وداع عبد القادر مطاع.. رائد المسرح والدراما المغربية يورى الثرى وسط حضور باهت للفنانين (فيديو)

شُيع بعد ظهر اليوم الأربعاء، بمقبرة الشهداء في مدينة الدار البيضاء، جثمان الممثل الراحل عبد القادر مطاع، وذلك بعد أن وافته المنية أمس الثلاثاء بأحد المصحات الخاصة في العاصمة الاقتصادية، عن عمر ناهز الـ85 عاما.
وحضر مراسم التشييع عدد من جيرانه وأصدقائه، إلى جانب أربعة فنانين فقط، هم صلاح الدين بنموسى، عبد الكبير الركاكنة، نعيمة إلياس، وكريمة وساط، في غياب شبه تام لبقية أفراد الأسرة الفنية التي كان الراحل أحد رموزها وأعمدتها.
وخيمت أجواء من الحزن والتأثر على جنازة الفنان الذي بصم الذاكرة الفنية المغربية لعقود طويلة، حيث بدا واضحا حجم الفراغ الذي تركه رحيله في قلوب محبيه وزملائه القلائل الذين رافقوه إلى مثواه الأخير.
وفي تصريح لـ”العمق”، عبر الممثل صلاح الدين بنموسى عن تأثره العميق برحيل صديقه قائلا: “كان عبد القادر مطاع فنانا كبيرا بكل المقاييس، متقنا لأدواته، صوته وأداؤه وجسده، وكان نموذجا في الالتزام والاحتراف.”
وأضاف بنموسى في تصريحات صحفية، على هامش مراسم الجنازة: “هو أول من وضع بصمته في مجال الإشهار بالمغرب، وفتح الباب أمام الممثلين للمشاركة فيه منذ أواخر الستينات، حيث كنا نكتب ونمثل أعمالا إذاعية موجهة للإعلانات”.
وتابع بنموسى بأسى: “قبل شهر فقط كنت مكرما في مسرح بن مسيك، وكان هو من بين الحاضرين، لم أكن أتوقع أن أودعه بهذه السرعة، خبر وفاته صدمني وفقدت اليوم صديقا وفنانا لن يتكرر”.
من جهته قال الممثل عبد الكبير الركاكنة، إن الساحة الفنية المغربية فقدت برحيل مطاع “هرما من أهرامات الفن الوطني”، مضيفا: “كان رمزا في التمثيل بكل أنواعه، المسرحي، التلفزيوني، السينمائي والإذاعي، ومن المؤسسين الأوائل للدراما المغربية، وشارك في أولى التجارب الفنية مع فرقة المعمورة، حيث اشتغل على نصوص عالمية لكتاب كبار مثل شكسبير وموليير”.
وأشار الركاكنة في تصريحات صحفية، إلى أن الراحل “كان من الرواد الذين ساهموا في بناء الهوية الفنية المغربية منذ انطلاق التلفزة بالأبيض والأسود، كما شارك في أول فيلم سينمائي مغربي بعنوان “وشمة”، الذي ترك أثرا كبيرا في الذاكرة الجمعية للفن المغربي”.
وشدد الركاكنة، على أن “عبد القادر مطاع سيظل في القلب والذاكرة، لأن أعماله خالدة وستبقى شاهدة على مرحلة من أنصع فترات الإبداع المغربي، تعازينا الحارة لأسرته الصغيرة ولكل المغاربة الذين فقدوا اليوم رمزا من رموزهم الفنية”.
يشار إلى أن عبد القادر مطاع ولد بمدينة فاس سنة 1940، وبدأ مسيرته الفنية من خشبة المسرح، حيث تألق في عدد من الأعمال التي شكلت جزءا من ذاكرة المسرح المغربي.
تعرف الجمهور على موهبة الراحل الفريدة وحضوره القوي على الخشبة، قبل أن ينتقل إلى التلفزيون والسينما ليصير أحد الوجوه الأكثر احتراما ومحبة لدى الجمهور المغربي.
شارك الراحل في عشرات الأعمال الدرامية والتلفزيونية، من بينها “شجرة الزاوية”، “عائلة محترمة جدا”، و”الربيب”، كما ترك بصمته في أعمال سينمائية نالت تقديرا جماهيريا ونقديا، حيث تميز أداؤه بالعمق والصدق الفني، ما جعله من الفنانين القلائل الذين استطاعوا الجمع بين الاحترافية والبعد الإنساني في أدوارهم.
وعاش عبد القادر مطاع في السنوات الأخيرة معاناة صحية قاسية، إذ أصيب بعدة أمراض مزمنة، أبرزها فقدان البصر، الذي أثر بشدة على حياته اليومية وعلى قدرته على التواصل مع محيطه.
واضطر الفنان الراحل إلى الانعزال عن الوسط الفني والإعلامي، حيث لم يعد يتواصل مع زملائه أو يظهر في المناسبات العامة منذ عدة سنوات، ما جعل جمهوره يتساءل مرارا عن حالته الصحية.
اترك تعليقاً