الموت القادم من الصين (كوفيد 19)

يعتبر فيروس كورونا ( كوفيد 19) موتا حقيقيا ظهر لأول مرة في العالم أواخر سنة 2019 في مدينة ووهان الصينية، بعدها شد الرحال إلى باقي بلدان المعمور، وقد خلف من ورائه ملايين المصابين وآلاف الموتى في شتى دول العالم لحد الآن، تتقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا واسبانيا والصين وفرنسا وإيران … كما أدخل هذا الفيروس الصغير الذي لا يرى بالعين المجرد العالم بأسره شرقا وغربا، شمالا وجنوبا في أزمات لم يسبق لها مثيل من قبل ؛ سياسية واقتصادية وتجارية، وأرخى بظلاله على الحياة الاجتماعية والنفسية للإفراد والأسر التي لم تستطع العيش معه في فترة الحجر الصحي الذي نهجته معظم الدول التي ظهر فيها الفيروس؛ في إطار الحد من انتشار الفيروس حتى إيجاد لقاح مضاد أو علاج له من طرف وزارة الصحة العالمية، أو المختبرات العالمية الرائدة في هذا المجال.
لقد كشف هذا الفيروس الصغير بالملموس عورة مجموعة من الدول الشحيحة التي لا تنفق على قطاعي التعليم والصحة من ميزانياتها الضخمة، وعائداتها الكبيرة من الثروات الطبيعية التي تتوفر عليها؛ من ذهب وفضة وبترول، إضافة إلى الضرائب التي تجبر مواطنيها على تسديدها عاجلا أم آجلا، وفي مقدمتها الدول العربية التي تنتظر أن تجد دول الغرب لقاحا أو علاجا للمرض، قبل أن يحصد المزيد من أرواح العمال والمستهلكين والمتشردين، اللذين يعتبرون عبيدا لأصحاب المال والأعمال في جل الدول العربية التي تنهج نظاما عسكريا لمواجهة مطالب هذه الفئة الهشة المغلوب على أمرها من المجتمع، والتي تبحث عن قوت يومها وأولادها لا أقل ولا أكثر.
في الضفة الأخرى من العالم (أمريكا وأوربا) تتسارع المختبرات والعلماء في اجاد لقاح للمرض قبل نهاية 2020 الذي يعتبرونه حربا غير مرئية، سيدفع ثمنها دول العالم الثالث وأفريقيا الآن أو بعد حين، لأن دول أوروبا وأمريكا لن تتطوع في سبيل الله لاجاد اللقاح والعلاج لهذا الفيروس الفتاك الذي ينخر العالم منذ أواخر 2019.
هذا ما قد يعجل بحرب عالمية ثالثة إذا قدر الله بنكهة الفيروسات، بدل الأسلحة الفتاكة والإعلام الممول من الشرق؛ وخاصة بعض دول الخليج العربي، ودول أوربا الذين يمولون حلفاءهم داخل أوطانهم بتقديم الحصنات والجنسيات، والصين بدورها لن تتنازل عن حصتها من الثروات الطبيعية في العالم، وتركيا بدورها أصبحت يقالم لها ألف حساب في المنطقة، كما تفعل أمريكا بد ورها في جل بقع العالم خفية أو معلنة.
نسلط الضوء على البلاد الذي نعيش فيه، المغرب، وبعض الدول العربية التي تنهج الحكم العسكري في تسير الشؤون الداخلية، لممارسة هوايتها المفضلة، وهي قمع الشعب واستغلال أصغر الفرص لبسط المزيد من السلطة والقمع والهيمنة على الشعب وإصدار القرارات الحكومية التي تستهدف الفقراء والطبقة المتوسطة من المجتمع. وسلطوا علينا الاعلام الممول من ضرائب الشعب، وعائدات الثروات الطبيعية لديهم. وأسطروا هذا الفيروس، وضخموا من حجمه الصغير على شاشاتهم التلفازية وإذاعتهم المسموعة وروعوا المواطنين الذين أجبرهم على البقاء في منازلهم لشهور منذ ظهور الفيروس، هذا ما جعلنا نتذكر سنوات الجمر والرصاص بنكهة الكورونا التي مر منها المغرب في سبعينيا وثمانينيات القرن الماضي، والتي خلفت وراءها آلاف القتلى والجرحى والمتشردين في شوارع البلد، وهناك من كان ينظر طويلا هذه الفرصة لتمرير مخططاته التي تستهدف القدرة الشرائية للمواطنين والقطاعات الحيوية على رأسها التعليم والصحة. في الوقت التي تواجه دول العالم هذا الفيروس بالعلم وبناء المستشفيات وتوعية الشعب لأي طارئ منتظر لأن القادم سيكون أسوء لمحال في العالم بأسره في السنوات القادمة.
اترك تعليقاً