أدب وفنون

“طر بي إلى القمر”ينافس في طنجة برسالة جريئة: الزواج ليس قيدا ولا قدرا

شهدت الدورة الخامسة والعشرون من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة مشاركة عمل سينمائي قصير لافت بعنوان “طر بي إلى القمر” للمخرج زكرياء النوري ومن إنتاج رؤوف الصباحي، حيث ينافس الفيلم ضمن المسابقة الرسمية، متناولا موضوعا جريئا ومثيرا للنقاش حول حرية الاختيار والتصادم مع الأعراف.

يقدم الفيلم، الذي لا تتجاوز مدته 15 دقيقة، قصة فتاة في ربيعها الرابع والعشرين تُدعى فريدة، تجد نفسها في مفترق طرق في ليلة يُفترض أن تكون من أسعد أيام حياتها، فوسط أجواء العرس المغربي التقليدي، بحضور الأهل والأقارب والأصدقاء، تتسلل إلى الشاشة ملامح توتر دفين في وجه العروس، لتنكشف تدريجيا خيوط قصة أخرى، أكثر تعقيدا، وأكثر صدقا.

فريدة، التي تظهر في البداية صامتة ومستسلمة لمجريات الطقوس، تحمل في داخلها عاصفة قرارات، وفي اللحظة الحاسمة، تختار قلب الطاولة والهروب من زواج مفروض، متحدية التقاليد والسلطة الاجتماعية، لكنها لا تهرب عبثا، بل تسير نحو حريتها، نحو الشخص الذي تحب، في مشهد رمزي يشبه فعل الطيران إلى فضاء بلا جاذبية وبلا قيد.

ويقدم الفيلم تمثيلا بصريا شاعريا ومكثفا لحالة نفسية معقدة، من خلال لغة سينمائية هادئة ولكنها محملة بالتوتر، تعكس اضطراب القرار الداخلي وصعوبة التحرر من القيود الاجتماعية، وهو ما يشير إليه عنوان “طر بي إلى القمر”.

وفي هذا الصدد، اعتبرت بطلة الفيلم، ندى هداوي في تصريح لـ “العمق”، أن مشاركتها في هذا العمل تنبع من قناعتها الشخصية بضرورة التعبير عن قضايا المرأة، واستخدام الفن كوسيلة لتسليط الضوء على واقع اجتماعي تعيشه كثير من النساء.

وقالت:” الفيلم يطرح موضوعا حساسا بطريقة صادقة، فتاة تُجبر على الزواج لكنها تختار أن ترفض، وتتحمل مسؤولية قرارها، الرسالة التي أردنا إيصالها هي أن الزواج اختيار وليس واجبا يُفرض”.

وأضافت، بداية الفيلم توحي بحفل زفاف عادي، لكن سرعان ما يكتشف المشاهد أن العروس غير مقتنعة، ما يفتح بابا واسعا للتأويل والنقاش حول حرية المرأة في اتخاذ قرارات مصيرية تخص حياتها.

وعن الانتقادات التي توجه للأعمال من هذا النوع، والتي يعتبرها البعض تحريضا على التمرد أو خروجا عن القيم المجتمعية، ردت ندى هداوي: “أحترم جميع الآراء، فكل شخص يرى الأمور من زاويته الخاصة ووفق تربيته ومبادئه، هناك من يعتبر هذه الأفلام شكلا من أشكال الحرية والتعبير الفني، وهناك من يراها جرأة زائدة، في النهاية، السينما ليست أداة للتحريض، بل فضاء للنقاش والتفكير وطرح الأسئلة دون أحكام مسبقة”.

وترى الممثلة الشابة أن الفن الحقيقي هو الذي يثير التساؤلات ويحرك الوعي، لا الذي يرضي الجميع، قائلة: “أحاول أن أكون صوتا للنساء وقضاياهن، لأن السينما مرآة للمجتمع، ودوري كفنانة أن أعبر بصدق عن تجارب الناس، خصوصا النساء اللواتي يجبرن أحيانا على الصمت أو التنازل عن اختياراتهن”.

وبشأن مشاركتها في مهرجانات كبرى كمراكش وطنجة، عبرت ندى عن سعادتها وفخرها بهذه الخطوات، معتبرة أن حضور أعمالها في تظاهرات وطنية مهمة يشكل دافعا للاستمرار في تقديم أدوار مؤثرة، متمنية أن تتاح لها الفرصة للمشاركة في المهرجانات الدولية.

وعن علاقتها بالجوائز، فتوضح ندى هداوي أنها لا تضعها في مقدمة اهتماماتها:”طبعا من الجميل أن يحصل الممثل أو العمل على جائزة، لكنها ليست المعيار الحقيقي لقيمة الفيلم، الأهم بالنسبة لي هو أن أكون راضية عما قدمته، وأن يلمس الجمهور صدق الأداء والرسالة”.

وفي حديثها عن دور الفنان في القضايا الاجتماعية والسياسية، تؤكد ندى أن التعبير عن الرأي حق للجميع، شرط أن يتم ذلك بوعي واحترام: “الفنان جزء من المجتمع، ومن الطبيعي أن يكون له رأي في ما يحدث حوله، لكن يجب أن يتحدث عن المواضيع التي يفهمها ويؤمن بها، لا بدافع الركوب على الموجة أو المصلحة، حين أشعر أن هناك قضية تستحق أن أتناولها، أفعل ذلك بطريقة تحترم الناس وبلدي”.

وكشفت ندى عن جديدها الفني، موضحة أنها تواصل العمل في مشاريع متنوعة بين التلفزيون والسينما: “أشارك في مسلسل كوميدي جديد سيعرض في رمضان، وأطل على الجمهور حاليا من خلال مسلسل قفطان خديجة، كما انتهيت من تصوير فيلم تلفزيوني من إخراج حميد باسكيط بعنوان شذة وتزول، وهو أول فيلم تلفزي ألعب فيه دور البطولة، وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *