وجهة نظر

امرأة بحلم.. وبعلم

أورد الأبشيهي شهاب الدين في مؤلفه “المستطرف” الخبر الآتي: “نظر رجل إلى امرأته وهي صاعدة في السلم، فقال لها: أنت طالق إن صعدت،وطالق إن نزلت، وطالق إن وقفت، فرمت بنفسها إلى الأرض، فقال لها: فداك أبي وأمي إن مات مالك احتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم”(ص.27).فهذه المرأة،التي جمعت فأ وعت،حليمة وحكيمة. تطيع زوجها، وتحبه كثيرا. ولو أمرها أن تلقي بنفسها من عل ، لفعلت. ليست نشازا، ولم يعقدها علمها في طاعة زوجها التي تعلم جيدا أنها جزء من طاعة الله.

والرجل الأناني الذي هرع لنجدة زوجته، لا نعرف درجة علمه أو عرفانه من الحديث. ندرك بقوله درجة زوجته العلمية التي تصل مرتبة الإفتاء الذي جعله بعض فقهائنا مخصوصا على الذكور دون الإناث كما نفهم من مصادر “الأحكام السلطانية” و”إعلام الموقعين عن رب العالمين” .

وهو عكس أيضا ما ورد في كتاب العلم من صحيح البخاري. جاء في باب الحياء في العلم الحديث التالي : ” قالت عائشة : نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين”. ومعناه، أن نساء الأنصار، يلبسن من الحياء كل ملبس، وفقيهات في الدين.. في علم عد من العلوم النافعة.

أن يحتاج أهل المدينة لامرأة في أحكامهم، يفيد أنها بحجم الإمام مالك أو ما يزيد. امرأة بحلم وبعلم وازنين. أي بعلم وعمل.ليصير إلى تعليم مع موت مالك. فضلا عن أن هذه العالمة، تقدم أنموذجا في الطاعة قبل الإمامة. بدأت بتأديب نفسها قبل تأديب غيرها.

وهذا يذكرنا بالقول المأثور لعلي رضي الله عنه :”من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه”. وهذا هو جوهر العلم أي تعليم وعمل.قال تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2-3}