منتدى العمق

الرجاء العالمي .. الذي نريد

ما من شك في أن الكرة المغربية شهدت في السنوات الأخيرة صحوة إيجابية تستحق التنويه ، سواء تعلق الأمر بالعناية بالبنيات التحتية ، الكفيلة بتنظيم تظاهرات رياضية رفيعة المستوى ، أو تعلق الأمر بالمنجزات الفنية الطيبة التي حققتها الأندية الوطنية عن جدارة و استحقاق ، دون أن نعني بذلك أننا وصلنا إلى هدفنا المنشود : عقلة الرياضة الوطنية و مأسسة منجزها الشامل ؛ فالطريق نحو هذا المسعى شاق وطويل .

و يهمني في هذا السياق أن أتطرق إلى حال و مآل فريق كروي وطني عزيز على كل المغاربة ألا و هو الرجاء البيضاوي ، لما له من وضع اعتباري خاص ، و مكانة رمزية بالغة الأهمية في قلوب المعنيين بالشأن الرياضي ، المكانة التي تبلورت عبر ألقاب و نتائج وطنية و دولية معتبرة ، بل أكاد أقول إن النادي الرياضي المغربي الذي غطت سمعته آفاق و أقطار المعمور هو الرجاء الذي نتمنى له مزيدا من الـتألق و الامتداد اللامحدود .

لكن نقط ضعف كثيرة عالقة في سماء القلعة الخضراء ، تمنعه أحيانا كثيرة من الانطلاق و المضي قدما في حصد النتائج الكبرى ، التي تعكس تطلعاته المحلية و الدولية ، صحيح أن الرجاء العالمي ينافس الآن على أكثر من ميدان ، في البطولة يحتل الآن الرتبة الثالثة مع مقابلة ناقصة ، و إفريقيا ينافس بقوة كبار النوادي لإحراز الكأس الكونفدرالية الإفريقية ، و عربيا و رغم هزيمته غير المفهومة أمام نجم الساحل التونسي في مقابلة الذهاب و أمام جمهوره ، فإنه قد يقلب الطاولة على الخصم و يعود بنتيجة مشجعة ، و في جميع الحالات يظل الرجاء علامة مفصلية في الرياضة الوطنية . لكن أبرز المعيقات أمامه غياب الاستقرار الإداري و التقني ، و تعاقب مسؤولين عديمي الكفاءة الأخلاقية و المهنية على تدبير شؤونه الرياضية ، و الانتدابات غير المدروسة ، و التي لا تخضع لأي منطق عقلاني سليم ، فجل اللاعبين المتميزين داخل النادي هم من أبناء المدرسة ، الترحال اللانهائي للعب خارج الدار البيضاء ، بدعوى خضوع مركب محمد الخامس ” للإصلاح ” ، مما يعرض اعتمادات خزينته المالية للاستنزاف و مسانديه للمعانات ، و هم متنقلون بين المدن المغربية .

الرجاء العالمي في حاجة ماسة إلى إصلاح إداري ثوري ، و تخطيط استراتيجي علمي ، و تطعيم غلافه المالي عبر مستشهرين و مختضنين و مؤسسات تجارية رسمية و خاصة ، و لاعبين محليين و دوليين ذوي مهارات رفيعة من أجل مقارعة النوادي الدولية ، خاصة و أنه يملك أهم ما يحلم به أي فريق آخر ؛ الجمهور المنقطع النظير على الصعيد العالمي ، كما أنه ليس مجرد مجموعة رياضية تمثل مدينة في قلب المغرب ، بل إنه المغرب عينه ، بتأثيراته الأسطورية على الناشئة ، و إنجازاته الرياضية عابرة الحدود ، فكلنا مع الرجاء العالمي ، و كلنا مع الرياضة المغربية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *