أزمة السيناريو في المغرب ليست أزمة كتاب بل أزمة احتكار ووساطة

يُعاد الحديث عن أزمة السيناريو في المغرب كلما طفت إلى السطح أعمال تلفزيونية أو سينمائية بغير أقلام مغربية أو مسروقة من أعمال أجنبية، كما هو الحال مع مسلسل “الدم المشروك” الذي أثار جدلا خلال هذا الشهر الكريم، بسبب كونه دراما مغربية لكن بسيناريو مصري. ويبدو أن التبرير الجاهز دوما هو “ندرة كُتّاب السيناريو المغاربة”، لكن الحقيقة مختلفة تماما.
ليست أزمة السيناريو في المغرب أزمة إبداع، بل أزمة احتكار ووساطة. لدينا كُتّاب سيناريو موهوبون، لكنهم مهمشون، لا لشيء سوى لأن الفرص لا تُمنح للكفاءة، بل تُمنح بناء على “الكالة”، أي العلاقات الشخصية والوساطة والمحسوبية. شركات الإنتاج وبعض المخرجين أنفسهم يحتكرون المشهد، يختارون نفس الأسماء في كل عمل، ويغلقون الأبواب في وجه الأصوات الجديدة التي قد تحمل أفكارا جديدة ورؤى مغايرة.
عندما يتجه الإنتاج المغربي نحو سيناريو مصري، فهو لا يفعل ذلك لأنه لم يجد كتاب سيناريو مغاربة أكفاء، بل لأنه لم يبحث عنهم أصلا. فهناك أعمال لو أتيحت لها الفرصة، لتفوقت على كثير مما يُعرض اليوم. لكن هذه الأعمال تبقى حبيسة الأدراج لأن “الكالة” تقف حاجزا أمامها.
الوضع الفني في المغرب اليوم يُشبه دائرة مغلقة: نفس الأسماء، نفس شركات الإنتاج، نفس الوجوه، ونفس الإبداع المكرر. والنتيجة؟ أعمال لا تعكس عمق ثقافتنا، ولا تعطي للمبدعين الحقيقيين فرصة لإثراء المشهد. الحل ليس في الاستعانة بسيناريوهات من الخارج، بل في كسر هذا الاحتكار، وفتح المجال أمام المواهب الحقيقية.
ومن نافلة القول، فالدراما والسينما المغربية أمام مفترق طرق: إما أن تبقى حبيسة النمطية والاحتكار، أو أن تنفتح على الطاقات الحقيقية القادرة على دفعها إلى مستوى المنافسة العربية والدولية. والاختيار هنا ليس بيد كُتاب السيناريو وحدهم، بل بيد المسؤولين عن الصناعة الفنية، الذين عليهم أن يدركوا أن مستقبل الدراما لا يمكن أن يُبنى على المجاملات، بل على الإبداع والحرية والانفتاح. فالسينما والتلفزيون المغربيان لن يتطورا إلا إذا تم الاعتراف بأن الإبداع لا يُولد في الصالونات المغلقة، بل في العقول التي تنتظر فقط أن تُمنح فرصة عادلة.
اترك تعليقاً