تحولات الشعاب المرجانية قد تغير الحدود البحرية وتفتح باب النزاعات الدولية

يستمر العلماء في الكشف عن المخاطر العظيمة التي تنجم عن تداعيات التغيرات المناخية، والمثير في تلك المخاطر أن منها ما له طابع سياسي قد يؤدي إلى نزاعات دولية في المستقبل.
ومن المعروف أن الحدود البحرية بين الدول من الناحية القانونية تعتمد على الشعاب المرجانية وجزرها، لكن تداعيات التغيرات المناخية على هذه البنيات المرجانية تؤثر على رسم الحدود البحرية الدولية.
ومن شأن التغيرات التي قد تطال رسم الحدود البحرية الدولية أن تثير صراعات بين الدول.
فماذا كشفت الدراسة الجديدة في هذا المجال؟ وما حجم الخطر الذي تنطوي عليه تداعيات التغيرات المناخية على التضاريس المرجانية؟
التضاريس المرجانية تحت رحمة التغيرات المناخية
وجدت دراسة جديدة، حسب الجزيرة نت، أن تداعيات التغير المناخي على البيئة البحرية والشعاب المرجانية، على وجه الخصوص، قد تؤثر على رسم الحدود البحرية الدولية.
وقال باحثون من جامعة سيدني (University of Sydney) في أستراليا -في دراستهم التي نُشرت في دورية “إنفايرونمينتال ريسيرتش لترز” (Environmental Research Letters)- إن المتغيرات المناخية ستؤثر على بنود الجزر المرجانية وشعابها المرجانية في القانون الدولي للبحار.
وتتعرض تلك الجزر والشعاب المرجانية للضغط بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتحمض المحيطات، مما يعطل سلامتها؛ وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إثارة الشكوك في القانون الدولي، وربما إثارة النزاعات حول الحدود البحرية.
وحسب بيان صحافي صادر عن جامعة سيدني في التاسع من سبتمبر/أيلول 2022، حسب نفس المصدر، فإن جزر الشعاب المرجانية وشعابها الموجودة في المحيطين الهندي والهادي تنمو وتتقلص بشكل طبيعي بسبب العمليات البيولوجية والفيزيائية المعقدة التي لم تفهم بالكامل بعد.
ومع كل ذلك، فإن الباحثين يرون أنه لم يحن الوقت بعد للذعر، فقد تساعد عدة تقنيات وأساليب جديدة، إلى جانب البحث الموسع في سلوك جزر الشعاب المرجانية، على تبديد بعض مخاوف الصراعات الحدودية البحرية جراء تأثر الشعاب المرجانية بالتغير المناخي.
الأساس القانوني لرسم الحدود البحرية
وحسب البيان، فإن جزر الشعاب المرجانية التي تتكون من تراكم الشعب المرجانية هي الأساس القانوني للعديد من المناطق البحرية الكبيرة.
وبالتالي، سيكون للاضطرابات المناخية، التي تشهدها تلك المناطق والتي تحدث في العقود المقبلة، تأثير كبير ليس على الجزر الصغيرة للدول فحسب، ولكن في تأجيج نزاعات حدودية في أماكن عديدة مثل بحر جنوب الصين.
وفي هذا الصدد، قال فرانسيس أنجادي من كلية الحقوق بجامعة سيدني “بالنسبة للجزر المرجانية، يستخدم خط المياه المنخفضة الخارجي للشعاب المرجانية كخط أساس قانوني لإنشاء مناطق بحرية”. ويضيف أن “الخسارة المحتملة للمناطق البحرية بسبب التغيرات في خطوط الأساس للشعاب المرجانية الناجمة عن تأثير تغير المناخ هي مصدر قلق خطير لدول مثل كيريباتي، وهي أرخبيل يقع في المحيط الهادي الأوسط الاستوائي، وكذلك للدول الأكبر مثل أستراليا التي تعتمد على الشعاب المرجانية والجزر، للحفاظ على حدودها البحرية”.
إذ لا يوجد اتفاق واضح حول إذا ما كانت التغيرات في السلامة الهيكلية لجزر الشعاب المرجانية بسبب المناخ ستؤدي إلى نقاط ضعف قانونية، وبالتالي من الواضح أن هناك حاجة إلى فهم أكثر تفصيلا لسلوك جزر الشعاب المرجانية إلى جانب إعادة التفكير في القواعد القانونية”.
4 أسباب تعطل أنظمة الشعاب المرجانية
وحسب البيان، هناك 4 طرق يؤدي من خلالها تغير المناخ إلى تعطيل أنظمة الشعاب المرجانية والتي قد تؤثر على الحدود البحرية:
- ارتفاع مستوى سطح البحر
- ارتفاع درجة حرارة المحيطات
- تحمض المحيطات
- زيادة العواصف
ولكل من هذه العوامل تأثير على العمليات الفيزيائية الحيوية المترابطة التي تسمح بإنشاء وتراجع واستقرار هيكلي شامل للشعاب المرجانية والجزر.
فعلى سبيل المثال، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى طرد الطحالب المتكافلة في الشعاب المرجانية واللافقاريات الأخرى، مما يؤدي إلى تبيض المرجان، وإذا مات عدد كبير من الكائنات المرجانية يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار الشعاب المرجانية، وبدوره قد يؤدي إلى انكماش خط المياه المنخفضة الخارجي للشعاب المرجانية مما يقلل من أساس المطالبة البحرية.
ويقول الدكتور توماس فيلوز -من كلية علوم الأرض بجامعة سيدني والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية- إن “الشعاب المرجانية معرضة للخطر، وتزدهر فقط ضمن نطاق محدد من الظروف الفيزيائية الحيوية والمحيطية والمناخية، لكن التغيرات في الترسبات بسبب تغير المناخ قد تدعم الجزر المرجانية، وتعزز بعض المطالبات في الحدود البحرية”.
التكنولوجيا قد تساعد في الحل السياسي
من ناحية أخرى، يقول البيان إن الباحثين يقترحون -لحل مشكلة الحدود البحرية في ظل تغير المناخ- تحديد خطوط الأساس للشعاب المرجانية بإحداثيات جغرافية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو أساليب الاستشعار عن بعد.
ويضيف البيان أنه لكي تنجح مثل تلك الأساليب، فإن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات حول كل نظام جزر الشعاب المرجانية من أجل تحديد النطاق الحقيقي للمطالبات في ترسيم الحدود البحرية الحالية بدقة أكبر وفهم جوانب تغير المناخ التي قد تؤثر في المستقبل.
اترك تعليقاً