خارج الحدود

مفوض حقوق الإنسان: يصعب على سكان غزة البقاء على قيد الحياة في ظل الحصار الكامل

اعتبر المفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أنه يصعب على سكان غزة البقاء على قيد الحياة في ظل الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل منذ بداية الحرب الحالية، قائلا: “كي ينتهي العنف، يجب أن ينتهي الاحتلال”.

وقال المفوض الأممي: “بينما يتواصل القصف على غزة من الجو والبر والبحر، فإن الحصار الكامل الذي يستمر الآن لأكثر من شهر يجعل من الصعب على سكان غزة الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وحتى البقاء على قيد الحياة، بكل صراحة. يجب وضع حد لجميع أشكال العقاب الجماعي”.

وأضاف فولكر، اليوم الجمعة، أنه يود مشاركة ما رآه وسمعه من الفلسطينيين والإسرائيليين في الأيام الأخيرة، أن نحو 4400 طفل في غزة قتلوا خلال الشهر الماضي، وربما لا يزال كثيرون آخرون محاصرين تحت أنقاض المباني التي تم قصفها.

وأشار إلى أكثر من 26 ألف شخص أصيبوا، وهم إما ليس بإمكانهم تلقي العلاج بسبب انهيار النظام الصحي في غزة، أو يواجهون احتمال الخضوع لعمليات جراحية من دون تخدير.

وتابع قوله: “سمعتُ أيضاً عن أشخاص من ذوي الإعاقة فقدوا مقدمي الرعاية لهم، وإمكانيةَ حصولهم على الأدوية الأساسية. كان على الناس اتخاذ قرارات مصيرية بشأن ترك أحد أفراد الأسرة من ذوي الإعاقة والمخاطرة بالتعرض للضربات في طريق الهروب، أو البقاء معهم والمخاطرة بالتعرض للقصف في المنزل”.

وأوضح أن القصف الإسرائيلي المكثف على غزة، بما في ذلك استخدام الأسلحة المتفجرة شديدة التأثير في المناطق المكتظة بالسكان، وتسوية عشرات آلاف المباني بالأرض، كان له تأثير مدمر على الوضع الإنساني وحقوق الإنسان.

ويرى مفوض حقوق الإنسان أنه بعد 4 أسابيع من القصف الجوي والمدفعي من قبل القوات الإسرائيلية في غزة، أصبحت الآثار العشوائية لهذه الأسلحة في منطقة مكتظة بالسكان واضحة، داعيا إسرائيلإلى الوقف الفوري لاستخدام مثل هذه الأساليب ووسائل الحرب، والتحقيق في الهجمات.

وتابع قوله: “نحن مستمرون في مراقبة الغارات وعددٍ من الحوادث التي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك الغارات على المناطق السكنية في جباليا ومدينة غزة والبريج والنصيرات والمغازي وخان يونس”.

واعتبر أنه بالنظر إلى المستوى المرتفع، الذي يمكن التنبؤ به، من الضحايا المدنيين، والنطاق الواسع من الدمار الذي لحق بالمرافق المدنية، لدينا مخاوف جدية جداً من أن ترقى تلك إلى مستوى هجمات غير متناسبة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، حسب قوله.

وأشار إلى الغارات على المستشفيات والمناطق المجاورة للمستشفيات في مدينة غزة مكثفة، وخاصة حول أكبر مستشفيين في المنطقة – المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا ومستشفى الشفاء في مدينة غزة، وفي الوقت نفسه، فإن الغارات على المناطق المحيطة تجعل الوصول إلى المستشفيات صعباً، بما في ذلك عن طريق تدمير الطرق.

وقال: “بعض المستشفيات، مثل مستشفى القدس والشفاء، تلقت أوامر إخلاء تضاف إلى تلك التي تلقاها جميع سكان شمال غزة. لكن مثل هذا الإخلاء، كما حذرت منظمة الصحة العالمية، هو بمثابة “حكم بالإعدام”، في سياق ينهار فيه النظام الطبي بأكمله، وحيث لا تملك المستشفيات في جنوب غزة القدرة على استيعاب المزيد من المرضى”.

كما أن مطالبة المدنيين بالانتقال إلى “منطقة آمنة” محددة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية تثير القلق الشديد، يقول المتحدث، مشيرا إلى أن ما تسمى “المنطقة الآمنة”، عندما يتم إنشاؤها من جانب واحد، يمكن أن تزيد من المخاطر التي يتعرض إليها المدنيون، وتثير تساؤلات حقيقية حول إمكانية ضمان الأمن على أرض الواقع.

