقبلة، كما ويرتقب أن يشكل هذا العقد الجديد نقطة تحول في تاريخ النقل الحضري بأكادير الكبير، بما يضمن خدمة نقل عمومي آمنة، منتظمة، وعصرية تليق بمكانة مدينة الانبعاث وتستجيب لتطلعات ساكنتها.
اترك تعليقاً