وشدد على أنه حالياً، لا يوجد أي مكان آمن في غزة، إذ ترد تقارير عن القصف في جميع أنحاء القطاع. يجب أيضاً أن يكون واضحاً تماماً أن المدنيين يتمتعون بالحماية بموجب القانون الدولي أينما حلّوا، يقول المفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.

وأردف قائلا: “ما نحتاجه بشكل عاجل -قد قلت ذلك مرارا، وكررته عند معبر رفح في مصر- هو أن يتفق الطرفان على وقف لإطلاق النار مبني على الضرورات الملحة لحقوق الإنسان، لتوصيل الغذاء والماء والسلع الأساسية الأخرى إلى الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، وأينما كانوا، في جميع أنحاء غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وفتح الطريق أمام مخرج مستدام من هذا الكابوس في غزة”.

وتابع قوله: “سمعت مع نشطاء إسرائيليين مدافعين عن حقوق الإنسان، أنهم يشعرون بأسىً وغضبٍ شديدَيْن إزاء محنة المدنيين في غزة. ويشعرون أيضاً بالانزعاج مما يسببه ذلك لإسرائيل. في الواقع، ما قالوه لي، وأنا أقتبس: “لا يُسمح لنا بالتظاهر من أجل السلام. سنخرج من هذه الحرب بحرية أقلّ بكثير. لا نعرف أي نوع من المجتمع سينتج بعد أن ينتهي كل ذلك”.

واسترسل: “سمعت من نشطاء فلسطينيين مدافعين عن حقوق الإنسان مخاوفهم بشأن ازدواجية المعايير. وشددوا على فشل المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته بضمان احترام القانون الدولي الإنساني، واستخدام تأثير الدول لوقف المعاناة غير المعقولة للمدنيين وسط هذا الجنون”.

الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، فولكر تورك، السلطات الإسرائيلية، بشكل عاجل، أن تتخذ تدابير فورية لضمان حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يتعرضون يومياً للعنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين، ولسوء المعاملة، والاعتقالات، والطرد، والترهيب والإذلال.

وقال في هذا الصدد: “لقد كان هذا العام بالفعل الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث قُتل 200 شخص تقريباً حتى قبل السابع من أكتوبر، وقد أطلقنا تحذيرات حول ذلك خلال العام الماضي”.

وأوضح أنه منذ بداية أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن 176 فلسطينياً، من بينهم 43 طفلاً وامرأة واحدة، معظمهم بنيران قوات الأمن الإسرائيلية، و8 منهم على الأقل من قبل مستوطنين، وأكثر من 2000 فلسطيني تم اعتقالهم واحتجازهم في عمليات قاسية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وقد وثقنا حالات مزعجة من سوء معاملة بحق معتقلين وعائلاتهم.

وأضاف: “هذا العام، استخدمت القوات الإسرائيلية بشكل متزايد التكتيكات العسكرية والأسلحة في عمليات إنفاذ القانون. يوم أمس وحده، قُتل على الأقل 14 فلسطينياً بنيران القوات الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين. ووقعت أيضاً أربع إصابات أخرى أمس في الضفة الغربية. يجب أن تتم عمليات إنفاذ القانون في الضفة الغربية المحتلة بما يتوافق بشكل صارم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

كما حدثت زيادة حادة في العنف من قبل المستوطنين واستيلائهم على الأراضي في جميع أنحاء الضفة الغربية، يضيف المسؤول الأممي، “ومنذ 7 أكتوبر، أُجبر ما يقرب من ألف فلسطيني من 15 مجتمعاً رعوياً على الأقل على ترك منازلهم. وفي سياق البيئة القهرية التي يعيشون فيها، قد يرقى تهجير هذه المجتمعات إلى مستوى التهجير القسري للسكان – وهو انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة”.

وختم قوله: “الحل لهذا الوضع هو إنهاء الاحتلال، والاحترام الكامل لحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وكما قلت مراراً وتكراراً: كي ينتهي العنف، يجب أن ينتهي الاحتلال. ويجب على الدول الأعضاء أن تبذل كل الجهود اللازمة لتحقيق سلام مستدام لجميع الفلسطينيين والإسرائيليين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *